العدد 8 - اقتصادي
 

يشهد الأردن منذ عام 2003 انعطافة في قطاع الإنشاءات والأراضي مع طفرة في حجم الطلب وتصاعد الأسعار رافقها اختلال في معايير التسعير بعيداً عن أساسيات معادلة العرض والطلب.

زيادة النشاط العقاري غطّت معظم الأحيان مساحات انتقائية عبر المملكة، وبخاصة عمّان الغربية، وتزايد الطلب عليها أدى الى ارتفاع أسعار الإنتاج العقاري وكلّف ايجاره على المواطن الأردني وتزايد إنفاق الأسرة على الأراضي والمساكن وخدمات البنية التحتية.

هذا المآل استقطب استثمارات ضخمة في قطاع ذي نسب مخاطرة منخفضة بالتزامن مع انخفاض نسب الفوائد، ما أدىّ إلى فورة عقارية في «مناطق منتقاة» إلى جانب عمان الغربية، خصوصاً في «مناطق المثلث الذهبي العقاري: البحر الميت، عمان، العقبة» وساهم بارتفاع أسعار العقارات في بعض المناطق بنسب تفوق 300٪ للفترة 2004- 2007.

تقدر وزارة الأشغال العامة حجم الاستثمار في قطاع الإنشاءات 2001-2006 ب 10 مليارات دينار، ما يعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع أن يتضاعف بنسبة 250 ٪ على مدى السنوات الخمس المقبلة ليصل إلى 35 ملياراً عام 2012، بحسب الوزارة، ما يعني مزيداً من الطلب العقاري والإسكاني من مختلف الشرائح.

معادلة غريبة

الحراك في السوق العقارية يتناقض مع مضامين النظرية الاقتصادية والمعادلات التي تحكم السوق المرتكزة إلى أن وفرة العرض تؤدي إلى انخفاض الأسعار لتلبية احتياجات الأفراد وتجنب حالة الكساد. فمع أن سوق الشقق تعاني من ركود كبير لجهة انخفاض حجم المبيعات وعدم تسويق الإنتاج بالكامل تحلّق الأسعار بمستويات غير مسبوقة في بلد ينمو عدد سكانه بنسبة 2.8٪ سنوياً.

ويرجع خبراء هذا الوضع إلى تدفق غير أردنيين للاستثمار في هذا القطاع بالتزامن مع ارتفاع أسعار المساكن نتيجة قفزات في أسعار الأراضي والضرائب والرسوم، وتكلفة المواد الإنشائية، وإرتفاع أجور العمالة. في المقابل تتآكل مداخيل غالبية السكان باستثناء شريحة يزيد ثراؤها يوماً بعد يوم.

التداول العقاري 2003 - 2007

وصل حجم التداول في السوق العقارية إلى 1.3مليون دينار عام 2003 ثم قفز إلى ملياري دينار عام 2004 وتضاعف إلى 3.5 مليار في العام التالي ليسجل رقماً قياسياً هو 4.9 مليار دينار العام الماضي، بحسب سجلات دائرة الأراضي والمساحة.

حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي ارتفع التداول في سوق العقار إلى 4.4 مليار دينار، ويرجّح أن يصل الى 6 مليارات مع نهاية العام.

حركة بيع الوحدات الإسكانية

دائرة الأراضي والمساحة تشير إلى أن عدد الشقق المباعة تأرجح خلال السنوات الماضية، خلال عام 2004 إذ وصل إلى 18432 شقة، منها 14846 في العاصمة بنسبة 81٪. بينما شهد عام 2005 انخفاضاً في بيع الشقق السكنية مقارنة مع العام 2004 بنسبة 17.6٪. وبيع ما مقداره 15184 شقه سكنية، أما في عام 2006 فبلغ عددها 17874 شقة منها 72٪ في العاصمة عمان.

وشهد عام 2006 ارتفاعاً في بيع الشقق السكنية بنسبة 15.1٪ مقارنة مع عام 2005.

وبلغ عدد الشقق المباعة في النصف الأول من العام الحالي9367 شقة متراجعاً بنسبة 14٪ عن النصف الأول من العام الماضي حيث كانت قد سجلت 10856 شقة.

وبلغ عدد الشقق المباعة في النصف الأول من العام الحالي في العاصمة 6737 شقة لتحوز على ما نسبته 71.9٪ من مبيعات الشقق.

