العدد 52 - أردني
 

حسين أبورمّان

سابقة جديدة يقررها مجلس النواب، إذ يحمّل خزينة الدولة نفقات تقع على عاتق شركات أو مؤسسات خاصة لمجرد أن لها صلة بمتقاعدين عسكريين.

الحكومة كانت تقدمت بمشروع قانون معدل لقانون الهيئة الهاشمية للمصابين العسكريين لسنة 2008 والذي لم يمض على دخوله حيز التنفيذ سوى سبعة أشهر، فاقترحت تعديل تعريف "المستفيد". وهذا بحد ذاته مثال إضافي على "سلق" بعض مشاريع القوانين دون أن تكون حظيت بدراسة كافية.

المستفيد بحسب قانون الهيئة النافذ، هم: "منتسبو القوات المسلحة أو الأمن العام أو المخابرات العامة أو الدفاع المدني إذا تعرض أي منهم لحادث أثناء أداء الواجب الرسمي أو بسببــه ونتج عن إصابته إعاقة دائمة أو مؤقتة، أو أي متقاعد منهم".

التعديل الحكومي للقانون ألغى حصر الحادث الذي يتعرض له المستفيد بفترة أداء الواجب الرسمي أو بسببه، وأضاف المرض للأسباب التي قد تؤدي إلى الإعاقة الدائمة أو المؤقتة، كما أضاف قوات الدرك إلى الفئات المستفيدة، لكن التعديل استثنى الإعاقات التي قد تنشأ عن عمل المستفيد وهو في هذه الحالة العسكري المتقاعد لدى أي شركة، أو مؤسسة أو أي جهة أخرى مسؤولة عن ذلك.

بهذا أصبح التعريف المقترح للمستفيد «أي من منتسبي القوات المسلحة أو الأمن العام أو قوات الدرك أو المخابرات العامة أو الدفاع المدني وأي من المتقاعدين منهم إذا تعرض لحادث، أو أصيب بمرض، نتج عن أي منهما إعاقة دائمة، أو مؤقتة، وكانت غير ناتجة عن عمله لدى أي شركة أو مؤسسة أو أي جهة أخرى مسؤولة عن ذلك».

لكن اللجنة الإدارية لمجلس النواب أجرت من جهتها تعديلاً «جوهرياً» على مشروع القانون الحكومي، إذ اقترحت شطب العبارة التي تستثني الإعاقة التي يتعرض لها المتقاعد العسكري إذا كانت ناتجة عن عمله «لدى أي شركة، أو مؤسسة أو أي جهة أخرى مسؤولة عن ذلك»، وهو ما يعني إصابات العمل أو الإصابات الناجمة عن تعرض المستفيد لحوادث من قبل الغير مثل حوادث السيارات أو ما شابه ذلك.

اتخذت اللجنة الإدارية قرارها بحضور ستة من أعضائها الأحد عشر، هم النواب عبد الفتاح المعايطة رئيس اللجنة وهو عسكري متقاعد برتبة لواء، مبارك أبو يامين، قاسم بني هاني، أيمن شويات، جميل الحشوش، ورياض اليعقوب.

لدى مناقشة مشروع القانون وتعديلات اللجنة القانونية عليه، أبدى النائب حازم الناصر رفضه لتعديل اللجنة الإدارية، واقترح العودة إلى المادة كما جاءت في مشروع القانون المعدّل، موضحاً «السبب أنني لا أرى أن هناك ضرورة لإخلاء طرف ومسؤولية الشركات أو المؤسسات التي تكون قد تسببت في الإعاقة الدائمة أو الجزئية للمستخدمين».

بدوره، عبّر النائب ممدوح العبادي عن دهشته الشديدة للتعديل الذي أجرته اللجنة الإدارية. وذكّر بأن أموال الهيئة هي أصلاً أموال من الحكومة أو من المؤسسات العامة، مثل الجيش، الدفاع المدني، وغيره. وتساءل باستغراب «إذا كنت عسكرياً متقاعداً وأشتغل مثلاً في البنك العربي أو شركة البوتاس، وأصابني حادث نتيجة عملي في هذه الشركة، هل أرجع إلى الهيئة الهاشمية؟ هذا غير منطقي».

