العدد 50 - حريات
 

سوسن زايدة

أخيراً استعاد طلبة الجامعة الأردنية أحد حقوقهم التي فقدوها بعد تعديل تعليمات مجلس الطلبة في العام 2001. ففي 18 كانون الأول/ ديسمبر المقبل سينتخب الطلبة جميع أعضاء مجلسهم للمرة الأولى منذ سبع سنوات، وسيحمل المجلس اسم «اتحاد طلبة الجامعة الأردنية».

جاء ذلك بناء على إقرار مجلس عمداء الجامعة الأردنية للصيغة النهائية لانتخابات مجلس الطلبة بعد أن تسلم المجلس مقترحات لجنة صياغة الانتخابات المقبلة، برئاسة علي محافظة.

خالد الكركي، رئيس الجامعة الأردنية، أعلن عن قرار انتخاب جميع أعضاء المجلس، في «خطبة» ألقاها أمام حشد من الطلاب، وصفها النائب بسام حدادين بـ«خطبة ثورية» تعلن عن «رحيل مرحلة الوصاية» و«انطلاق مرحلة الحرية»، كما جاء في مقالة له نشرتها «الغد» السبت الفائت.

الكركي اختار الإعلان عن إلغاء نظام تعيين رئيس الجامعة لنصف مجلس اتحاد الطلبة، عبر خطبة بدت «دونكيشوتية» مثقلة بعبارات قوية، بحسب وصف سياسي بارز فضّل عدم نشر اسمه، قال إن الكركي أراد أن يوحي أن سبب «إقصائه» المتوقع عن كرسي الرئاسة هو نتيجة هذه الخطبة، لا بسبب ما قيل من أنه جاء إلى هذا الموقع بدعم من رئيس الديوان السابق باسم عوض الله الذي دُفع للاستقالة، فيما يجري، حسب تلك الأقوال، «تصفية» رجالاته، ومن بينهم الكركي، الواحد تلو الآخر.

السياسي نفسه، كشف أن الكركي كان مرشحاً من طرف عوض الله ليكون سفيراً للأردن في المغرب، لكن وزير الخارجية السابق عبد الإله الخطيب رفض الترشيح. وأضاف السياسي أن ترشيح الكركي لمنصب السفير ولرئاسة الجامعة جاء بضغط من صديقيه اللذين جاء بهما إلى الديوان الملكي مطلع التسعينيات: علي الفزّاع وأمجد العضايلة.

الكركي قال في خطبته: «كونوا أحرارا نجحتم أو لم تنجحوا، المهم أن لا تكونوا عبيداً... من أجل هذه الحرية أنني أراهن على موقعي بينكم». وعبّر عن خشيته من «حدوث خلل» قد يضطره إلى «الانسحاب من المشهد». عبارات بدت وكأنها إنذار بثمن قد يدفعه الكركي لقاء «انحيازه الدائم للخيار الديمقراطي»، كما يرى وزير الإعلام الأسبق نبيل الشريف، في افتتاحية «الدستور» الأحد الفائت.

إلى جانب الرسائل «الثورية» الموجهة للطلبة، كان في الخطبة رسائل «تهدئة». فالكركي سمح بـ«الحرية» ومنعَ «الفوضى»، وهدد بـ«اجتثاث التخريب وأي تقسيم على أساس عشائري وأي خلل وأي محاولة سياسية للسيطرة على الجامعة الأردنية»، وأمر بأن «يكون يوم الانتخاب نهارا من الورد والشعر والعطاء والسنابل والفرح»، لأنه يعرف كيف يغلق أسوار الجامعة أمام المتطفلين عليها، بحسب تعبيره.

«الحرية» لدى الكركي يبدو أنها لا تتسع للنشاط الحزبي. يقول: «الذي يريد أن يعمل في الدعوة فليخرج خارج الجامعة، ومن أراد الانضمام إلى الأحزاب فهي خارج الجامعة». وهي عبارات رددها في معظم خطاباته أمام الطلبة.

فهل تتسع «الحرية الموعودة» لمشاركة حركات طلابية، مثل الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة «ذبحتونا» التي رفعت، يوم الأحد الفائت، إلى إدارة الجامعة الأردنية تصورها لتعليمات مجلس الطلبة التي تنوي إدارة الجامعة إقرارها. وهو تصور سبق أن أوصلته الحملة إلى الكركي وطلبت لقاءه مرات عدة منذ تسلمه رئاسة الجامعة قبل أكثر من عام دون أن تلقى أي رد، بحسب الناطق باسم حملة «ذبحتونا»، فاخر دعاس، ما اضطرها إلى إيصالها عبر رسالة مفتوحة نُشرت في وسائل الإعلام.

لم تحدث أي تغييرات في أنظمة الجامعة الأردنية لصالح الحريات الطلابية خلال رئاسة الكركي، كما يرى فاخر دعاس الذي يستدرك: «يُشهد للكركي أنه لم تكن هناك إجراءات قمعية ضد الطلاب النشطاء. فقد جرت العادة في عهود سابقيه أن يعاقَب الطالب بتنبيه أو إنذار أو فصل على نشاطه العام داخل الجامعة».

