العدد 55 - اقتصادي
 

محمد علاونة

رغم الاتجاه الصعودي الذي انتهجته بورصة عمان خلال الاسبوع الماضي مع بلوغ مؤشر السوق حاجزاً نفسياً جديداً فوق 2900 نقطة، تعيش بورصة عمان وضعاً صعباً مع التراجع الذي شمل الأسهم كافة، مع انخفاض مؤشر السوق بأكثر من 23 في المئة منذ بداية العام 2008، والذي تفاقم مع تفجر الأزمة المالية العالمية في الولايات المتحدة الأميركية حتى طاولت تداعياتها معظم الأسواق العربية.

التراجع الحاصل يأتي وسط إجماع لدى المتعاملين في السوق من وسطاء ومستثمرين بأن العامل النفسي الذي غذته الأزمة المالية العالمية لعب دورا أساسيا في حالتي التداول والأسعار، فإن هنالك مخاوف من انعكاسات سلبية لعوامل داخلية تتعلق بعدد من القطاعات على السوق في المرحلة المقبلة.

الأرقام الصادرة عن السوق تبين أن القيمة السوقية هوت بنسبة 15 في المئة منذ بداية العام 2008 لتراوح حول 24 بليون دينار، بينما القيمة الإجمالية التي يملكها المستثمرون ومنهم الأردنيون تراجعت إلى نحو 25.1 بليون دينار مع نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مقارنة مع 35.5 بليون دينار سجلته تلك الملكيات في أيلول/سبتمبر الماضي، بحسب بيانات صادرة عن مركز ايداع الأوراق المالية.

وفي قراءة لعلاقة الأزمة العالمية ببعض القطاعات فإن أسهم الحديد والدهانات تلقت ضربة موجعة نتيجة الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار تلك المواد عالميا مع وجود كميات مخزنة لدى التجار.

وهنالك شركات الصناعة والتعدين التي تعرضت هي الأخرى لنكسة بسبب ارتفاع الأسعار والكلفة بالنسبة للأولى وانخفاض أسعار المواد المصدرة بالنسبة للثانية، والذي يمكن أن يساهم بشكل ملموس في نتائج أعمالها وربحيتها.

قطاع البنوك قد يساهم، بشكل غير مباشر، في شح السيولة في المرحلة المقبلة نتيجة التحفظات المفروضة على تقديم تسهيلات، في الوقت الذي ستقوم به هذه البنوك مجبرة بتسييل ما تملكه من ضمانات كأسهم تراجعت بحدة وفقدت الكثير من قيمتها في خطوة لتحصيل ديونها والحفاظ على حقوقها.

السوق كما يرى متعاملون ستعيش حالة تناقض فيما يتعلق بالعوامل الداخلية المؤثرة، فأرباح الشركات التي أظهرت زيادة ملموسة للربع الثالث من العام الجاري لا تعني بالضرورة الأرباح النهائية للعام بمجمله، كون التأثيرات آنفة الذكر ستحتاج لمدة أدناها بداية العام 2009 لتدخل البورصة مرحلة جديدة؛ خسائر حادة لعدد منها وارتفاعات قياسية لأخرى.

ورغم الحالة الصعبة التي يعيشها المستثمرون، يبدي وسيط بارز تفاؤله بالمرحلة المقبلة بالقول إن "بورصة عمان تصحح نفسها".

ويشرح بأنه، وكما حدث سابقا من ارتفاعات قياسية لعدد من الأسهم مع وجود تقديرات بأنها أسعار مرتفعة غير عادلة، فإن المستويات في المرحلة تلك تعتبر طبيعية، إذا إن التراجع الحاصل هو طبيعي للمرحلة الحالية.

لكن الوسيط الذي تجاوز العقد الخامس من عمره، وعايش السوق منذ بداياته حذر من مسألة التمويل على الهامش، وما يمكن أن يكون له من آثار سلبية مع شح السيولة الحاصل.

وفيما يتعلق بأهم القطاعات العاملة في السوق مثل البنوك وما يدور حولها، فإنها تتعرض لضغوط شح في السيولة، ويمكن أن تكون تأثيراتها عكسية، اعتبر الوسيط نفسه، أن البنوك ما زالت تتمتع بالملاءة المالية المعروفة، فهي بالتالي شركات مساهمة عامة تخضع لمراقبة وقوانين البنك المركزي الذي يعتبر متشددا في مسألتي الإفصاح والشفافية.

مدير إحدى شركات الوساطة، أسعد الديسي، اعتبر أن اتجاه السوق الهبوطي كان قبل الأزمة المالية العالمية، بينما زادت حدته بعد ذلك، بسبب العامل النفسي بشكل رئيسي، وتأثر بعض القطاعات التي لها علاقة مباشرة بالأسواق العالمية.

لكنه أشار إلى أن بعض الأسهم التي انخفضت في قطاع الخدمات بعيدة عن حالة الانخفاض أو الارتفاع في أسعار السلع عالميا، بينما طاولها الانخفاض في إطار الهبوط العام.

وتوقع الديسي أن تنهض البورصة من جديد مع المستويات المتدنية للأسعار والتي أصبحت مغرية للشراء، وفي ضوء المراكز المالية التي تمت تصفيتها من قبل معظم المستثمرين استعدادا لبناء مراكز جديدة.

لكن الديسي بين أن إنشاء صناديق استثمارية تكون لاعبة في السوق على غرار الأسواق العربية الأخرى، من شأنه أن يقلل من خسائر صغار المتعاملين، وأن ينهض بالسوق في مواجهة أي تأثيرات سلبية طارئة.

هبوط البورصة: عامل نفسي غذّته الأزمة العالمية
 
14-Dec-2008
 
العدد 55