العدد 54 - أردني
 

واقعة توقيف المتمّول المغترب قاسم إرشيد، بشبهة فساد قبل أن يمثل أمام المحكمة تعيد إلى الواجهة جدلية تداخل المرجعيات المفترض أن تعالج ملفات الفساد وسوء الائتمان بين هيئات حكومية، أمنية وقضائية.

ففي ثاني قضية خلال شهرين، يصدر مدعي عام هيئة مكافحة الفساد أديب الخوالدة، أمراً بتوقيف صاحب قناة «سفن ستار» الفضائية ورئيس مجلس إدارة «المستشفى الاستشاري» في مركز تأهيل الجويدة على خلفية اتهامه بجناية استثمار الوظيفة والاختلاس والتزوير.

سبق هذه القضية توقيف رئيس جامعة البلقاء التطبيقية عمر الريماوي، في الجويدة لبضع ساعات، قبل أن تتدخل مرجعيات عليا لإغلاق هذا الملف، وسط انتقادات بحدوث تعسف في استخدام سلطة مكافحة الفساد.

في سيناريو مشابه لحالة الريماوي، تدهوّرت حالة ارشيد الصحيّة و«أسعف» الرجل البالغ من العمر 68 عاماً إلى مستشفى البشير.

رئيس هيئة مكافحة الفساد، عبد الشخانبة، أوضح لـ«السّجل» أن «القضايا السابقة منظورة أمام القضاء» مشيراً إلى «أن قضية الريماوي تمت إعادتها إلى الهيئة من أجل استكمال البينات.

الشخانبة أكد على أن الهيئة «تثق بالقضاء الأردني وهو صاحب القول الفصل في القضايا التي تحال اليه من الهيئة».

توقيف ارشيد هذا الأسبوع ارتكز إلى أحكام المادة 278/4 من قانون الشركات المتمثل بالإدلاء ب«معلومات غير صحيحة للهيئة العامة بقصد إخفاء حالة الشركة الحقيقية على المساهمين».

قضية «الاستشاري» أثيرت بعد أن أحالت مديرية مراقبة الشركات التابعة لوزارة الصناعة والتجارة أوراق ارشيد إلى محكمة هيئة مكافحة الفساد «للتحقيق واتخاذ القرار المناسب» حيال شبهة تجاوزات.

المحكمة تحفظّت على أموال ارشيد المنقولة وغير المنقولة ومنعته من السفر. إلا أن رئيس النيابات العامة ورئيس اللجنة القضائية للجرائم الاقتصادية يوسف الحمود ألغى قرار مدعي عام الفساد.

ويرى محامون أن تضارب المرجعيات وانتقائية الأهداف تعوق عمل الجهات المختصة بمكافحة الفساد في بلد يحتل المركز 47 من 180 دولة على سلم مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.

قرار الحمود استند إلى عدّة مبررات من بينها «أن المتهم حصل على براءة ذمة من التهم المنسوبة إليه وقدم من البيانات الخطية ما يثبت ذلك، وهي محفوظة في ملف القضية واشترى جميع استثمارات العقار والأسهم» كما «دفع قيمة الاستثمارات بربح 10 بالمائة».

المحامي عبد الرزاق أبو العثم بيّن لـ«السّجل»: «أنه في حال الاشتباه بقضية فساد لا يجوز التحفظ على أموال الشخص دون وجود بينات خطية تتعلق بالقضية».

في المقابل كفّ رئيس النيابات العامة طلب عصام الساكت، الذي كان اتهمه ارشيد بسوء إدارة المستشفى الاستشاري، وذلك لعدم ثبوت أي مخالفة إدارية أو مالية عليه.

بينما تقدر هيئة مكافحة الفساد المبالغ المطلوبة من ارشيد بثمانية ملايين و540 ألف دينار.

