العدد 8 - أردني
 

يدخل الأردنيون أصعب سنة تمر على بلادهم تحت ثقل الغلاء واتساع نطاق الفقر، ما ينذر بتزايد أعداد الفقراء، وسط مطالبات خبراء ومسؤولين سابقين للحكومة والأسرة بشد الأحزمة وإعادة برمجة أولويات الإنفاق.

وبينما يحمّل خبراء اقتصاد ما يعتبرونه «حلف الحكومة والتجار» مسؤولية «غول الأسعار» قبل رفع المحروقات، يرى مسؤولون سابقون أن السلطة التنفيذية تسعى لكبح جماح الغلاء لكن من دون جدوى.

بين الضرائب الحكومية والتجار تنزلق يومياً آلاف الأسر تحت خط الفقر الذي ترتفع عتبته بوتيرة متسارعة وسط غلاء غالبية السلع والخدمات.

الإحصاءات الرسمية تقدر عتبة الفقر ب 504 دنانير سنوياً، فيما يرى وزير تنمية اجتماعية أسبق أن هذه العتبة تتجاوز 350 ديناراً شهرياً لأسرة مكونة من ستة أفراد، أي ضعف معدل دخل الفرد الشهري.

ويتابع الوزير «قفزت عتبة خط الفقر من 160 ديناراً مطلع العقد الحالي إلى 210 وصولاً إلى 300 ويزيد بانتظار رفع الدعم وتحرير أسعار المحروقات».

يرجع وزير مالية أسبق ضعف مستوى المعيشة إلى انخفاض معدلات الأجور في بلد لا تتجاوز مداخيل 66 % من قواه العاملة 200 دينار شهرياً و15% (100-200) دينار و 14 % بأجر يقل عن 100 دينار.

خمس القوى العاملة، المقدرة بمليون وربع المليون، تتقاضى بين 200 و300 دينار شهرياً بينما تبلغ رواتب 8% بين 300 و500 دينار. أما من يزيد دخلهم على 500 دينار فلا تتجاوز نسبتهم 4ر0% من إجمالي القوى العاملة.

بلغة الأرقام، يغرق أكثر من مليون موظف وعامل تحت خط الفقر مع سائر أفراد أسرهم.

ويبلغ معدل الفقر العام في الأردن بحسب الأرقام الرسمية 14%، لكن خبراء اقتصاد يقدرون نسب الفقر المدقع ب 30% والمطلق بين 40 و 45%.

ويرجح عميد كلية الأعمال في الجامعة الأردنية الدكتور بشير الزعبي أن تزيد نسبة الفقر المدقع في 2008 لتصل إلى 35%، في حين يتوقع أن ترتفع معدلات الفقر المطلق الى 50%.

بينما يدعو وزير مالية أسبق لترشيد استهلاك الأسر وإعادة ترتيب الأولويات، في حين يرى الزعبي أن هذا المخرج «غير منطقي في ظل محدودية المداخيل» وانتشار الكماليات مع توسع تسهيلات قروض البنوك الاستهلاكية.

وتلعب السياسات الحكومية دوراً في إضعاف الأثر السلبي على مستوى معيشة المواطن، بحسب الوزير، كذلك يساهم خلق جو استثماري يدعم سياسة الانفتاح الاقتصادي وتدفق الاستثمار، وحوالات الأردنيين العاملين في الخارج، جهود الحكومة في التخفيف على المواطنين.

في المقابل، يدعو الزعبي الحكومة إلى إنشاء هيئة رسمية لمراقبة الأسعار والإشراف عليها لمنع حالات احتكار السلع، كذلك تعنى الهيئة بتفعيل قانون المنافسة ومنع الاحتكار والتركيز على مواصفات السلع.

الزعبي يطالب الحكومة أيضاً بمحاربة «احتكار القلة» الذي يتم بناء على اتفاق ضمني بتوحيد الأسعار بين تجار سلعة واحدة، الأمر الذي يعتبره التفافاً على القوانين، يشكل حالات احتكارية تضر بالمستهلكين.

وزير الصناعة والتجارة عامر الحديدي أعلن في وقت سابق أن الحكومة ستفعّل المادة (أ) من قانون الوزارة الذي ينص صراحة على حق الحكومة في تحديد أسعار السلع الأساسية لحماية المواطنين من ارتفاعات الأسعار غير المبررة.