إلى جانب انتخاب جميع أعضاء مجلس اتحاد الطلبة، تطالب «ذبحتونا» بـ«إقامة اتحاد عام لطلبة الأردن»، كما كان منصوصا عليه في تعليمات مجلس الطلبة ما قبل العام 2001. وترى الحملة أن الاتحاد العام هو «الإطار النقابي المستقل الجامع لطلبة الأردن، وما المجالس الموقعية إلا خطوة مرحلية» من أجل إقامة هذا الاتحاد. «تحفظنا على مجلس طلبة الجامعة الأردنية منذ بداياته في العام 1991، لأنه جاء تحايلا على اللجنة التحضيرية للاتحاد العام لطلبة الأردن»، يقول دعاس.

وفي آلية التصويت وتقسيم الدوائر الانتخابية، تقترح الحملة تقسيم الدوائر الانتخابية إلى دوائر كبيرة بدمج عدد من الكليـات في دائرة واحدة، وتوزيع المقاعد في الدوائر حسب عدد طلبة كل دائرة، على أن ينتخب نصف أعضاء مجلس الطلبة وفق نظام التمثيل النسبي في الدائرة الواحدة، بحيث ينتخب الطالب بعدد المقاعد المخصصة لكليته، بدلا من نظام الصوت الواحد الذي أقر في العام 1995.

تعدّ هذه الآلية «خطوة أولى نحو التمثيل النسبي على مستوى الجامعة، وتهدف إلى جعل الطالب ينتخب وفقاً لقناعاته، وبالتالي نلغي تدريجياً التصويت العشائري والقبلي والطائفي، كما تهدف لزيادة الوعي الطلابي عن طريق تشكيل القوائم الانتخابية والبرامج الانتخابية والتحالفات، مما يعزز من الوعي الطلابي وينمي التربية الديمقراطية لدى رجالات المستقبل»، كما جاء في بيان الحملة.

وللحد من «انتشار مظاهر الإقليمية والفئوية في جامعاتنا»، تقترح الحملة إضافة بنود تتعلق بـ«العمل على وحدة الصف وتوثيق عرى الوحدة الوطنية، توثيق العلاقات مع المنظمات الطلابية العربية والإسلامية العالمية، ومناصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية وبخاصة القضية الفلسطينية».

وتطالب بشطب البند الذي ينص على: «يحضر جلسات المجلس العلنية والسرية مندوب من عمادة شؤون الطلبة»، وهو البند الذي استُحدث في تعليمات العام 2001. وترى الحملة أن هذا البند «يكرس العرفية في تعليمات مجلس الطلبة، ولا يعني سوى تكريس التبعية وفرض للوصاية».

وتقترح الحملة إعادة بند كان موجودا قبل تعليمات 2001، «يجيز للمجلس أن يشكل لجاناً مؤقتة من بين أعضائه للقيام بمهمات محددة... تبعاً للظروف الموضوعية التي يواجهها المجلس، فمثلاً يمكن للمجلس تشكيل لجنة لخفض رسوم الجامعة، أو لإلغاء تعليمات أو قرارات محددة لرئاسة الجامعة، إضافةً لتشكيل لجان لحق العودة أو الدفاع عن عروبة القدس أو التضامن مع العراق... إلخ».

وتطالب كذلك بإعادة بند ما قبل 2001 يتعلق بموازنة المجلس: «منحة مالية تقدمها الجامعة بواقع دينار عن كل طالب مسجل في كل فصل دراسي باستثناء الفصل الصيفي». هذا إذا كانت هنالك نيّة صادقة لبناء مجلس طلبة حقيقي وفاعل، فلا يعقل أن تكون موازنة المجلس السنوية 12.500 دينار أردني، وهو مبلغ لا يغطي تكلفة نشاطين أو ثلاثة، وفقاً لبيان «ذبحتونا».

وفي حالة حلّ المجلس، تدعو الحملة إلى أن تكون هنالك مدة محددة لانتخاب مجلس جديد، وذلك باستبدال عبارة «خلال فترة لا تزيد على الشهرين»، بعبارة «في الموعد الذي يقرره مجلس الجامعة».

دعاس يتوقع أن يقتصر التغيير على البند المتعلق بتعيين نصف أعضاء مجلس الطلبة، وتغيير اسم «المجلس» إلى «اتحاد». يقول: «استطاع الكركي ومن قبله رؤساء الجامعة السابقين أن يظهروا أن المشكلة فقط في جزئية التعيين، وبالتالي بمجرد تغييرها لن يستمع لنا أحد في ما يتعلق بالمشكلات الأخرى».

«بعد ثماني سنوات من تغييب الديمقراطية عن الجامعة، وبالتالي تدني درجة وعي الطلاب، أعطي للطلبة حق الانتخاب في إطار تعليمات مجلس طلبة هزيلة وقانون الصوت الواحد وطغيان العشائرية والإقليمية، لن تفرز الانتخابات مجلسا سليما ولن تعزز الديمقراطية»، يقول دعاس.

طلبة “الأردنية” يستعيدون أحد حقوقهم: خطبة الكركي “الثورية”:شكوك بانتهاء مرحلة الوصاية
 
06-Nov-2008
 
العدد 50