العدد 50 - رزنامه
 

السجل - خاص

يقدم معرض "خمسة أطياف"، المقام على غاليري دار الأندى، إطلالة على تجارب خمسة فنانين عرب قادمين من مدارس فنية مختلفة، هم: نجلاء الرماحي، وفلاح السعيد، وعماد الظاهر (العراق)، وعبد القادر البخيت (السودان)، ومحمد نصر الله (الأردن).

في أعمالها المشغولة بتقنية الأكريليك على القماش، تقدم الرماحي التي درست الفنون الجميلة ببغداد، تنويعات شكلية ولونية تقترب من الكولاج. تنحصر الألوان في أشكال عشوائية التصميم، تتلاصق جنباً إلى جنب ضمن تراكبية تبعث على الإحساس بالقلق والترقب، خصوصاً أن الألوان الغامقة كالأسود والبنفسجي والبني، تتسيّد خلفيات اللوحات.

سمة التقطيع تَظهر كذلك في أعمال السعيدي، غير أن الشكل الأساسي في اللوحة يبدو واضح المعالم. وجاء فعل التقطيع من خلال حزوز لونية سوداء أُعملت في الأحمر وتدرجاته والأصفر الباهت والبني، فيما خُطّت حدود الأسود بالبنفسجي الغامق، كما في اللوحة التي تُبرز جسداً أنثوياً جرى تشويه الأبعاد فيه بطريقة درامية، حيث استُؤصلت اليدان وبرز الرأس بشكل مدبب وغابت ملامحه في غمامة الألوان المتداخلة، وانتشر الأحمر بطريقة مفزعة توحي بفعل دموي.

يوظف السعيدي جسد الأنثى بطريقة رمزية تحتمل معاني الأمومة والدفء والحنان، ويضعها في فضاء مغاير قاسٍ ومرعب، لينتصر في النهاية إلى الوجه المشرق من الحياة، وهو ما تكشف عنه لوحته التي تصوّر جسد امرأة تحتضن الكمان، تواصل من خلاله فعل البقاء. المساحة اللونية الخضراء هنا تعانق الكمان ووجه المرأة الذي يحتضنه.

لوحات السعيدي المولود في العام 1976، منفذة بتقنية الزيت على القماش، وتبرز الأشكال فيها بطريقة نافرة عن السطح، تدفع المتلقي لتأملها عميقاً وجسّ نبض الحياة واستشعارها فيها.

ما يلفت النظر في هذا المعرض، وبشكل خاص تجارب الفنانين العراقيين، هو بصيصُ الأمل بغدٍ أفضل. وهو ما تذهب إليه التجربتان السابقتان للرماحي والسعيدي، وما تؤكده منحوتات الظاهر المولود العام 1964 والذي درس فن النحت في جامعة بغداد (1989). المادة الأساسية للظاهر هي النحاس، وقد ركز الفنان على مفردات بعينها من مثل الأقفاص التي تحلق الطيور خارجها، في إشارة إلى توق للحرية ورفض للسجن أو التقييد، كما في المنحوتة التي تُبرز جسد كائن بشري يجلس على كرسي في حديقة، يرقد على طرفه قفص، وعلى الطرف الآخر ثمة غصن لشجرة يقف عليه طائران، ويتخذ الغصن بتفرعاته شكل قَلب حُبّ. العصفور موتيف يتكرر في أعمال الظاهر كما هو المفتاح والقفل والغصن.

البخيت المولود في السودان العام 1966، يستخدم في أعماله المعروضة وللمرة الأولى، الألوانَ المائية، ويركز على رموز من التراث الشعبي، تتجلى بوضوح على سطح اللوحة، وإن كانت تسيل عليها قطرات من ألوان متعددة معظمها يبعث على البهجة والفرح.

أما نصر الله المولود العام 1963 فيراكم في هذا المعرض على منجزه الإبداعي الذي بدأه منذ التسعينيات لوحاتٍ مشغولة بتقنية الزيت على القماش، برع نصر الله في توزيع مساحاتها محققاً متعة بصرية من ذلك التمازج الحيوي بين الكتل اللونية الموزعة بشكل مدروس على سطح اللوحة.

خمس تجارب، لخمسة فنانين، لكلٍّ منها نكهتها الخاصة، ولها مجتمعة قدرةٌ على شحن المتلقي بأحاسيس ورؤى عميقة تلامس روحه وتدهشها.

“خمسة أطياف”:تجارب فنية تلامس الروح
 
06-Nov-2008
 
العدد 50