العدد 53 - اقليمي
 

داليا حداد

العراق من أكثر الدول العربية تنوعاً في مكوناته الدينية والإثنية والمذهبية، وذلك نظراً لظروفه التاريخية وموقعه الجغرافي. لم يشكّل هذا التنوع عاملاً للتناحر والتصادم بين هذه المكونات، إلاّ على نحو محدود، وفي فترات الضعف التي مرّ بها البلد. لكن واقع الأقليات طفا على سطح الأحداث في العراق بعد سقوط النظام السابق وقيام الاحتلال الأميركي، وبعد تأسيس مجلس الحكم في تموز (يوليو) 2003 على أساس محاصصة طائفية وعرقية، حيث شكت أقليات قومية ودينية من تهميش دورها، وعدم منحها أي تمثيل سياسي أو دور في الترتيبات القائمة لبناء السلطة في المستقبل. ازداد الأمر تعقيداً مع تصويت البرلمان العراقي في 24 سبتمبر (أيلول) الماضي، على قانون انتخابات مجالس المحافظات مسقطاً منه المادة (50) التي تُعنى بحقوق الأقليات وفق نظام الحصة (الكوتا)، ما أثار حفيظة تلك الأقليات وحملها على المطالبة من خلال وسائل الإعلام والتظاهرات بإعادة إدراج تلك المادة والعمل بها في الانتخابات المحلية المقرر تنظيمها في 31 كانون الثاني (يناير) 2009.

ورغم إقرار مجلس الرئاسة (يضم الرئيس جلال الطالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي) القانون في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فقد اقترح على البرلمان إعادة إدراج المادة، دون أن يلزمه بذلك. وسوغ المجلس اكتفاءه بالاقتراح، بأن التوصل الى القانون استغرق أكثر من خمسة أشهر في ظل مداولات صعبة للغاية، ولا يعقل إعادة الأمور الى نقطة الصفر، والبدء مجدداً بالمناكفات والمطالبات. أما النواب الذين صوتوا على إلغاء المادة (50) فقد سوّغوا ذلك بأن غياب احصاءات يعتمد عليها، يجعل من الصعب تحديد عدد المقاعد التي ينبغي تخصيصها للأقليات، خاصة أن الآلاف من المسيحيين، وأصحاب الديانات الأخرى هجروا العراق منذ العام 2003.

الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستيفان دي ميستورا عبّر «عن القلق والدهشة وخيبة الأمل» حيال الغاء المادة، وطالب بإعادة إدراجها في أقرب وقت ممكن. أكد دي ميستورا، حسب تقرير راديو سوا في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن «حماية حقوق الأقليات في العراق أمر أساسي للديموقراطية، وهذه المادة مؤشر قوي على أن العراق دولة مستعدة لحماية الحقوق السياسية للأقليات كما ينص الدستور». واقترح ممثل الأمين العام على البرلمان تخصيص 12 مقعداً للأقليات: ثلاثة مقاعد للمسيحيين، وواحد للصابئة المندائيين في مجلس محافظة بغداد، وثلاثة مقاعد للمسيحيين، وثلاثة أخرى لليزيديين، ومقعد واحد للشبك في محافظة نينوى، ومقعد واحد للمسيحيين في محافظة البصرة. علماً أن عدد أعضاء مجلس محافظة بغداد يبلغ 57 شخصاً، ونينوى 37 شخصاً، والبصرة 35 شخصاً.

رئيس الوزراء نوري المالكي أبدى تحفظاته حيال إلغاء المادة. ودعا مجلس النواب والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، «الى تدارك الأمر وإزالة القلق والشعور بالغبن، أو التغييب الذي انتاب مكونات أصيلة تعتز بانتمائها للعراق، من أجل أن يطمئنوا الى عدالة تمثيلهم وضمان حقوقهم».

