العدد 49 - ثقافي
 

الطيب شلبي

تونس- كانت الفرنكوفونية تعني "الاستعمار"، وما زالت كذلك، بخاصة في بلدان المغرب العربي (تونس والجزائر والمغرب)، وفي بلدان إفريقيا وبعض بلدان المشرق كسورية ولبنان.

يبدو أن الأمور اتخذت منحى آخر عبّر عنه المفكر المغربي عزيز لحبابي حين أكد خلال لقاء مع مثقفين تونسيين وعرب أن الفرنسية التي يكتب بها، هي" ما سهر عليه الليالي". كما أنها في نظر مثقفين عرب "غنيمة حرب" لا يمكن التفريط فيها.

الفرنكوفونية التي تركت مواقعها لتابعيها عرفت شدّاً وجذباً في سنوات انحسار الاستعمار الرسمي المباشر وغير المباشر ،وانتشار الفكر العروبي والإسلامي الذي طبع عقود الستينيات وما تلاها.

وفي نظرة إلى سيرورة الحال بالنسبة للمثقفين المغاربة، يجد المرء أن أسماء عدد منهم تُكتب بلغة فرنسية صريحة، مثل: هشام جعيط، الطاهر بن جلون، عبد الوهاب بوحديبة، عبد الوهاب المؤدب، يوسف الصديق، فوزية الزواري، الطاهر بكري، أمين معلوف، ومحمد أركون. هؤلاء يدركون أن الفرنسية -وهي "لغة حلوة" كما عبّر عنها جعيط- تأخذ حظها من تونس إلى السنغال، ومن الجزائر إلى سورية ولبنان، وتمتد هذه اللغة لتطبع دولاً استقلت في خمسينيات القرن الماضي وستينياته.

من ينسى الموقف الذي اتخذه التونسي الراحل حمادي الصيد، عندما وجّه توبيخاً شديداً لثقافة فرنسا وضميرها، حين بدأ دورها يتراجع تجاه دول الجنوب؟.

الفرنكفونية تُراجع أدوارها عبر مؤتمرات عالمية كان آخرها مؤتمر عُقد اكتوبر الجاري في الكيباك بكندا. ومن باب إعطاء ما لقيصر لقيصر، فإن هذه الثقافة التي تُعدّ غازية في بلدان المستعمرات القديمة، شرعت في تقويم دورها. وهناك باحثون، مثل جاك بيرك واندري ميكال ورودنسن، وظفوا عقولهم لتحقيق هدف الثقافة الناجية: العروبة والإسلام والقرآن.

عدد كبير من مثقفينا ذوي اللغات المتعددة يستحقون وجبة معنوية رائعة، فليسوا "ماسحي أتربة" أكاديميين فقط، بل هم من يقدمون باقة مواجدهم من العربية وإليها.

فرنكوفونيون لكنهم “وطنيون”
 
30-Oct-2008
 
العدد 49