العدد 54 - دولي
 

عدي الريماوي

بحسب آخر دراسة قام بها اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا، فإن عدد المسلمين الإسبان بلغ 1.3 مليون مسلم، ما يعادل 2.5 في المئة من عدد السكان، البالغ نحو 40 مليون نسمة، ويحتل المهاجرون المغاربة موقع الصدارة في تعداد الجالية المسلمة هناك، يليهم مهاجرون من الجزائر وموريتانيا والسنغال ونيجريا وغامبيا ومالي وغينيا والشرق الأوسط وباكستان، معظم المسلمين الإسبان ينتمون إلى المذهب السني، ويمارسون شعائرهم، بحسب المدارس الأربع المعروفة في العالم الإسلامي، وبخاصة تلك التابعة للإمام مالك، مشيرا إلى أن هناك أقلية شيعية تابعة لمدرسة الإمام الجعفري. وأوضحت الدراسة أن 70في المئة من مجموع مسلمي إسبانيا يتجمعون في أربع مناطق، هي كاتالونيا (279 ألفا) ومدريد (196 ألفا) والأندلس (184 ألفا) وفالنيسيا (130 ألفا).

**

سبتة

تقع مدينة سبتة في أقصى شمال المغرب على ساحل الأطلسي، مقابل شبه جزيرة جبل طارق تماماً، ويعيش في المدينة نحو 100 ألف نسمة، معظمهم من السكان المسيحيين، بينما يمثل المسلمون بحسب إحصاءات رسمية نحو 30 في المئة منهم. غير أن تقديرات أخرى تقدر عدد المسلمين بنحو 50 ألفا. وتتمتع سبتة بموقع استراتيجي متميز، لذلك سيطر عليها الرومان في عام 42 بعد الميلاد، وبعد ذلك بنحو 400 عام طردت قبائل الوندال الرومان من المدينة، ثم سيطر عليها البيزنطيون، ثم القوط الغربيون القادمون من إسبانيا، ثم فتحها المسلمون وانطلقوا منها لفتح الأندلس. في عام 1415 استولت البرتغال على سبتة من المغرب، واحتلها الأسبان بعد قرنين في 1640.

وقد تعددت المحاولات التاريخية للمغرب لاستعادة المنطقة، ولكن المنطقة لم تصنف من قبل الأمم المتحدة بعد ضمن المناطق المحتلة والواجب تحريرها، وقد أصبحت المدينة منذ عام 1995 تتمتع بصيغة للحكم الذاتي داخل إسبانيا بقرار للبرلمان الإسباني.

تعتبر المملكة المغربية ومنذ استقلالها سبتة جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي. وترفض الاعتراف بالحكم الإسباني عليها وعلى مدينة مليلية، وتدعمها في ذلك كل دول الإتحاد الإفريقي، ويطالب المغرب إسبانيا بالدخول في مفاوضات مباشرة معها لأجل استرجاعهما، كما تعتبرهما إحدى أواخر معاقل الاستعمار في أفريقيا.

**

مليلية

تقع مليلية على الساحل الشمالي الشرقي للمغرب على البحر المتوسط، وتبلغ مساحتها 13 كيلو متراً مربعاً ويقطنها قرابة 55 ألفاً من السكان نصفهم من المسلمين. ومليلية تحريف عربي لكلمة تامليلت بمعنى موقع مدرج، وقد كانت مليلية مبنية على منحدر مدرج. 

وكما هو الحال بالنسبة إلى سبتة، شهدت مليلية مرور الفينيقيين والقرطاجيين والرومان، حتى آلت إلى إسبانيا منذ عام 1497، ومنذ عام 1992و مليلية تعتبر بمثابة إقليم يتمتع بالحكم الذاتي، وتاريخ مليلية في اضطرابه أو استقراره أو تبادل السيادة عليه بين القوى المحلية والإقليمية مماثل، إلى حد كبير، لتاريخ سبتة.

**

سحب الألقاب الفخرية من

فرانكو في مسقط رأسه

بعد مضي ثلاثة وثلاثين عاماً على وفاته، وسبعة أعوام على ترجله عن صهوة الحصان الذي كان ينتصب على مدخل مسقط رأسه، قررت مدينة بلدية فيرّول (مدينة لا كورونيا) تجريد الجنرال فرانثيسكو فرانكو من الألقاب الفخرية التي كانت منحتها للكوديو (الزعيم) وهو اللقب الذي كان يطلق على فرانكو خلال فترة حكمه الديكتاتوري الذي استمر نحو تسعة وثلاثين عاما، منهية بذلك آخر رموز ديكتاتورية فرانكو.

