العدد 45 - اقتصادي
 

جمانة غنيمات

اتخذت حكومة الذهبي عدة خطوات لتجاوز العثرات التي ألمت بملف استثمار أراضي دابوق والأبنية التي رافقت بدء الحديث عن استثمار هذه المنطقة قبل ثلاثة أشهر، إذ تمكنت الحكومة من وضع المشروع الذي يكلف بلايين الدنانير في الطريق الصحيح.

الإجراءات الحكومية التي اعتمدت الشفافية امتصت الحالة السلبية التي وسم بها المشروع، لكن تحقيق الهدف من هذه الإجراءات يستدعي البناء عليها وفق أسس شفافة وواضحة افتقدت في العمل الحكومي منذ سنوات.

وكذلك يتطلب نجاح المشروع وتسويقه شعبياً الاستمرار في نهج المصارحة، إذ لا خوف من المكاشفة، لا سيما إذا كان الهدف المصلحة الوطنية وتحقيق مكاسب مالية للاقتصاد والموازنة العامة التي تعاني عجزاً مالياً مزمناً يتوقع أن يبلغ للعام الحالي ما قيمته 830 مليون دينار.

أخذ مشروع دابوق الاستثماري منحى جديداً، بعد أن تقدّمت ست شركات عالمية للحصول على عطاء إدارة، تسويق وتشغيل أراضي ومباني المشروع الذي يقع على مساحة 1800 دونم، ينتظمها 13 مبنى مقامة على 150 دونماً، حسبما كشف مصدر مطل على هذا الملف.

تعددت جنسيات الشركات التي تقدمت بعطاءات لهذا المشروع بين أميركية، وبلجيكية، فيما رشحت معلومات ترجّح فوز ائتلاف بريطاني- إماراتي بعطاء تشغيل المشروع. أما عطاء التسويق، فقد يحال إلى شركة أردنية ترتبط بمدار شركة أم مقرها لندن.

المصادر ذاتها تؤكد أن الحكومة طرحت سابقاً عطاء لهذه الغاية وتنظر الآن في الطلبات المقدمة، لتحديد الجهة التي عرضت أفضل الشروط للفوز بهذه المهمة.

ونبّهت إلى أن تسويق المباني المقامة في تلك المنطقة الاستراتيجية ليس سهلاً، بخاصة وأنها كانت أنشئت أصلاً لغايات عسكرية. ولفت أيضاً إلى أنها تضم منامات، ودور عرض، ومولات، ومطاعم، ومراكز رياضية ومرافق متعددة.

وقدّرت المصادر قيمة إيجارها بين 120 و130 ديناراً للمتر المربع، إذ تخطط الحكومة لجعل المنطقة بالأساس، مركزاً لشركات تكنولوجيا المعلومات منها محرك البحث غوغل ومايكروسوفت. حتى الآن أبدى خمسة زبائن محتملين من هذه الشريحة العملاقة اهتمامهم بفكرة الاستئجار في الموقع.

كذلك أبدت هيئة الأمم المتحدة اهتماما مبدئياً باستئجار 4000 متر مربع، من أصل 130 ألف متر مربع داخل حرم المشروع.

وترى الحكومة أن استقطاب عروض مختلفة لتأجير المباني قبل طرحه يندرج ضمن خطط كسب الوقت وزيادة جاذبيته للاستثمار. فالقيمة الحقيقية للمشروع، بحسب المصادر، تتمثل بالأراضي الفارغة التابعة له والتي ستزيد قيمتها بعد استغلال المباني القائمة وفق المخطط، حسبما رأى أحد المصادر.

إلى ذلك أوضح أن من الممكن بيع هذه الأراضي بالمزاد العلني لتحصيل أعلى قيمة ممكنة، مشيراً إلى إمكانية استخدام هذه الأموال في تخفيض قيمة المديونية المقدرة حاليا بـ«تسعة بلايين دينار».

يشرف رئيس الوزراء نادر الذهبي شخصياً على اللجنة الحكومية التي تدير المشروع قبل تسليمه للمشغل الذي سيرسي عليه العطاء، وهي تضم في عضويتها وزير العمل باسم السالم، وعضو من أمانة عمان، والمستشار الاقتصادي للرئيس.

ومن الخطوات الدالة على جديتها في مأسسة العمل في هذا الملف سعيها إلى توقيع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الضمان الاجتماعي خلال الفترة المقبلة لتأسيس شركة يملكها الضمان برأسمال مقداره 100 مليون دينار لإدارة مشروع دابوق، حسبما كشف أمس مصدر مطل على هذا الملف.

كانت الحكومة بادرت بتقديم مشروع مذكرة التفاهم إلى المؤسسة لدراستها وعقدت المؤسسة اجتماعين للتباحث حولها.

وناقش مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي خلال اجتماع عقده مؤخراً نسخة من المذكرة تأسيس الشركة التي ستتابع تفاصيل المشروع من بيع وتأجير وترميم أبنية، بحسب المصادر ذاتها.

وتم خلال اللقاء وضع بعض التعديلات على المذكرة ليصار إلى عرضها على المستشار القانوني تمهيدا لإقرارها وتوقيعها.

وسيتم تعيين مدير عام ومجلس إدارة للشركة للإشراف على استثمار الضمان في هذا المشروع تتولى هي أيضاً توقيع العقود مع المطورين الراغبين في الاستثمار في هذا الموقع.

وسيجري الضمان دراسة جدوى تنتهي بعد أربعة اشهر تبين الجدوى الاقتصادية من المشروع، ومدى انسجامه مع خطط المؤسسة الهادفة إلى زيادة استثمارات المؤسسة في قطاع العقار.

المصادر بينت أن المؤسسة ما تزال تفكر في تفاصيل مختلفة تتعلق بالمشروع منها أسعار الأراضي في الموقع والتي ستحدد من قبل الحكومة، لكنها رحجت ظهور نتائج إيجابية حول جدوى الاستثمار في هذا المشروع.

في الأثناء، تسعى الحكومة للتعاقد مع مشغّل دولي لرسم خريطة طريق استثمار هذا المشروع العملاق واختيار شخصية اعتبارية محلية ذات ثقل وتتحلى بالنزاهة لإدارته. في موازاة ذلك يتواصل التفاوض مع عدة جهات لاستقطاب شركات عالمية ضخمة أو هيئات دولية، بما يحفز قادمين جدد على الاستئجار أو الشراء، بحسب المسؤول الحكومي، الذي لم يشأ الإفصاح عن هويته.

وتعكف الحكومة على وضع خطة عمل لإدارة المشروع الاستثماري الضخم، الذي يضم المدينة الطبية باستثناء مستشفى الأطفال الجديد الذي كلف مبلغ 65 مليون دينار، بحسب المسؤول الذي أوضح أن سعي الحكومة لتأجير المنشآت إلى تأجير الموقع لا يلغي فكرة البيع، بل العكس تماماً، إذ يرى المسؤول أن استئجار المباني من شركات عالمية يزيد قيمتها ويساعد على تسويقها بشكل أفضل.

مشروع دابوق فرصة لرفد الاقتصاد ببلايين الدنانير تسهم في تحقيق التنمية المستدامة خلال السنوات الماضية شريطة أن تدار الأموال وتنفق وفق خطط مدروسة لتساهم في تقليص معدلات الفقر البالغة 14.3بالمئة والبطالة التي يقدر معدلها بنحو 13.2 بالمئة.

الحكومة تدير مشروع دابوق الاستثماري بشفافية
 
25-Sep-2008
 
العدد 45