العدد 50 - اقتصادي
 

إبراهيم عبد الله

يزيد الاستخدام المتزايد للشبكة العنكبوتية في المملكة، والذي ترافقه زيادة في اعتمادية الاقتصاد والمؤسسات والأفراد على تطبيقاتها للتواصل محلياً ومع العالم الخارجي، من مسؤولية الشركات المزودة للخدمة في تقديم مستويات جودة عالية للخدمة دون انقطاعات تعزل مستخدميها وتعطّل احتياجاتهم.

وتثير مسألة الأعطال المتكررة التي تتعرض لها خدمات الإنترنت في السوق المحلية، على غرار أسواق العالم الأخرى، شكاوى مستخدمين، لا سيما أولئك الذين تعتمد أعمالهم بشكل أساسي على التواصل مع العالم الخارجي، وتؤكّد ضرورة توفير طرق بديلة وأجهزة احتياطية لمواجهة حالة العزلة للمشتركين والتي تفرضها انقطاعات قد تكون خارجة عن إرادة مزودي الخدمة.

وتنقسم الأعطال التي قد تتعرض لها خدمات الإنترنت في السوق المحلية بين داخلية وخارجية، الأولى، قد تنجم عن أعطال أو مشاكل فنية في أجهزة المزود الرئيس للخدمة أو للمزودين الفرعيين، فيما يتركز النوع الثاني في أعطال تطرأ على مسارات الربط مع الشبكة العالمية، التي تعتمد على الكوابل البحرية التي تصل قارات العالم ببعضها بعضاً.

وقد طرأت مشاكل وأعطال داخلية على شبكة الإنترنت الداخلية في المملكة خلال العام الحالي أعاقت أعمال مؤسسات وأفراد يعتمدون على الشبكة العالمية، وكانت حركة الإنترنت في المملكة إلى جانب مجموعة كبيرة من دول المنطقة تعرضت خلال شباط/فبراير الماضي لمشاكل انقطاعات وبطء في حركة الإنترنت نتيجة تعطّل كوابل بحرية رئيسة مزودة للخدمة في البحر المتوسط.

ويؤكّد عاملون في القطاع أن توسّع انتشار استخدام الشبكة العالمية محلياً وعالمياً وتركز تطبيقات الاستخدام على السعات والسرعات العالية يلقي بمسؤولية على الشركات لمراقبة شبكاتها ورفع سويتها، وايجاد طرق بديلة للأجهزة المحلية أو للربط مع العالم عبر الكوابل، ليس فقط من باب المسؤولية التجارية في تقديم الخدمة، ولكن لتأثير الإنترنت على حركة الاقتصاد بشكل عام.

أرقام عالمية تظهر توسعاً في استخدام الإنترنت محلياً وعالمياً، إذ ارتفع عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية في المملكة من 127 ألف مستخدم في العام 2000، بنسبة انتشار 2.4 بالمئة إلى أكثر من 1.13 مليون مستخدم العام الحالي، بنسبة انتشار تبلغ 18.2 بالمئة، فيما ارتفع العدد على مستوى العالم من 16 مليون في العام 1995 إلى أكثر من 1.4 بليون مستخدم.

وتعكف هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الوقت الراهن على القيام بدراسة تهدف إلى حصر عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة للوقوف على واقع استخدام الشبكة العالمية في السوق المحلية، التي تشهد توسعاً في عدد مزودي الخدمة وتنوعاً في تقنياتها المستخدمة. 

ويرى الرئيس التنفيذي لشركة «أورانج الإنترنت» سامي سميرات، أن الإنترنت أصبح «عصب حياة ومحركاً أساسياً لكثير من القطاعات الاقتصادية وعلى مستوى الأفراد». وقال: إن توسع الخدمة واعتماد المستخدمين عليها بتطبيقات مختلفة في حياتهم اليومية يؤكّد مسؤولية الشركات المزودة في توفير مستوى عالٍ من الخدمة.

ولا توجد أرقام رسمية تبين مدى اعتمادية الشركات والمؤسسات الاقتصادية على شبكة الإنترنت، لكن نتائج مسح رسمي لاستخدمات الإنترنت في منازل المملكة تظهر أن 36 بالمئة من الأسر الأردنية لديها أجهزة حاسوب وأن 16 بالمئة من الأسر فقط لديها خدمة الإنترنت في المنزل، وأن غالبية مستخدمي الإنترنت هم من الذكور، إذ بلغت نسبة مستخدمي الإنترنت من الأفراد ممن تبلغ أعمارهم 5 سنوات فأكثر خلال 12 شهراً السابقة 15.3 بالمئة شكّل الذكور منهم 61.3 بالمئة.  

وأشارت النتائج إلى أن الاستخدام الأكبر لخدمات الإنترنت في المملكة هو لإرسال واستقبال البريد الإلكتروني بنسبة 58 بالمئة، والنسبة الأقل هي لشراء أو بيع البضائع والخدمات بحوالي 5 بالمئة.