وقد نجح الاجتماع التام لأعضاء المجلس البلدي لفيرّول في سحب الامتيازات الممنوحة للجنرال وعائلته وهي: رئيس البلدية الفخري، والابن المدلل للمدينة، وسحب الميدالية الذهبية الفخرية منه، وذلك "لاجتثاث الرمزية التي لا يتعامل بها أحد في الوقت الراهن".

وقد صوت على هذه الخطوة كل من حزب العمال الاشتراكي الإسباني(PSOE) والحزب اليساري الموحد (IU) الذين أضافوا أصواتهم إلى أصوات ممثلي الكتلة الوطنية الغاليسية للتقدم بهذا المقترح،

فيما امتنع عن التصويت ممثلو الحزب الشعبي(PP) وجبهة المستقلين من أجل فيرّول (IF).

وقد تشعب الجدل حول الألقاب الممنوحة لديكتاتور إسبانيا الراحل، والتي ما تزال تحظى ببعضها زوجته كارمن فرانكو بولو، وابنته كارمن بولو، فهما تحملان لقب ابنتي المدينة المدللتين، بوصفه شرفا كانت قد "ورثته" عائلة مارتينيث-بورديو فرانكو التي ينتسب لها الدكتاتور السابق.

وفيما أعلنت الكتلة الوطنية الغاليسية التي قدمت اقتراح سحب الألقاب من فرانكو بوصفه نوعا من ممارسة الطهارة الديمقراطية، أثارت الخطوة جدلا حول إرث فرانكو الرهيب، والذي يسعى الشعب الإسباني إلى التخلص منه بعد كل هذه الأعوام من الممارسة الديمقراطية وفي إطار الديمقراطية نفسها.

المؤيدون للاقتراح يرون أن هذه فرصة سانحة للتخلص من آخر آثار الديكتاتورية، في حين أن هناك من يرى أن أولوية المدينة هي الاهتمام "بمشكلات الأحياء وليس الأموات".

الاقتراح الذي قدمه المجلس البلدي لمدينة تيرول، والذي ما زال ينتظر قرار لجنة البلدية، جاء لاحقا لخطوة كانت اتخذتها مدينة سادا، التي تحتضن قصر بوثو دى ميراس، والتي كانت قد جردت الجنرال فرانكو من جميع ألقابه، منهية رموزاً تدل على حقبة مرعبة في تاريخ إسبانيا.

**

الأضحى عيد رسمي في إسبانيا

سيرى مسلمو مدينة مليلية خلال عامين، أحد أحلامهم القديمة يتحقق، وهو حلم يمكن أن تحققه توأمها مدينة سبتة أيضاً. فعيد الأضحى، أكبر أعياد المسلمين والذي سيحل بعد أيام، سوف يصبح عيداً رسمياً في مليلية اعتباراً من العام 2010، وذلك في سابقة تاريخية ذات دلالة كبرى، فهذه هي المرة الأولى في تاريخ إسبانيا التي يشرع فيها احتفال ديني غير كاثوليكي، في بلد عرف بأنه موطن الكاثوليكية وراعيها.

الخطوة المتوقعة جاءت بعد أن أعلنت بلدية مليلية التي يحكمها الحزب الشعبي(PP)، أنها ستتبنى هذه الخطوة استجابة للنداءات التي أطلقتها النائبة المعارضة المسلمة دنيا المنصوري.

وكانت المنصوري قد ذكرت خلال اجتماع المجلس البلدي، بأن هنالك تسعة احتفالات مسيحية في مليلية، وليس فيها أي احتفال رسمي للمسلمين على الرغم من أنهم يمثلون أكثر من 40 في المئة من مجمل سكان المدينة.

وقد أبدى ميغيل مارين، مستشار الإدارة الشعبية، جهوزيته لتلبية ذلك الطلب، وعرض ثلاث طرق لتطبيق الاقتراح، لكن الشكل الوحيد الذي يبدو قابلاً للتنفيذ هو أن تثبّت الهيئة الإسلامية لمليلية التاريخ للعيد قبل عام من حلوله، وهو ما لا يمكن أن يتم خلال العام الجاري، وعليه فإن أول احتفال رسمي بعيد الأضحى سوف يكون في العام المقبل.

لكن ذلك يتطلب تجاوز الطقس السنوي الذي يعتمد على "رؤية" هلال العيد في الأول من ذي الحجة بالعين المجردة، والاستعاضة عن ذلك بالاعتماد على المراصد العالمية. وقد وافقت جميع الفرق السياسية في سبتة في أيلول/سبتمبر الماضي على "بحث" إمكانية تحديد حلول العيد بالطرق الحديثة وليس بالعين المجردة.

إسبانيا المسلمة: مدن ومواطنون
 
04-Dec-2008
 
العدد 54