العدد 51 - رزنامه
 

السّجل - خاص

في معرضه "سعادة مطلقة" المقام على غاليري رؤى للفنون، يقارب التشكيلي السوري نزار صابور تلك البهجة التي يُفترَض أن الحياة تشتمل عليها، فيستوحي منها ألوان لوحاته ومضامينها، ويعيد إلى التفاصيل ما افتقدته من بريقٍ تحت وطأة اليومي وقسوته، ذاهباً باتجاه الطفولة بوصفها تعبيراً عن مرحلة زاهية الألوان.

يشكل الأبيض فضاء اللوحة عموماً، وتنبثق منه أيقونات من دوائر وأشكال لولبية ذات ألوان مبهجة من الأصفر، والأحمر، والبرتقالي، والأزرق الفاتح، تزخرف الحياة وتبعث شيئاً من الفرح والغبطة في نفس المبصر لها، والمتأمل فيها.

تتمظهر أشكال صابور أحياناً على هيئة كائنات شبحية موشحة بطيف لوني مبهر، كأنما تمارس طقس احتفال. وفي أحيان أخرى يستوحي الفنان مفرداته البصرية من تكاوين العمارة الدمشقية القديمة: المقرنصات، النوافذ، الأبواب، الأقواس.. ويصوغها بأسلوب تجريدي يتسم بالعفوية ويرتكز على أشكال هندسية مثل المربعات والمثلثات والدوائر، تتمازج في تناغم.

رغم أن اللوحات تتجلّل بالبياض، إلا أنها لا تتخلى عن الأسود الذي يؤطرها مرة، أو يتداخل فيها ببقع لونية تتناثر هنا وهناك مرة أخرى، كأنما يرغب الفنان أن يسلب من الأسود دلالاته القارّة في الوعي الإنساني، ليمنحه دلالات أخرى، تنأى به عن أجواء الحزن والحداد، نحو الانطلاق والحرية والتخلص من القيود.

هذه المتوالفة الهندسية التي ينسجم فيها اللون مع عناصر التكوين في اللوحة، تمنح تجربة صابور بصمتها الخاصة.

وُلد صابور في اللاذقية (1958)، درس الفن في دمشق (1981)، ونال الدكتوراه في الفلسفة وعلوم الفن من موسكو (1990). اشتغل في لوحاته، منذ نهاية الثمانينيات، على مفردات التراث والمعاصرة. تميزت المرحلة الأولى من تجربته بالمزج بين مَشاهد المدينة البيئية والعمرانية، وتأثر لاحقاً بالمرحلة البيزنطية الشرقية. وهو فنان متجدد يراكم على تجربته مطوراً ومواكباً للمستجدات دون توقفٍ عند محطة بعينها، أو الارتهان إلى أساليب وتقنيات دون غيرها.

نال صابور جائزة شرف تقديرية من البينالي الدولي الرابع للفن المعاصر في العالم الإسلامي في طهران، والجائزة الأولى في التصوير من بينالي المحبة الأول (اللاذقية)، والجائزة الأولى في التصوير في ملتقى دبي العالمي للفنون.

“سعادة مطلقة” لنزار صابور: بريق التفاصيل
 
13-Nov-2008
 
العدد 51