وهو الأمر الذي يدعو الخبير الاقتصادي هاني الخليلي إلى التساؤل: أين كان هذا البند من القانون في فترات سابقة شهدت خلالها الأسواق ارتفاعات كبيرة ومتتالية في أسعار السلع، فيما عكف المسؤولون على تكرار عبارة أن «الحكومة غير قادرة على التدخل في الأسعار بسبب سياسة الاقتصاد المفتوح التي تنتهجها».

مسؤول رفيع سابق قال إن المواطن ذا الدخل المحدود سيعاني خلال 2008. وتوقع المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن معدل التضخم في 2008 سيتضاعف عن 2007 (المقدر 5%) ليخترق حاجز 12%، ويتفوق على النسب المعلنة لدى الحكومة 8 إلى 9%.

وزاد «2008 عام صعب على المواطن والحكومة بكل المقاييس» برغم أن الحكومة تسعى للتخفيف على المواطنين من خلال زيادة الرواتب، إلا ان الزيادات التي وصفها ب «الجيدة» تغطي فرق ارتفاع أسعار المحروقات فقط، ولا تكفي لتسديد الالتزامات التي ستترتب على مداخيل الأفراد نتيجة ارتفاع الأسعار الكبير في 2008.

وتتعدد عوامل التضخم بحسب الخبير الاقتصادي مازن مرجي الذي يرى أن إنفاق الحكومة خمسة مليارات دينار، زيادات الرواتب 301 مليون، انخفاض سعر الدولار الذي يربط به الدينار مقابل العملات الأخرى وهامش الربح المرتفع لدى التجار كلها أسباب لرفع معدلات التضخم.

وللحد من قفزات الأسعار في 2008 تبحث وزارة الصناعة والتجارة بحسب وزير الصناعة ونقابة تجار المواد الغذائية في «آلية إعفاء عدد من السلع الغذائية التي ارتفعت أسعارها عالمياً من الرسوم والضرائب الجمركية»، إلا أن قراراً رسمياً لم يتخذ بعد.

من جانبه قال نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق إن النقابة قدمت لوزارة الصناعة والتجارة قائمة بعدد من السلع والمواد الغذائية تجاوزت في حدها الأعلى 13 سلعة تعد أساسية لإعفائها من الرسوم والضرائب الجمركية نظراً لارتفاع أسعارها في بلد المنشأ.

ومن المرجّح أن تشهد أسعار السلع الأساسية في المديين القصير والمتوسط ارتفاعاً نتيجة تحرير سوق المشتقات النفطية والمتغيرات العالمية، التي أبرزها ارتفاع أسعار صرف العملات الأوروبية تجاه الدينار، وتزايد الطلب من جهة اقتصاديات آسيوية كبرى.

و«يتزامن القرار مع تحرير أسعار المشتقات النفطية بداية العام الجديد» بحسب الحاج توفيق.

وتشمل قائمة السلع التي رفعتها النقابة البقوليات بأنواعها، الدجاج المجمد، اللحوم، الأرز ، السكر، منتجات الحليب، الأجبان، معلبات اللحوم والزيوت النباتية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط العالمي، إلى زيادة أجور النقل والشحن والصناعات العالمية، مما سيطال الارتفاع المقبل سلعاً استراتيجية على رأسها الحبوب والسكر والحليب.

وفي هذا الصدد، يقول الزعبي ستشهد الشهور الأربعة المقبلة انجلاء بعض الغيوم حول الملف الأميركي الإيراني، الذي سيؤثر في اتجاه أسعار برميل النفط الذي لامس 100 دولار في الآونة الأخيرة، لكن على الأفراد، وبخاصة محدودي الدخل، التكيف مع زيادة الأسعار.

ويتوقع خبراء اقتصاد أن يقفز سعر البرميل الى 150 دولاراً في حال تأزم الحالة الأميركية الإيرانية.

ويضيف الزعبي « نظرياً رفع الدعم عن المحروقات سيزيل التشوهات التي تعتري معدلة العرض والطلب» في السوق المحلية، وسيستفيد المواطن مستقبلاً من أجواء التنافس بين التجار.

كل راتب وأنتم أحياء تبادل التهنئة بالعيد: "غول" الأسعار يطارد الأردنيين في عامهم الجديد – جمانة سليمان
 
03-Jan-2008
 
العدد 8