وكان مجلس الأقليات العراقية، الذي يتألف من ممثلين عن التركمان والكلدوآشوريين والأرمن والصابئة المندائيين واليزيديين والشبك والكرد الفيليين، عقد في السابع والعشرين من أيار (مايو) الماضي مؤتمره الثاني في بغداد، ناقش فيه حقوق الأقليات في العراق، والقوانين الدولية في هذا الشأن، وأهمية أن تكون للأقليات في العراق مشاركة سياسية فاعلة في صنع القرار. وخرج المؤتمر بعدد من التوصيات والمعالجات المهمة، منها مشاركة ممثلي الأقليات العراقية في اللجنة النيابية الخاصة لمراجعة الدستور، وتعديل المادة 125 بإضافة السريان والشبك والصابئة المندائيين واليزيديين الى النص الدستوري، وحماية وجود الأقليات و فتح مدارس باللغة الأم، وإشراك ممثلي الأقليات في مجالس الأقاليم والمحافظات والبلديات، واستعادة الأراضي المصادرة، ومعالجة أوضاع المهاجرين، وتسمية ممثل للأقليات في المفوضية العليا لحقوق الإنسان.

ونظراً للضغوط التي واجهها مجلس النواب، فقد استجاب لمقترح الأمم المتحدة بتخصيص مقاعد لممثلي الأقليات، لكن ليس بنسبة 12 مقعداً،فقد خفضها في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري إلى النصف، وجرى تغيير القانون الذي صوّت عليه 106 نواب من أصل 150 حضروا الجلسة، بحيث أعطى المسيحيين مقعداً في كل من بغداد ونينوى والبصرة، و الصابئة مقعداً في بغداد، وكل من اليزيديين والشبك مقعداً في نينوى. بإقرار القانون، بعد تعديله ومصادقة مجلس الرئاسة عليه، تخطى مجلس النواب آخر حاجز أمام إجراء انتخابات مجالس المحافظات. إلاّ أن النائب المسيحي يونادم كنا اعترض في حديث مع صحيفة "الشرق الأوسط"، في عددها يوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، على التعديلات الواقعةعلى القانون، وقال إنها «لا تخدم الأقليات ولا تلبي طموحها، وإنها ليست بالمستوى الذي تسعى إليه الأقليات في الحصول على حقوقها في القانون».

**

خريطة الأقليات في العراق

- الأكراد

يمثّل الأكراد أكبر المجموعات العرقية في العراق بعد العرب، ويشكلون ما نسبته 20 بالمئة من عدد السكان، وهم يختلفون عن التركمان في أن لهم مواقع وجود جغرافية محددة هيأت لهم تحقيق نوع من الانفصال بعد حرب الخليج الثانية العام 1991، وقد أمضوا نحو 70 عاماً في مقاتلة الحكومات العراقية المختلفة لنيل «حقوقهم القومية». وقد نالوا في قانون الدولة الإداري الجديد على معظم ما أرادوه، لا سيما إقرار الفدرالية واعتبار الكردية لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية، وتطمح قياداتهم بضم مدينة كركوك الى إقليم كرستان ، لكن هذه القضية الحساسة جرى تأجيلها لمراحل لاحقة.

للأكراد قوة عسكرية لا يستهان بها ممثلة بميليشيات «البيشمركة» التي تمتلك تسليحاً جيداً، وخبرة قتالية طويلة، ونظاماً تدريبيا محترفاً، وهيكلاً عسكرياً شبيهاً بنظم جيوش الدول. رئيس الجمهورية الحالي (طالباني) ووزير الخارجية ( زيباري) منهم ، كما يتمتعون بـ 17 بالمئة من الميزانية السنوية للدولة.

- التركمان

أبرز الأقليات العرقية التي تشكو من عدم منحها حقوقاً موازية بحجمها الديمغرافي . يقدر عددهم بنحو أربعة ملايين شخص، لكن تقديرات أخرى تقول إنهم لا يتجاوزون المليونين، ويصعب التأكد من صحة التقديرين في ظل عدم وجود إحصاء سكاني دقيق ومعلن.

يقطن معظم التركمان في كركوك، وبعض مناطق شمالي العراق، لذلك فهم على احتكاك مباشر مع الأكراد، والعلاقة بين الطرفين ليست جيدة، ومؤخراً وقعت اشتباكات مسلحة في كركوك بين الأكراد من جانب والتركمان والعرب من جانب آخر، في إطار صراع السيطرة على المدينة الغنية بالنفط، وقد سقط ضحايا من كلا الجانبين خلال هذه الاشتباكات.