ما الذي يجري؟

رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان المهندس زهير العمري قال لـ«السِّجل»: إن السوق العقارية الأردنية خصوصاً ما يتعلق بسوق «الإسكان» تعاني من حالة ركود شديدة، وإنتاج غير مسبوق في الشقق والوحدات السكنية من الشقق والوحدات السكنية بالرغم من الطلب المرتفع والحاجات المتزايدة للمواطنين.

حالة الركود من وجهة نظر العمري حصلت نتيجة ارتفاع أسعار الشقق لمستويات تفوق مداخيل المواطنين وقدراتهم التمويلية، الأمر الذي يجبرهم على تأجيل تلبية متطلباتهم الإسكانية، ويزيد احتياجاتهم الإسكانية السنوية.

ويعزو العمري التباطؤ في النشاط العقاري خصوصاً ما يتعلق بالشقق إلى وجود فجوة بين القدرة الشرائية للمواطن وأسعار الشقق المعروضة للتسويق بسبب تراجع الإنتاج وتزايد الطلب.

حالة الركود هذه، وفقاً للعمري، ظهرت في المناطق التي شهدت ارتفاعاً في الأسعار خصوصاً في العاصمة عمان ومناطقها الغربية.

أغلى العواصم العربية

وفي الصيف الماضي كشف إحصاء صدر عن وحدة المعلومات التابعة لمجلة الإيكونومست البريطانية أن عمان تحتل المرتبة الأولى بين العواصم العربية من حيث ارتفاع تكاليف المعيشة النسبية قياساً إلى مداخيل مواطنيها، تليها دبي ثانياً، والدار البيضاء في المرتبة الثالثة.

وتصدرت عمان المدن العربية من حيث ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة ارتفاع قيمة وإيجارات العقارات، بشكل ملحوظ، في السنوات الأخيرة حيث بلغ متوسط سعر الأراضي في عمان نحو 500 دولار للمتر المربع، وساهم ارتفاع أسعارها بمضاعفة كلفة البناء والتشييد، إذ تشكّل كلفة الأرض نحو 60٪ من كلفة إنجاز البناء.

وبحسب الإحصاء أدى ارتفاع الأسعار إلى قصور في الطلب على الشقق في عمان من قبل الأردنيين وتوجههم إلى صوب المدن الأخرى التي شهدت هي أيضاً ارتفاعاً في أسعار عقاراتها.

ويرى التقرير أن الإيجارات وأسعار الشقق والمساكن ارتفعت بشكل لم يقابله ارتفاع في الدخول لغالبية الأردنيين.

من جانبه أكد مدير عام شركة الاتحاد لتطوير الأراضي رمزي السلفيتي أن الطلب في القطاع العقاري سيستمر بوتائر نمو قوية للفترة المقبلة في ظل استمرار تزايد الطلب على الشقق السكنية، وتزايد حاجة المملكة إلى الشقق والبالغة 33 ألف مسكن أنتج منها في العام الماضي 20 ألف شقة.

وعن اختلال معادلة العرض والطلب في سوق الإسكان الأردنية، والتناقض الواضح بين الطلب المرتفع وحالة الركود التي يعيشها المعروض من الشقق، دعا السلفيتي إلى استحداث منتجات بنكية لتمويل شراء الشقق وإدخال مساحات جديدة في التنظيم لإحداث تراجع حقيقي في معدلات الأسعار.

مدير عام شركة بيت العائلة للإسكان المهندس كمال العواملة قال: إن المعادلة التي تحكم السوق العقاري تخالف باقي الأسواق، فالعرض يحدد الطلب في سوق الإسكان الأردني وليس العكس. وهذا يحتم على الشركات إنتاج وحدات سكنية تلائم متطلبات مختلف الشرائح الاجتماعية ومداخيلها.

بيد أن الشركات وفقاً للمهندس العواملة تصطدم بواقع تأثرها بارتفاع معدل التضخم والضرائب والرسوم التي تشكل 30٪ من قيمة الشقة وارتفاع أسعار الأراضي، مبيناً أن استمرار هذة الحالة محفوف بالمخاطر.

بوح الأرقام

بيانات دائرة الإحصاءات العامة التي تستند إلى تعداد السكان والمساكن، تظهر أن 66٪ من الأسر الأردنية تمتلك مسكناً خاصاً بها، بينما يسكن 24٪ من الأسر في بيوت مستأجرة، أما 10٪ المتبقية من الأسر فتتوزع تحت بنود أخرى، وتقيم 20٪ من الأسر في العاصمة، ويتوزع 80٪ منها على المحافظات الأخرى.

سوق العقار تخرق قواعد لعبة السوق – السجل خاص
 
03-Jan-2008
 
العدد 8