العدد 45 - أردني
 

محمد شما

قال تقرير صدر مؤخرا عن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في وزارة الخارجية الأميركية، إن هناك «تدهوراً» في مجال الحريات الدينية في عدة دول عربية وإسلامية من بينها الأردن. وبحسب جون هانفورد، أحد المشرفين على هذا التقرير، فإن الانتقادات انصبت على أن القوانين الأردنية تعتبر التحول من الإسلام إلى المسيحية ردة، وأنها تعاقب من فعل ذلك بإلغاء زواجه وتعلنه بلا هوية دينية. واتهم هانفورد الحكومة الأردنية بالتضييق على الأفراد والمنظمات ذات التوجه الديني غير الإسلامي.

واعتبر التقرير أن وضع الحريات الدينية في الأردن تراجع خلال الفترة التي غطاها التقرير (من تموز 2007 حتى تموز 2008)، وكان الأبرز في ذلك هو «كيف تعاطت الحكومة مع حالات الارتداد عن الدين». وأشار إلى حادثة «طرد 30 مسيحيا أجنبيا يعملون في نشاطات دينية، بالإضافة إلى مضايقات تعرض لها أفراد ومؤسسات بسبب الديانة».

كما انتقد التقرير المحاكم الشرعية وسلطتها في مقاضاة المرتدين عن الإسلام. واعتبر التقرير العلاقة بين المسلمين والمسيحيين «جيدة بشكل عام»، مشيرا إلى قيام رجال مجتمع وأعضاء في العائلة المالكة بخطوات لتعزيز حرية الأديان، «إلا أن أتباع أديان غير معترف بها، ومسلمين تحولوا إلى أديان أخرى وأشخاصا يوصفون بأنهم من دعاة الردة، يواجهون تمييزا مجتمعيا وتهديدا بإيقاع أذى نفسي وذهني».

رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، عدنان بدران أعتبر أن التقرير «مشوه» وأبدى استغرابه مما ورد فيه، وقال: «هذا تشويه لموقف الأردن من الأديان، وما أورده التقرير غير حقيقي ولم أسمع به إلا من هذا التقرير».

«جميع التحريات التي نجريها في المركز الوطني لحقوق الإنسان تعارض مثل هذا التقرير، لأن الدستور كفل حرية العبادات والأديان في الأردن في الكنائس والجوامع، لجميع المذاهب، لذلك لا يوجد أي تحيز أو تمييز في الأردن بين مواطن أردني مسيحي أو مسلم أو من أي ديانة أخرى، فالجميع يشهد أن حرية العبادات كلها محمية ومتوافرة للجميع بدون أي تمييز، لكن الأبواق الخارجية تحاول دائما أن تحطم الأردن وصورة الديار الإسلامية» كما قال بدران.

بدران يرى في الوقت نفسه أن «علينا أن نتقبل ما يرد في التقرير، وأن نفحص المعلومات بموضوعية، ونحللها بشكل موضوعي، ونرد عليها ولا نهملها، ويجب ألا تؤثر على مسيرتنا».

ويرى بدران أن الحكومة عليها أن تترفع عن الإجابة على ما ورد في التقرير، وأن الرد يجب أن يكون من خلال مؤسسات المجتمع المدني، وبرأيه أن الحكومة يجب ألا ترد على مثل هذه التشوهات لأنها تأتي بين الفينة والأخرى، وتلقي هذا العبء على مؤسسات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الإنسان، «هذه أكثر فاعلية في الرد».

الناشط الحقوقي، سليمان صويص، رفض مناقشة ما تضمنه تقرير الحريات، لأنه «صادر عن جهة ليست مخولة بإصدار تقارير عن العالم وتقييم من يراعي الحرية ومن لا يراعيها.

ويضيف صويص أنه ليس للخارجية الأميركية الحق في أن تقيّم حريات الإنسان أو الأديان في البلدان المختلفة، «نحن نقبل التقرير إذا كان صادراً عن منظمة، كمنظمة العفو الدولية، وهي منظمة دولية غير حكومية أو من منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأميركية، أو المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أما أن يصدر من حكومة، وليست أي حكومة، إنما حكومة الولايات المتحدة الأميركية، والتي لها مصالح اقتصادية استراتيجية في العالم، وتنصب نفسها حكما على العالم، فنحن لا نقبله».

ولم ينف صويص ما ورد من بعض الممارسات التي «تقع» في الأردن لها علاقة بالأديان، ولكن «لا ننتظر هذا التقرير لنقيم أو نراجع».

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أعلنت عقب صدور التقرير السنوي حول الحريات الدينية في العالم، «إن الولايات المتحدة ستواصل ما سمته نشر الحريات الدينية ورفض أية أعمال تشكل هجوما على التقاليد الدينية في العالم»، معلنة رفضها سعي منظمة المؤتمر الإسلامي إلى تبني المجتمع الدولي قرارات تجرم تشويه الأديان بعد نشر وسائل إعلام غربية رسوما مسيئة للرسول محمد.

الناشط الحقوقي، فوزي السمهوري فال إن «المبدأ أن دين الدولة الأردنية هو الإسلام، وطالما أن دين الدولة هو الإسلام، فيجب ألا تتناقض القوانين الأردنية مع التعاليم الدينية، ولا يعاني الأردنيون من الاضطهاد الطائفي».

