العدد 7 - ثقافي
 

أدونيس.. اسم ارتبط بآلهة الكنعانيين، الفينيقيين، وهو معشوق أفروديت إلهة الخصب في الأسطورة، ولكنه بالنسبة لعلي أحمد سعيد اسبر، الشاعر والناقد والتشكيلي، يرتبط بالمشاكسة التي قسمت المثقفين العرب في نظرتهم إلى صاحب “الكتاب”، إلى مريدين وأعداء، ووضعته بين فردوس القديسين، وجحيم الأشرار والمتآمرين. هذه الحيرة التي تقسم المثقفين إلى (فسطاطين)، لم ينج منها صاحب “أغنيات مهيار الدمشقي” الذي يضع قدميه على خط الثمانين، وما يزال مفتونا بلعبة المغامرة، والتجريب إلى حد يضع معه يديه أحيانا في بيت النار، أو يضع الأفعى في عبه.

الكاتب المولود في القصابين باللاذقية عام 1930، لم يعرف مدرسة نظامية قبل سن الثالثة عشرة. حفظ القرآن على يد أبيه، كما حفظ عددًا كبيرًا من قصائد القدامى. وجمع ما اعتبره عيون الشعر العربي في أربعة أجزاء، ويأمل أن يجمع طرف الصناعة الثانية (النثر). أخذه الملل إلى بياض اللوحة في تجربة تشكيلية مثيرة للجدل أيضا، وكان أول المشككين في تجربة ادونيس هو ادونيس نفسه

وهو على محبته للشعر، وعلى تعصبه للعروبة، ربما لخلفية انتسابه للحزب القومي السوري، واتهامه من البعض بالشوفينية، إلا أنه من أعنف الناس انقضاضاً على التراث والماضي، والبنية الثقافية العربية. ومع أن كثيرين ممن يعتقدون أن دعواته الحداثية لا تخلو من طروحات ذكية وأفكار نيرة، وأن نقوده الأدبية والاجتماعية لا تحيد عن عبقرية، إلا أن منهم من اكتفى بالقول: “كلمة حق يراد بها باطل”، وبعضهم وصل به التشكيك في أن “الثابت والمتحول” التي نال عليها لقبه العلمي، كانت صنيعة الدوائر الاستشراقية، ولاقت مثل هذه الآراء رواجاً عند بعض (الماضويين)، الذين أشاروا أيضا بأصابع الاتهام إلى دوره في مجلة “شعر” في أواخر الخمسينات والستينات من القرن المنصرم.

المهم أن الرجل الذي يحافظ على أناقة عفوية، وطريقة رقيقة في الحديث، لا يخلو من أشكال هو نفسه يقول بتناقضه وحيرته، هذه الحيرة التي يهرب منها إلى طفولة مخبأة في أعماقه، ويعيد من خلال اللعب وقصاصات القماش والورق والحصى، ملامسة العالم للتأكد من انه ما يزال على ذمة الحياة. وصاحب “الثابت والمتحول”، الذي أقام معرضه بمشاركة العراقي حيدر في دارة الفنون بعمان في كانون2/ديسمبر، يشاكس الطفل فيه ويقيم مسافة بينه وبين أعماله الشعرية والنقدية والتشكيلية لرؤيتها بوضوح. وها هو في هذا اللقاء يتحدث عن تجربته التشكيلية، وآرائه النقدية والفكرية.

ح.ن.

أدونيس.. ووضع اليدين في بيت نار المعرفة – ح.ن
 
27-Dec-2007
 
العدد 7