العدد 53 - أردني
 

قبل أكثر من أربعة عقود، اعتاد صيادون أردنيون مثل أنيس المعشر وأخيه سمير، وإكليل الساطي ونصري مقحار وعيسى شاهين ارتياد منطقة الأزرق لصيد البط؛ وهي عادة تعلموها من السكان الدروز في تلك المنطقة. يذكر شاهين الذي لم يكن قد تجاوز الخامسة والثلاثين آنذاك أن البط كان وافرا في الأزرق؛ كما كان الحجل في الجبل، والفر أو السلوى في الأغوار والشفا، وحمام الترغل أو الرقطي في الأغوار. لكنهم لم يكونوا وحدهم. تلك الوفرة استقطبت صيادين من لبنان. يقول شاهين "عندما سألنا اللبنانيين لماذا يصطادون عندنا، ردوا أن الصيد "خلّص" عندهم من شدة الاعتداءات على الثروة الحيوانية هناك". وبالفعل في تلك الفترة كانت قد اختفت من المنطقة الأيائل والدببة السورية وطيور النعام. وبالكاد كانت تُشاهد في الصحراء الأردنية الفهود أو الغزلان أو طيور الحبارى. تلك كانت شرارة الانطلاق لأول تنظيم مجتمعي مدني يُعنى بالطبيعة.

يروي شاهين أن أنيس المعشر كان "دينامو" فكرة إنشاء تنظيم يحافظ على الطبيعة ويحميها من الصيد الجائر، وذلك في العام 1966. فسعى إلى وضع هيئة إدارية من المؤسسين وبلغ عددهم نحو 35 شخصا. غالبية هؤلاء كانوا صيادين لكن منهم من لم يكن كذلك مثل وصفي التل.

وبعد أن وضع المؤسسون النظام الداخلي، سعوا إلى الحصول على مباركة الملك الراحل الحسين بن طلال، وليكون رئيس الشرف الأعلى، لمعرفتهم باهتمامه بشؤون الطبيعة. فقبل سنوات وفي العام 1963، كان الملك قد دعا مجموعة من الخبراء والعلماء لدراسة واقع البيئة الطبيعية في المملكة وخرجوا بتوصيات ونتائج ضمنوها كتاب "صورة للصحراء Portrait of a Desert".

الملك منح مباركته وأُصبغت الصفة الملكية على ذلك التجمع الذي سُجل وقتها في وزارة الداخلية تحت اسم "الجمعية الملكية لحماية الطبيعة". وكان التل أول رئيس لها. في 1967، أخذت الجمعية تشرف على منطقة الشومري التي كانت خصصت كمحطة للتجارب الزراعية في العام 1958. في العام 1975، شرعت الجمعية بتسييج أراضي المحمية تمهيدا لتأسيس أول محمية للأحياء البرية في الأردن.

في بداياتها، واجهت الجمعية صعوبة في نشر الوعي بين الناس حول مخاطر الصيد الجائر. يروي شاهين أن "الناس" كانوا يستهزئون بهم وبالمفتشين الذين انتدبوا في المناطق المنوي حمايتها؛ فكانوا يقولون "هذه الطيور طيورنا".

في العام 1973، خولت الحكومة الجمعية تنظيم الصيد وإصدار رخص الصيد. للقيام بهذه المسؤولية بفعالية أسست الجمعية أول فريق لمراقبة الصيد في الأردن.

وقد تطور الوعي البيئي في الأردن في نهاية الثمانينيات مع ازدياد الوعي العالم بمسائل مكافحة التلوث والتصحر والبحث عن مصادر آمنة للطاقة. فأنشئت منظمات غير حكومية متخصصة بحماية البيئة. أولاها الجمعية الأردنية لمكافحة تلوث البيئة التي تأسست عام 1987، والتي تحولت لاحقا إلى جمعية البيئة الأردنية.

نالت الجمعيات البيئية الترخيص من وزارة الداخلية لكنها تتبع حاليا وزارة البيئة. من أهمها: الجمعية الملكية لحماية البيئة، الجمعية الوطنية للبيئة والحياة البرية، جمعية أصدقاء البيئة الأردنية، جمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة، الجمعية الأردنية لمكافحة التصحر، جمعية حماية الحيوانات والرفق بها (سبانا)، الجمعية الأردنية للتنمية المستدامة، أصدقاء الأرض (إيكوبيكس)، جمعية أصدقاء الآثار، والجمعية العربية لحماية الطبيعة.

جمعيات البيئة: حين كان البط وافراً في الأزرق
 
27-Nov-2008
 
العدد 53