العدد 52 - أردني
 

منصور المعلا

تتزايد المشاجرات والصدامات على خلفيات عشائرية أو عصبيات مكانية لا سيما في المناطق الريفية، مع إناطة مهمة نزع فتيل الاقتتال ورأب الصدع بين المتخاصمين بالشيوخ والمخاتير.

فلا يخلو أسبوع تقريبا من خبر «ساخن» عن إغلاق شوارع رئيسة نتيجة التحام جيران وعشائر في مواجهات دامية تستخدم فيها الحجارة، «القناوي» والأسلحة البيضاء وصولا إلى الأسلحة النارية.

خلال الأسبوع الماضي، سُجّلت ثلاث «طوشات حامية» على عدّة جبهات من الفحيص إلى طريق مادبا، استخدمت فيها «مختلف أنواع الأسلحة الشعبية»، ما أدى إلى وقوع عدد من الجرحى.

غالبية المشاجرات تجد طريقها إلى الصلح بعد «فورة الدم» وتدخّل «وجهاء» الحي والعشيرة. لكن غالبية المواجهات تشهد تدخّل الأجهزة الأمنية، لاسيما قوات الدرك.

وهكذا تفرض الأعراف القبلية نفسها ضمن «ثقافة فنجان السادة» على تفاصيل المشهد الداخلي، فتتداخل، في أحيان كثيرة، مع قوانين وأنظمة الحكومة في بلد يتصدر دول المنطقة من حيث معدلات التعليم العالي ومحو الأمية.

وزير سابق وعالم اجتماع فضل عدم ذكر اسمه «يرجع تكريس العشائرية إلى ثقافة أن «الإنسان في الغالب عدو ما يجهل»، ما «يجعل الأفراد يجنحون إلى التمسك بعصبياتهم القبلية في مواجهة المجتمع المدني».

ويضرب الوزير مثلا: «أحياء العاصمة تعرف باسم قاطنيها- إما جغرافياً أو عشائرياً - على أنها ملجأ وحصن لغير المندمجين اجتماعياً».

عضو مجلس أعيان أحد أفراد العشائر الكبيرة في البلاد فضل عدم ذكر اسمه أوضح لـ«ے» أن «الصدامات العشائرية التي تشهدها البلاد أخيراً عائدة الى قانون الصوت الواحد الذي ساهم في تقسيم المجتمع الأردني الى ما يشبه الفسيسفاء»، العين يعتبر «أن غياب الإرادة السياسية في تدعيم دولة المؤسسات وتعظيم دور مؤسسات الدولة هو السبب أيضاً في تفاقم الصراعات التي عدها خارج سياق التاريخ».

ويشرح العين كيف «بإمكان المشرعين وضع قوانين تراكم في أذهان المواطن قناعة مفادها أن الملاذ الوحيد له هو مؤسسات الدولة وليس العشيرة».

في هذه الأجواء شهدت البلاد في الأشهر الأخيرة عدة مشاجرات كان أطرافها أبناء عشائر ومواطنون يحمل غالبيتهم عصبيات قبلية. نطاق المعركة كان يتسع في الغالب من عدة أشخاص إلى صدام عشائري.

مواقع إلكترونية وصحف رصدت وقوع العديد من المشاجرات ابتداء من بلدة الطيبة، شمال البلاد، مروراً بمحافظة الزرقاء والبلقاء وانتهاء بالكرك. تخلّلت المشاجرات إشعال إطارات وحاويات نفايات.

مشاجرة «الطيبة» تمددت من مشاحنة في جامعة إربد الأهلية وتفاقمت إلى مشاجرة بين عشيرتي القرعان والنعامنة وصولاً إلى أعمال الشغب. المشاحنة مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي أدت إلى جرح طالبين طعناً في الجامعة، وما أعقبها من تداعيات بما فيها فصل سبعة طلاب يشتبه في تورطهم في المشاجرة.

أعمال الاحتجاج في الطيبة يرجعها عدد من سكان البلدة إلى ما يعتبرونه «تحيز السلطات المختصة لمصلحة أحد الأطراف المتورطين في مشاجرة الجامعة».

وفي بلدة مؤتة (130 كيلو متراً جنوب عمان)، أصيب شخصان طعناً وجرح ثمانية آخرون بجروح طفيفة في مشاجرة جماعية، اشترك فيها عشرات الأشخاص من ثلاث عائلات تقطن بلدات مختلفة في المنطقة.

ووفق شهود عيان، فإن المشاجرة التي استلزم تفريقها تدخل قوات الأمن تعود إلى خلاف نشب بين ثلاثة طلاب في إحدى مدارس مؤتة، قبل أن يتطور إلى مشاجرة جماعية بين الطلبة أدت إلى تدخل الأهالي لاحقاً. وأعلنت أجهزة الأمن أنها أوقفت عدداً من الاشخاص على ذمة التحقيق.

في محافظة الزرقاء (25 كيلو متراً شمال شرق العاصمة)، استعرت مشاجرة بين عشيرتي الدوايمة والخلايلة، بعد أن احتج الخلايلة على نزع لوحة وسط دوار في الجبل الأبيض باسم «دوار خلف المكيد»، نسبة إلى شيخ عشيرة الخلايلة. وتتهم هذه العشيرة أفراداً من الدوايمة بنزع اللوحة.

نزع اللوحة وخسارة النادي الفيصلي لمباراته أمام الوحدات في المساء ذاته أدّى إلى تفاقم الشجار بين الطرفين، اللذين حشدا نجدة من أبناء العشيرتين القاطنين خارج الجبل الأبيض الشعبي.

عقب المشاجرة، تم التوصل إلى صلح عشائري بالتنسيق مع الجهات الرسمية.

وفي الفحيص قرب العاصمة، عقدت «صلحة عشائرية» لإنهاء مشاجرة وقعت الأسبوع الماضي بين شبان من عائلتي الصويص والداود. وقال الحاكم الإداري لمحافظة البلقاء سامح المجالي إن وجهاء المنطقة نظمّوا «الجاهة» لتنهي الخلاف من دون وقوع إصابات.

وكان عضو مجلس بلدية الفحيص، عناد الداود، قد أدخل إلى مستشفى إبن الهيثم في عمان إثر تعرضه للضرب على يد مجموعة من عشيرة الصويصات على خلفية تجديد ترخيص مطعم الحاكورة في منطقة الفحيص.

على خلفية تلك الحوادث اعتقلت قوات الأمن عشرات الأشخاص للتحقيق معهم حيث لم تفصح الجهات الأمنية عن عدد الموقوفين من الطرفين لأسباب أمنية.

وتشير احصاءات الأمن العام إلى أن العام الماضي شهد حوادث وصلت إلى 2204 حوادث كانت الحوادث التي نتج عنها أضرار مادية 2018 وأضرار بشرية 186 حادثاً كان من بينها 232 اصابات بسيطة و 27 إصابات بليغة، وكان هناك 28 حالة وفاة.

وفي العام الحالي، وبحسب الإحصاءات، انخفض عدد الحوادث التي نتج عنها 1907 حوادث توزعت ما بين 1733 حادثاً نتج عنها أضرار مادية و 174 نتج عنها أضرار بشرية، وكانت الإصابات البسيطة 242 والبليغة 21 وكان هناك عشر وفيات.

“طوشة” وفنجان القهوة بين العُرف العشائري والقوانين
 
20-Nov-2008
 
العدد 52