الموارد المالية للهيئة بحسب القانون، تتكون من المخصصات المرصودة للهيئة في الموازنة العامة، المساهمة التي تقدمها القوات المسلحة والأمن العام والدفاع المدني والمخابرات العامة، وأضيف إليها في التعديل الحكومي قوات الدرك، إضافة إلى ريع الأموال والمشاريع التي تمتلكها الهيئة والأنشطة التي تقوم بها، وأخيراً الهبات والمساعدات والتبرعات والمنح التي تقدم للهيئة.

ولفت العبادي الانتباه إلى أن الذي حضر اجتماع اللجنة الإدارية لدى مناقشة مشروع القانون المعدّل هو القائم بأعمال مدير عام الهيئة الهاشمية للمصابين العسكريين وليس وزير المالية، «رغم أن هذا يرتب على وزارة المالية نفقات هائلة» الأولى أن تتحملها الشركات والمؤسسات الخاصة التي يعمل فيها هذا الموظف. وختم العبادي مداخلته بتأييد اقتراح حازم الناصر ، مؤكداً «لا أوافق على رأي اللجنة».

وفي اتجاه معاكس لمداخلتي الناصر والعبادي، تحدث النائب خلف الرقاد ليشكر اللجنة الإدارية على شطب الفقرة التي أعفت الشركات من مسؤوليتها عن الإعاقة التي قد تصيب عسكرياً متقاعداً يعمل لديها، معتبراً أنها أزالت اللبس عن حقوق المتقاعدين. وأضاف "وهذه هي مكرمة واعتبار واحترام لكل العسكريين المتقاعدين الذين فدوا الوطن ولهم تضحيات جليلة، وهذا هو أقل الحقوق التي يمكن أن نعطيها للمتقاعدين". وكرّر شكره للجنة الإدارية على شطب الفقرة المشار إليها.

وفي حديث لـ «ے»، أوضح النائب محمد القضاة عضو كتلة جبهة العمل الإسلامي أن الأصل هو أن تقدم الهيئة الدعم للعسكريين الذين يصابون بإعاقة أثناء الخدمة، فلهؤلاء كل الحق في تلقي المساعدة اللازمة سواء كانت الإعاقة دائمة أو مؤقتة.

أما إبقاء الباب مفتوحاً ليشمل العسكريين المتقاعدين وبخاصة الذين قد يصابون بإعاقة نتيجة إصابات عمل في شركات أو مؤسسات يعملون فيها، فهذا «سيرهق موازنة الهيئة، ولن يكون في مصلحة الدور المناط بها، بسبب ما سيشكله من عبء على موازنتها».

إن ما يمكن أن نصطلح عليه بـ «مكرمة»، هو القانون الأصلي نفسه الذي شمل العسكريين المتقاعدين بتعريف المستفيد من خدمات الهيئة الهاشمية. كذلك يمكن أن نعتبر أن مشروع القانون المعدّل يمثّل «مكرمة» أخرى لأنه وسّع من الفئات المستفيدة في حالات الإعاقة بسبب المرض أو إذا وقعت خارج نطاق الخدمة. لكن عندما تقترح اللجنة الإدارية، ويوافقها المجلس، تحميل موازنة الهيئة نفقات مسؤولة عنها جهات من القطاع الخاص، فهذا ليس من «المكرمة» في شيء، بل يتعارض مع أحد أهم وظائف النائب في الرقابة على الحكومة، وفي إطارها أن لا يكون هناك تطاول على المال العام والذي أبدت الحكومة هنا رأفة به أكثر من المجلس النيابي!!

تعديلات قانون الهيئة الهاشمية للمصابين العسكريين: “تجاوز” على المال العام بغطاء تشريعي
 
20-Nov-2008
 
العدد 52