العدد 53 - اقتصادي
 

محمد علاونة

يثير انحسار أزمة المحروقات التي تمثلت في نقص حاد بكميات الوقود لدى محطات المحروقات، تساؤلاً قديماً، عما إذا كانت البنية التحتية للسوق مهيأة لاستيعاب تحرير سوق المحروقات، فيما تبقى مسألة التسعيرة الشهرية، التي عادت الحكومة لتعتمدها الأسبوع الماضي، مثار جدل وخلاف بين أطراف ثلاثة: أصحاب محطات المحروقات، ومصفاة البترول، والحكومة.

ومع تأكيد القائم بأعمال نقابة محطات الوقود فهد الفايز بأن الوضع يسير على ما يرام حالياً مع توافر الكميات، يعتقد الفايز أن الأزمة الأخيرة كشفت عن وجود خلل في البنية التحتية لسوق المشتقات النفطية ككل، وأن مسألة اتخاذ احتياطات في أداء خدمات التوزيع والتخزين كانت غائبة، واصفا البنية التحتية للسوق بأنها «غير ناضجة».

وانتقد الفايز الاستعانة بتجارب دول أخرى، مثل لبنان، من دون تطبيق العملية بشكل شمولي، فمثلاً حاولت الحكومة تطبيق معادلة التسعير أربع مرات شهرياً دون إعادة النظر في مسألة العمولة التي تبلغ نحو 1.5 في المئة في الأردن، بينما تتجاوز 7 في المائة في لبنان.

يذكر أن الحكومة بدأت في دراسة إعادة هيكلة قطاع الطاقة العام 2005، عندما أعلنت عزمها إنشاء خمس شركات، واحدة لوجستية لتخزين المشتقات النفطية، وأربع شركات أخرى لتوزيع المشتقات، إضافة لمصفاة البترول المسؤولة عن تكرير النفط الخام لإنتاج المشتقات النفطية، وذلك تزامنا مع انتهاء عقد امتياز المصفاة في مطلع العام الجاري.

المعادلة المتبعة تشبه ما هو مطبق في أسواق النفط العالمية التي تتماشى مع عقود تمتد لأشهر عدة، ولكن في حال سوق محلية مثل السوق الأردنية، فإن الأمر يختلف من حيث عمليات العرض والطلب، وبالنسبة للأطراف الثلاثة الحكومة من جهة، ومصفاة البترول من جهة أخرى، وأخيراً محطات الوقود.

فعلى سبيل المثال إن أبرمت محطات الوقود عقوداً مع المصفاة للتزود لفترات تصل إلى شهر، فإن أصحاب المحطات يرون بأن ذلك مناسب لهم، رغم وجود خسائر يتكبدونها في حال طرأ انخفاض حاد على الأسعار، لكنهم يقبلون بتلك الخسائر مع وجود هامش زمني يمنحهم تعويض الخسائر، وهو ما أكده الفايز.

لكنه أشار إلى أن اعتماد الحكومة على فترات أسبوعية قصيرة تزامنت مع انخفاضات حادة متوالية لأسعار النفط وهو ما خلق إرباكاً لتلك المحطات.

وفيما يتعلق بموضوع التخزين، فإن بلداً مثل الأردن يعتمد على التزود باحتياجاته بشكل شبه كامل من الأسواق العالمية، يمكن أن يجد مخرجاً لمواجهة الارتفاعات الحادة التي شهدتها أسعار النفط عالمياً من خلال زيادة حجم المخزون الاستراتيجي. وهذا ما نبه إليه الفايز بالقول إن في مقدور الحكومة استخدام مستودعات محطات الوقود لتخزين ما يقارب 120 ألف طن يضاف إليها 210 آلاف طن في مستودعات الحكومة بالعقبة والمصفاة، ليساهم ذلك كله في توفير نحو 50 ألف طن فائضاً يكفي لأكثر من يوم ليجنب الحكومة أي نقص في المواد.

واتفق محمد البطاينة الذي شغل منصب وزير الطاقة والثروة المعدنية في حكومة علي أبو الراغب، مع ما ذهب إليه الفايز فيما يتعلق بالبنية التحتية بقوله إن مسألة تحرير المشتقات النفطية تحتاج إلى استعداد تام في مواضيع التوزيع والتخزين، «فمن الضروري»، كما يقول البطاينة، «وجود محطات ومستودعات كافية لمواجهة أزمات لاحقة، إضافة إلى ضرورة توافر مستوردين يتمتعون بملاءات مالية كافية واستثمارات مرضية لتغطية السوق وتشغيلها» لكنه اعتبر أن من الصعب تطبيق ذلك مع وجود لاعب رئيسي واحد في السوق حالياً، وهو مصفاة البترول.

واقترح البطاينة أن يتم ربط المصفاة بمحطات الوقود من خلال نظام حاسوب متطور يبين حجم الكميات المستهلكة والمطلوبة لتتحمل المصفاة الخسائر الحادة، وتستطيع أن تكون أكثر قرباً من معادلة العرض والطلب، بدلاً من أن تتعامل الحكومة مع المصفاة كطرف لا يقبل الخسارة في حال انخفاض أسعار النفط مع وجود كميات موردة.

وهو ما لفت اليه الفايز بأن النقابة تقدمت بمقترحات للحكومة، عقب الأزمة الأخيرة، من أبرزها إنشاء نظام مشترك يساوي بين حجم الكميات المستهلكة وتلك المتبقية، وذلك لخلق معادلة توزع الخسائر والأرباح بالتساوي ما بين المحطات والمصفاة.

السوق غير ناضجة لاستيعاب خطوة تحرير الطاقة
 
27-Nov-2008
 
العدد 53