السمهوري، يرى أن أي تقارير دولية تتناول الحريات الدينية «يجب أن تراعي خصوصية أي دين»، ويقول: «إذا ما تحدثنا عن التمييز الديني، ففي إسرائيل، اليهودي يتبع والدته بغض النظر عن اختياره، وهذا يعني أن إسرائيل تقوم بانتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان، وتمنع المسلمين من إقامة شعائرهم الدينية بالتالي هذا انتهاك لحقوق الإنسان ولا أحد يتحدث عنه».

**

أبرز ما تناوله التقرير عن الأردن

- بعد أن قام مجلس رؤساء الكنائس بنشر إعلان يذم الإنجيليين ويتهمهم بالتحريض على أعمال طائفية، ظهرت مقالات في الصحافة الأردنية شديدة الانتقاد للإنجيليين. رؤساء تحرير منعوا ردا من الكنيسة الإنجيلية نُشر في وكالة عمون.

- تحظر الحكومة التحوّل عن الإسلام أو التحريض على الردة. إلا أن الدستور لا ينص صراحة على حظر الدعوة إلى الردة عن الإسلام.

- بموجب الحكم الشرعي، المرتدون يفقدون حقوقهم المدنية وممتلكاتهم. أما الحكومة فلا تعترف باعتناقهم دينا آخرن وتعتبرهم مسلمين في تعاملاتهم المدنية مثل الزواج والطلاق. في المقابل، تسمح الحكومة لغير المسلمين باعتناق الإسلام.

- جميع المواطنين، بمن فيهم غير المسلمين، خاضعون للقانون الإسلامي فيما يتعلق بالميراث. الأبناء القصر لمواطن اعتنق الإسلام يُعتبرون مسلمين، أما الأبناء البالغون لمسيحي اعتنق الإسلام فيحرمون من ميراث أبيهم ما لم يعتنقوا الإسلام.

- في شهر حزيران 2006، نشرت الحكومة ميثاقا دوليا للحقوق المدنية والسياسية في الجريدة الرسمية. البند 18 من الميثاق يشير إلى أن للجميع حق التمتع بحرية الفكر والضمير والدين، بما في ذلك حرية اعتناق دين أو معتقد، وحرية التعبير عن الدين والمعتقد في العبادة والممارسة والتعليم.

- المؤسسات المسيحية لا تتلقى دعما من الحكومة كما تتلقاه المؤسسات الإسلامية. كما أن الكنائس مطالبة بأخذ ترخيص من وزارة الداخلية

- بعض الكنائس مرخص كجمعيات مثل الإنجيلية الحرة.

- الحكومة لا تعترف بالبهائية أو الدرزية، ولكنها لا تحظر ممارسة البهائيين والدروز لديانتهم. وفي المعاملات الحكومية مثل الهويات ودفاتر العائلة يعاملون كمسلمين أو يترك مكان الدين فارغا.

- لا يوجد نظام قضائي للبهائيين بما يتعلق بأعمال الميراث والزواج. ولا بد من أخذ هذه الأمور إلى المحاكم الشرعية. لديهم «مجلس» يرخص الزواج إلا أن دائرة الأحوال المدنية والجوازات لا تعترف بهذه الزيجات.

- رجال الدين في الجيش يقتصرون على المسلمين السنة، إلا أنه لا يوجد ما يحظر ممارسة المسيحي والشيعي لدينه.

- ينص الدستور على حرية التجمعات الدينية في إنشاء مدارس خاصة بمجتمعاتهم شريطة الالتزام بالقانون العام والخضوع لسلطة الحكومة بما يتعلق بالمنهاج والتوجهات.

- يُسمح للمسيحيين بالإجازات في أعيادهم الرسمية

- لم تسجل أية تقارير لممارسات تحظر ممارسة دين ما، ولكن بعض الممارسات الحكومية ظهرت وكأنها تعطل نشاط بعض الجماعات المسلمة وغير المسلمة.

- الحكم بالسجن شهرين على جهاد المومني وهاشم الخالدي لاتهامهما بالإساءة للأنبياء لإعادة نشرهم الرسوم المثيرة للجدل، والتي اعتبرت مسيئة للنبي محمد.

- في أيار 2008، رفع مسلم سني قضية على شقيقه الذي اعتنق البهائية. وفي ما بعد قال مقربون من المتهم إن الشقيق رفع القضية بسبب أمور تتعلق بالميراث، إذ إن المحكمة الشرعية تمنع المرتد من الإرث.

- في 2006 رفع مسلم قضية ردة ضد زوج ابنته الذي اعتنق المسيحية. بعد أشهر أسقط المدعي القضية بعد أن تعهدت زوجة المرتد بعدم المطالبة بالإرث.

- لا توجد أخبار عن معتقلين أو محتجزين على خلفية دينية.

- في 2008 أصدرت محكمة مدنية وثيقة طلاق للمرة الأولى لزوجين بهائيين.

تقليل من أهميته لصدوره عن “الخارجية”: تقرير أميركي عن تراجع الحريات الدينية في الأردن
 
25-Sep-2008
 
العدد 45