العدد 49 - أردني
 

سماح الخطيب

صداقة أهل عمان مع شجرة الزيتون لم تنحصر فقط بما يمتلكونه في منازلهم أو مزارعهم، بل تعدته إلى الشوارع التي زرعوا شجرتهم الأثيرة فوق أرصفتها.

غير أن تلك الصداقة انتهت بقرار يقضي بإزالة الأشجار دائمة الإخضرار من هذه الأرصفة لتنتهي أواصر صداقة عمرها من عمر المدينة في طورها الحديث.

القرار الذي اتخذته أمانة عمان الكبرى في تشرين الثاني/أكتوبر من العام الماضي والقاضي بـ «إعادة تأهيل الأرصفة»، أثار استياء بعض المواطنين لما تمثله الشجرة من رمزية ارتبطت بها أرصفة المدينة، وبخاصة الأحياء الحديثة منها، فضلا عن أنها مصدر مهم للحصول على الزيت والزيتون بالنسبة لبعض المواطنين الذين يعتمدون في الحصول على محصولهم السنوي من الزيتون، على الأقل، من زيتون أرصفتهم.

ويقول مدير قسم الأرصفة في أمانة عمان الكبرى محمد رحاحلة، مبررا صدور القرار، بأن موسم الربيع من كل عام يشهد ارتفاعا في شكاوى مواطنين عن معاناتهم من مشاكل تنفسية وتحسس بسبب أشجار الزيتون، ويطالبون بنقلها من الأماكن العامة، فضلا عما تمثله هذه الأشجار من إعاقة لحركة المشاة على الأرصفة، كونها تنمو أفقيا وعموديا في الوقت نفسه.

ويضيف رحاحلة أن الأمانة سعت لنقل أشجار الزيتون المزروعة على الأرصفة عبر حملة وطنية، بغية «إعادة الأرصفة للمشاة، والمحافظة على صحة المواطنين من الآثار الجانبية السلبية لهذه الأشجار».

خميس خطاب، رئيس جمعية الأمراض الصدرية والتنفسية، يتفق مع ما قاله رحاحلة عن وجود مسوغات صحية لإخلاء أرصفة عمان من أشجار الزيتون، لافتا إلى أن شجرة الزيتون تسبب فعلا، مشاكل تنفسية عديدة، خصوصا في فصل تفتح الزيتون الذي يستمر من أسبوعين إلى أربعة أسابيع، ويبدأ مع نهاية فصل الربيع. وهو يرى أن عددا كبيرا من سكان عمان يعانون من حساسية تسببها لقاحات الأشجار في الفترة من شهر نيسان/أبريل وحتى حزيران/يونيو من كل عام، حيث يزداد عدد مراجعي عيادات الأمراض التنفسية.

وزير الصحة الأسبق زيد حمزة من أكثر المتحمسين لقرار إزالة أشجار الزيتون من على الأرصفة وزرع أنواع أخرى بدلا عنها مثل شجر الزينة الأقل ضررا على صحة الإنسان.

حمزة، الذي اهتم بتلك الفكرة منذ أكثر من خمس سنوات، يبين أن «غبار الطلع الخاص بأزهار الزيتون أكثر خطورة على الجهاز التنفسي للإنسان من أي نوع آخر»، فهو يسبب الربو، خصوصا عند الأطفال.

ويضيف أن لجنة من الأطباء الاختصاصيين وذوي الخبرة قام بتشكيلها وزير الصحة قبل عامين لدراسة واستقصاء هذا الموضوع جيدا، رفعت تقريرا إلى أمين عمان الكبرى، يوصي بنقل أشجار الزيتون إلى أماكن أخرى، بسبب زيادة حالات التحسس الناتجة عن أغبرة أزهار الأشجار المثمرة المزروعة داخل المدن.

ولكن يبدو أن الأمر لا يتوقف عند حدود التأثير على الجهاز التنفسي للإنسان، إذ تبين اختصاصية التغذية، ومديرة المركز الريادي للتغذية والحميات ربى العباسي أن «نسبة التهوية والأكسجين الطبيعيين يؤثران في نمو شجرة الزيتون، كما أنهما يؤثران سلبا في نسب العناصر الغذائية في ثمارها».

وتشير إلى أن شجرة الزيتون المزروعة على الأرصفة تمتص الغازات والملوثات كالرصاص والزئبق الناتجين عن عوادم السيارات، وتحتفظ بهما، وأن تلك الغازات تؤثر في ثمرة الزيتون، وتفقدها فائدتها وعناصرها الغذائية، وتلفت إلى أن من الممكن أن تتسبب في أضرار للأشخاص الذين يتناولونه في حال كان متشربا لنسبة كبيرة من تلك الغازات.

لأنه يسبب الحساسية ويعيق السير عليها: اقتلاع زيتون أرصفة عمّان: نهاية صداقة بعمر المدينة
 
30-Oct-2008
 
العدد 49