وقال سميرات إنّ على الشركات المزودة رئيسية كانت أو فرعية أن توفر طرقاً بديلة للربط خارجياً مع الشبكة العالمية، ويجب أن توفر أيضاً بدائل للشبكة داخلياً، وتوسيع وتحسين الخدمة ومراقبتها بالتوازي مع توسع قاعدة مشتركي كل مشغل.

وأكد رئيس هيئة مديري جمعية شركات تقنية المعلومات الأردنية «إنتاج» مروان جمعة، إن خدمات الإنترنت التي دخلت المملكة منتصف التسعينيات من القرن الماضي «لم تعد في الوقت الراهن من الكماليات»، وأن تعطلها يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الاقتصاد وحياة الأفراد المستخدمين.

لكن جمعة أشار إلى ضرورة توسيع المنافسة في سوق الإنترنت من خلال اجراءات حكومية تزيل حالات الاحتكار على الشبكة الرئيسية المزودة للمشغلين الفرعيين العاملين في السوق المحلية.

وأكد أهمية ايجاد طرق بديلة للربط مع العالم الخارجي (الربط عبر الكوابل البحرية)، فضلاً عن توسيع وتحريك حالة المنافسة بين المزودين العاملين في السوق المحلية.

وكانت شركة «فيتل الأردن»، التابعة لشركة «فيتل هولدينغز» وقعت العام الحالي اتفاقية تعاون مع شركة «ريلاينس جلوبلكوم»، ستقود خلال المرحلة المقبلة لتطوير كابل اتصالات بحري وشبكة ألياف ضوئية توفر مساراً إضافياً جديداً يصل المملكة بالعالم الخارجي.

والمشروع، في حال تم إنجازه، سينهي حالة احتكار دامت عقودا لمجموعة «الاتصالات الأردنية»، التي تشرف على منافذ الاتصالات الدولية الوحيدة للمملكة مع العالم الخارجي، ما سيؤمّن مساراً جديداً يحرّك المنافسة ويخفض الأسعار في سوق الاتصالات الدولية والربط بالشبكة العالمية واستخدامات الإنترنت.

وما زالت مجموعة «الاتصالات الأردنية» مسؤولة عن الشبكة الرئيسية لتمديد خطوط الإنترنت في المملكة، وهي تشرف على خمسة منافذ بحرية أو برية للربط مع العالم الخارجي، ويعمل في السوق المحلية 8 مزودين للإنترنت يعتمدون وبشكل متفاوت على البنية التحتية لـ «الاتصالات الأردنية» في تقديم خدماتهم.

ولكن شركات بدأت تقديم الخدمة عبر تقنيات لاسلكية «الواي ماكس» التي تقدم الخدمة دون الاعتماد على خطوط الهاتف الأرضي، الأمر الذي يرى فيه مدير عام مجموعة «المرشدون العرب»، جواد عباسي أمراً هاماً في تحريك المنافسة في السوق وايجاد طرق بديلة وشبكات إضافية عدا عما هو متاح أمام المستخدمين.

وينصح عباسي المؤسسات التي تعتمد في أعمالها بشكل أساسي على الإنترنت بالاشتراك مع أكثر من مزود وايجاد طرق اضافية للربط مع الإنترنت.

وبحسب قانون الاتصالات تقوم هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بمراقبة أداء خدمات الاتصالات، ومنها الإنترنت، حيث تتحقق الهيئة من إلتزام المرخص لهم بشروط الترخيص وأحكام القانون، ويجوز لها أن تتخذ أي إجراءات تراها ملائمة لهذه الغاية ومنها القيام بالكشف الحسي على مواقع الشبكة وأجهزة الاتصالات، فحص سجلات المرخص له الفنية والتأكد من سلامة الأنظمة المتبعة لاصدار الفواتير ودقتها، التأكد من مستوى الخدمة المقدمة للمستفيدين وشكواهم، والإطلاع على سجلات الصيانة والأعطال لدى المرخص له للتأكد من فعالية إدارة الخدمة

و كان المعنيون في القطاع التزموا أمام الملك عبد الله الثاني العام الماضي بالاستراتيجية الوطنية للقطاع التي ستغطي الفترة حتى نهاية العام 2011، وشملت هذه الاستراتيجية زيادة انتشار مستخدمي الإنترنت في المملكة إلى 50 بالمئة.

وبحسب احصاءات رسمية احتلت المنازل والمدارس والجامعات النسبة الأعلى كأماكن لاستخدام الإنترنت، حيث بينت نتائج الدراسة أن المنزل احتل المرتبة الأولى بين الأماكن التي يحصل فيها الفرد على خدمة الإنترنت بحوالي 53 بالمئة من الأفراد (5 سنوات فأكثر) ممن يستخدمون الإنترنت، ثم المدارس والجامعات بنسبة 47 بالمئة، في حين جاءت اماكن العمل ومقاهي الإنترنت في المرتبة الثالثة بنسبة 30 بالمئة.

“عزلة الإنترنت” تلقي الضوء على مزودي الخدمة لتحسين عملياتهم
 
06-Nov-2008
 
العدد 50