تعرض عدد من زعماء التركمان لمحاولات اغتيال يبدو أن وراءها أسباباً عرقية، وهو ما عزز شعورهم بوجود محاولات لاستهدافهم، وما زاد من سوء هذا التصور إحساس التركمان بالتمييز حينما صدر قانون الدولة للمرحلة الانتقالية، من غير أن يتضمن ما أراده التركمان من حقوق ثقافية ولغوية مماثلة لما ناله الأكراد.

وللتركمان قوى سياسية منظمة ممثلة بعدد من الأحزاب والتجمعات الاجتماعية والثقافية تضم أكثر من 15 تنظيماً.

أقليات أخرى

في العراق أقليات صغيرة تقوم على أساس ديني وإثني، من أبرزها: المسيحيون (الكلدان والآشوريون والسريان والأرمن)، اليزيديون، والصابئة المندائيون، والشبك.

يشكل المسيحيون الأقلية الرابعة من حيث العدد، وقد حظوا بتمثيل في مجلس الحكم (العام 2003) من خلال رئيس الحركة الديمقراطية الآشورية يونادم كنا، لكنهم عبروا عن تذمرهم بسبب اعتبار الطائفة الآشورية ممثلة لكل المسيحيين، وأصدر بعض الكلدان والآشوريين بياناً أدانوا فيه دمجهم تحت مسمى «الكلدوآشوريون» في نص قانون الدولة الإداري، مؤكدين أنهما طائفتان مستقلتان، وطالبوا بدور سياسي، وموقع في الحكم يتناسب وتعدد أطيافهم ومرجعياتهم الدينية.

ليس للمسيحيين في العراق قوة مسلحة، فقد عرف عنهم أنهم مسالمون، و نالوا في السابق حقوقهم الدينية كاملة، كما كان منهم عضو بارز في الحكومة (طارق عزيز)، الذي تولى مواقع مهمة عديدة في القيادة العراقية السابقة.

ولم يحظ اليزيديون والصابئة بتمثيل في مجلس الحكم، و لم يكونوا حاضرين في أي ترتيبات سياسية لإقرار وبناء هياكل السلطة ، ولذلك دأبوا على إصدار بيانات تطالب بـ«حقوق سياسية عادلة»، من بينها بيان الطائفة اليزيدية الذي قال إن عدد أفرادها في العراق يبلغ نحو مليون شخص، وأن هذا العدد يحتم منح هذه الطائفة حقوقاً سياسية.

أما الشبك، فإن أغلب الباحثين وعلماء الأجناس يؤكد بأنهم عشائر من أصول كردية أو عربية وفيهم من يدعي بأنهم من العنصر التركي وربما من العنصر الإيراني، سواء كان فارسياً أو آذارياً، وتوزعوا على المذهبين الشيعي والسني.

الأقليات العراقية بمجملها لا تطرح شعارات سياسية مضادة للاحتلال، ولا تطرح شعارات مؤيدة لبقائه في العراق، فهي بحكم وضعها تسعى للإفادة من الوضع الراهن، من غير أن تكون مستعدة للمخاطرة بالتعايش المميز، الذي حققته في علاقاتها بالأغلبية العربية والمسلمة.

ويضيف أنه يتعاون مع فلبينين مقيمين في عمان، ينسق معهم فيما يتعلق ب»البضاعة المراد شراؤها من الفلبين والجهات التي عليه أن يتواصل معها بالتنسيق مع فلبينيات كن يقمن في الأردن». 

يقول المستورد إنه في البداية واجه صعوبات في استيراد بعض السلع الفلبينية بذريعة أنها «غير مأمونة»، فهو كما قال، واجه تعقيدات من قبل دائرة الجمارك قبل تسلم البضاعة، حيث بدأ المسؤولون يحققون في ماهية المواد الغذائية غير المألوفة في الأردن وطبيعتها، «حيث كان يتم إدخال بعض المواد والتحفظ والبعض الآخر إلى حين التأكد من صلاحيته، وبعض آخر يرفض دخوله كليا وبالتنسيق مع وزارة الصحة».

 لا تلقى المنتجات الفلبينية رواجا في باقي الأسواق الأردنية أو البقالات الصغيرة، باستثناء إحدى الأسواق التجارية الضخمة التي تبيع، إلى جانب مواد وسلع غذائية أردنية، سلعا آسيوية مختلفة.   

أقليات العراق: تاريخ قديم وظهور جديد
 
27-Nov-2008
 
العدد 53