العدد 50 - حتى باب الدار
 

أبدعت اللهجة العامية كلمة «مْفكر» (بتسكين الميم) وذلك للتمييز بينها وبين كلمة «مُفكر» (بضم الميم) وهي الكلمة الفصيحة المعروفة.

أهمية التمييز مُلحة أحياناً، ذلك أن المشاركين في كثير من الندوات والمحاضرات يتكارمون في إطلاق لفظ «مُفكر» على بعضهم البعض، وتجد الواحد منهم يقدم الآخر بالقول: دعونا الآن نستمع الى المفكر المعروف.

ليس المطلوب حرمان أحد من التمتع بلقب «مُفكر»، لكن في الوقت نفسه يخشى من تزايد نسبة المفكرين في بلادنا عن النسبة المعترف بها دولياً.

الكلمة العامية «مْفكر» تحل المشكلة، فعن طريقها لا يحرم مفكرونا من اللقب من جهة، كما أنها تضمن أن لا يعتدى على المفهوم من جهة أخرى، وعلى العموم فإن الكلمتين لا تختلفان الا بالتشكيل، كما أن الكلمة العامية توسع نطاق استخدام المفهوم بحيث يمكن أن يكون لدينا الكثير من «الـمْفكرين».

انا مثلاُ «مْفكر أنام بعد الأكل» أو «مْفكر أشتري بنطلون على العيد» أو «مْفكر أتزوج مرة ثانية».. الخ. كل من هذه الأفعال تنطوي على فكرة تمكنني من أن أكون «مْفكر».

حتى في المسائل الثقافية أو السياسية قد أكون «مْفكر أعمل بحث» أو «مْفكر أكتب مقالة».وفي بعض المحاضرات والندوات يسأل أحد الحضور زميله: «مْفكر تسأل اليوم؟».

لا تنسوا طبعاً أن الـ«مْفكر» قد يكون معروفاً ومشهوراً، بل إنه قد يكون «مْفكر حاله مُفكر»!.

**

تشحيم الحسابات

هل سمعت بما يسمى رسم صيانة حساب؟ إن بعض البنوك لديها مثل هذا الرسم، يبدو أن الحسابات عندهم تحتاج للتشحيم وشد البراغي، على حد تعبير صديق يعتبر أحد أشهر المتعاملين بالمبالغ المالية المحدودة.

لكن جرب عزيزي القارئ أن تجعل حسابك ينكشف بمبلغ دينار واحد مثلاً، إنك حتماً ستجد أنه سوف يخضع للفوائد حتى لو كانت قيمتها بالفلسات، وسيقال لك إن الأمر يجري آلياً، وإن الكمبيوتر يحسب ذلك تلقائياً، ولكن هذا الكمبيوتر يعجز عن الحفاظ على ذلك الدينار لو كان لمصلحتك.

تعتمد البنوك في عملها اليومي على خرافة دقة الأرقام البنكية ،وأن هذه الدقة تشمل كل التعاملات وأن الفرد لا يمتلك الا الاستسلام أمامها، ويحفظ كثيرون القصص عن فروع البنوك التي استمر دوام موظفيها لمنتصف الليل بهدف معرفة مصير بعض الفلسات، حيث يرفض البنك أن يدفعها الموظف من جيبه ويصر على التدقيق في حسابها.

ليست هذه دعوة لتغيير أسس الحسابات البنكية، بل هي دعوة او تحريض على توخي الإنصاف في التسميات، ولتعلن البنوك أنها تعتمد النتافة كواحدة من أسس عملها.

مفكرون بلا حدود
 
06-Nov-2008
 
العدد 50