العدد 7 - حريات
 

تبدأ “السجل” مع هذا العدد تخصيص مساحة لقضايا الديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، باعتبارها جميعاً روافد لقضية أساسية واحدة هي نهضة العالم العربي على قاعدة إقامة “الدولة المدنية والمجتمع الديمقراطي”.

الدولة المدنية هي دولة جميع مواطنيها الذين تتحدد علاقتهم بها وعلاقاتهم فيما بينهم عبر ثنائية القانون والمؤسسات، فيتساوون في الحقوق والواجبات وفق القانون، ويتكافأون في الفرص عبر الأطر المؤسسية التي لا تتحيز لأحد على أحد على أساس أصله أو دينه أو عرقه، وإنما تُفاضل بين الناس على أساس كفاءاتهم.

أما المجتمع الديمقراطي، فهو مجتمع التعددية الذي يحترم اختلافات الناس وتنوع خياراتهم الحياتية، وتالياً تعدد وجهات نظرهم ومواقفهم تجاه مختلف القضايا العامة، فلا يسعى لتنميط الناس وفرض مفاهيم ثقافية شمولية عليهم. إنه مجتمع الثقافة المدنية القائمة على خيارات الفرد، لا الثقافة الأبوية القائمة على “العادة والإكراه”.

همّ هذه المساحة إذاً، تبني مفاهيم الدولة المدنية والمجتمع الديمقراطي، التي بها تعود للمواطن الفرد قيمته وأهميته، فلا يظل مجرد رقم أو عضو في قطيع، بل يصير إنساناً فاعلاً يتجاوز “عقدة التهميش” المفروضة عليه من قبل الدولة الأبوية والمجتمع النمطي ذي النماذج الجاهزة.

إن وجه الأزمة في ذلك التهميش، الذي يُبعد الفرد العربي عن المشاركة في تقرير مصيره وصنع مستقبله، لا يكمن في إهماله طاقات أفراد المجتمع وعدم الاستفادة منها للتطوير والنهضة فقط، بل كذلك في انعكاسه السلبي على سلوك هؤلاء الأفراد، لأنهم يسعون بسبب شعورهم بالحرمان من الإنسانية، لإثبات أنفسهم وجدارتهم في محيطهم الاجتماعي الضيق، فينطبع سلوكهم تجاه أقرانهم وشركائهم في الوطن والمجتمع بالعنف المادي والمعنوي، ما يشقّ المجتمعات ويمنع توحدها وتكاتفها ضد الظلم. فلا يكون ممكناً عندها إقامة دول ناهضة ومجتمعات راضية ومخلصة لأوطانها.

إشاعة مفاهيم الدولة المدنية والمجتمع الديمقراطي، عبر تبني قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني الفاعل، طريقٌ لضمان مشاركة الناس في تقرير مصير أنفسهم وبلادهم، والوصول إلى مصالحهم دون استجدائها من أحد، وبالتالي إقامة حياة أفضل نتخلص فيها من مآزقنا السياسية والحضارية.

إنها، إذاً، مساحة “ضد التهميش”.

المحرر

عقدة التهميش – سامر خير
 
27-Dec-2007
 
العدد 7