كان تقرير قدمته للهيئة العامة ائتلاف شركات محاسبة وتدقيق العام 2006 أثار مسألة شركة «دايمنشن» الإسبانية لتركيب نظام محوسب للشركة، ولم تطلع على شهادة تسجيل لشركة البحر المتوسط للوجبات السريعة «الفلافل» وشركة أجيال للاستثمار والتحقق من استثمار الشركة في الشركة نفسها «البحر المتوسط» وأجيال البالغة كلفتها أكثر من ثلاثة ملايين دينار ونصف المليون، واتفاقية تحويل أرض البحر الميت الى شركة أجيال وتخمين أرضها وبيانات الأرباح والخسائر.

كما طرحت شركات التدقيق موضوع عدم تمكنها من الحصول والاطلاع على شهادة تسجيل شركة «سول دي فينسترات» وهي إسبانية أيضاً بمبلغ يقارب المليوني دينار.

أما شركة المجموعة الاستشارية الاستثمارية المالكة للمشفى الاستشاري فيملك أغلبها الآن بنك الأردن ويديرها مازن البشير،كرئيس لمجلس الإدارة. وهي تشغّل أكثر من 300 موظف بمجموع استثمارات 17 مليون و770 ألف دينار.

مصادر مقربة من رجل الأعمال الإسباني من أصل أردني قاسم ارشيد، ذكّرت بأنه تقدم بشكوى العام 2006 إلى الجهات المختصة من أجل التحقيق بـ«ما اكتشفه من تلاعب في المستشفى الاستشاري الذي كان هو أكبر المساهمين به». واستهدفت الشكوى الدكتور عصام خليل الساكت، رئيس مجلس الإدارة آنذاك، بحسب المصادر ذاتها التي أشارت إلى أن اللجنة التحقيقية تلك أدانت الساكت، بخاصة بما يتعلق بالمشتريات الخاصة بالمستشفى سواء تلك المستهلكات المتعلقة بالأدوات المستخدمة في علاج المرضى أو أسرة المرضى أو المواد المستخدمة في التعقيم أو تلك المستخدمة في إجراء العمليات التنفيذية،اضافة الى حاضنات الأطفال وغيرها من المعدات.

وأوضحت هذه المصادر أن ارشيد، وبعد اكتشافه لهذه التلاعبات، قام بتجهيز المستشفى وفق أحدث المواصفات العالمية.

واستغربت هذه المصادر قيام وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الصحة بتشكيل لجنة أخرى بعد مرور عامين على تقدمه بالشكوى لدى الجهات المعنية وتقديمها التقرير الذي يدين الإدارة السابقة للمستشفى، بحيث قامت اللجنة الثانية بإعداد تقرير دونما أن تقوم بسؤال قاسم ارشيد او الاطلاع منه على وجهة نظره مما يعد مخالفة لقانون وزارة الصناعة والتجارة.

أشارت هذه المصادر إلى أن ارشيد كان، وحتى هذه اللحظة، يطالب بالذهاب إلى «المحكمة صاحبة الولاية القضائية،التي ستنصف صاحب الحق وتعاقب المسيء». ونقلت عن ارشيد قوله: «إنه لم يتخذ أي قرارات بعيداً عن مجلس الإدارة» ولذلك فهو يستغرب عدم استجواب أعضاء المجلس»، إضافة لعدم اعتماد «الأوراق الصادرة من قبل مجلس الإدارة والتي تثبت أن قاسم ارشيد ليس مطلوباً مالياً لشركة المستشفى الاستشاري».

يذكر أن استثمارات قاسم ارشيد تتنوع بين الإعلام في قناة «سفن ستارز» والعقارات والبنوك والاتصالات، كما يشغل منصب رئيس المركز الثقافي العربي الأوروبي في إسبانيا.

تداخل مرجعيات البت في شبهات الفساد: ارشيد و“مكافحة الفساد” يحتكمان للقضاء
 
04-Dec-2008
 
العدد 54