العدد 44 - أردني
 

جمانة غنيمات

رغم تربع الدولار على عرش العملات الرئيسية العالمية خلال الأسابيع الماضية وإظهاره قوة لم يعهدها مقابل العملات الأخرى منذ العام 2004 فإن محللين أكدوا أن الاقتصاد الأميركي ما زال "غير مؤهل لقيادة الدولار نحو القمة".

تحسن سعر صرف الدولار مقابل عملات رئيسية أخيراً، لم يكن مدعوما بانتعاش أداء الاقتصاد الأميركي الذي ينتظر نتائج تقرير العمالة لديه هذه الفترة، وفقاً لآراء محللين، بل كان ناجماً عن تراجع أداء اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة.

وساهم في دعم الدولار تمسك المضاربين في أسواق المال العالمية به وبيعهم للعملات الرئيسية مقابله بهدف جني أرباح، ما أدى إلى مزيد من تعزيز مكانته.

وبرزت قوة العملة الأميركية مقابل الجنيه الاسترليني حين تراجع الأخير إلى مستوى لم يبلغه منذ عامين ونصف العام، فيما بدا اليورو ضعيفاً حين بلغ حاجز 143.6 دولار وهو أدنى مستوى له في سبعة أشهر.

ويرى وزير المالية الأسبق، سليمان الحافظ، أن توجهات سعر صرف الدولار مرتبطة بعوامل عدة متشابكة من شأنها تحديد قوة الدولار من ضعفه مستقبلاً.

وبيّن الحافظ أن هذه فترة انتقالية لمواجهة بعض المسائل الشائكة في الاقتصاد الأميركي، ومن أهمها توجهات الحرب في العراق والتوتر مع إيران، والانتخابات الأميركية، ونوع السياسة الاقتصادية التي سيتبناها الحزب الفائز.

الانتخابات الأميركية التي ستجري في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تبدو مهمة للعديد من الاقتصادات في هذه المرحلة، وبخاصة الدول التي ترتبط عملتها بالدولار مثل الأردن.

ففوز باراك أوباما، مرشح الحزب الديمقراطي (أول مرشح أسود يمثل حزباً أميركياً في انتخابات الرئاسة)، سوف يحسن من قوة الدولار، ما يعود بنتائج طيبة تنعكس على أسعار النفط بعد سلسلة الويلات التي شهدتها ولاية الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش، واستمرت نحو ثماني سنوات.

الوعي يبدو أكبر بأهمية الفائز في الانتخابات الأميركية، لا سيما ما يتعلق بتفاصيل البرامج الانتحابية لمرشحي الحزبين الديمقراطي أوباما ومنافسه الجمهوري ماكين، إذ نما إدراك بتفضيل أحدهما على الآخر بعدما أفضت سياسة بوش الخارجية لصعود تاريخي لأسعار السلع الأساسية إلى جانب النفط من جراء ضعف الدولار الذي بدا واهناً طيلة عامين، وجرّ معه عملات كثيرة مرتبطة به إلى فقدان جزء من قيمتها، وما انسحب عليه من تأثير على قدرة كثيرين على إجراء تحويلات لبلدانهم.

وأظهرت بيانات على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي أن إجمالي تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج زاد بنسبة 8.5 بالمئة خلال الشهرين الأولين من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبلغت قيمة التحويلات 366.6 مليون دينار فيما يقدر عدد العاملين الأردنيين في الخارج ما بين 600 ألف إلى 670 ألف عامل معظمهم في السعودية، بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة. وتعد تحويلات الأردنيين أكبر مصدر للعملات الأجنبية الواردة إلى البلاد.

وبلغت تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج العام الماضي 2.4 بليون دينار العام 2007 بزيادة 36 بالمئة عن العام 2006.

الخبير الاقتصادي، حسن ارشيدات، يرى أن البحث عن النفط في الصين سيفتح المجال أمام انخفاض أسعار النفط العالمية، وبالتالي أمام قوة الدولار. ويبين ارشيدات أن الإدارة الأميركية الحالية تحاول تحسين الأوضاع في الوقت الراهن، وذلك لكسب نقاط لصالح الحزب الجمهوري.

ولفت إلى أن المناطق التي نزل إليها المؤشر في الفترة الحالية تعد مناطق حساسة من شأنها تغيير مسار الدولار، إذا تخطاها نزولاً أو صعوداً وعلى رأسها عملات اليورور والاسترليني.

وبحسب ارشيدات، فإن العملات ستشهد حركة تصحيحية على حساب الدولار خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن أسعار البترول مؤهلة للانخفاض نحو 100 دولار للبرميل ثم تعاود ارتفاعها.

ومن الصعب أن ينزل السوق أكثر مما أنخفض في السابق.

إلى ذلك، يسهم وجود دولار قوي في تخفيض المديونية الخارجية للأردن، والتقليل من عجز ميزانه التجاري، الذي يمثل الفرق الناتج عن طرح قيمة المستوردات من القيمة الإجمالية للصادرات الكلية.

فتحسن الدولار سيخفض قيمة المديونية الخارجية ويقلل من عبء خدمة الدين الخارجي، إذ شهدت السنوات الماضية تراجعاً للدولار، أثرت سلباً على المديونية.

 وشهد صافي الدين العام؛ الدين الخارجي وصافي الدين الداخلي، في نهاية تموز (يوليو) 2008 انخفاضاً عن مستواه في نهاية العام 2007 بمقدار 648.5 مليون دينار، أو ما نسبته 7.9 بالمئة، ليصل نحو 7.55 بليون دينار، أو ما نسبته 58.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2008، مقابل ما نسبته 73.0 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2007 أي بانخفاض مقداره 14.2 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

نشرة المالية أظهرت ارتفاع صافي الدين العام الداخلي موازنة عامة بحـوالي 1.08 بليون دينار أو ما نسبته 36.1 بالمئة من جهة، وانخفاض صافي رصيد الدين العام الداخلي مؤسسات عامة مستقلة بحوالي 112.4مليون دينار أو ما نسبته 201 بالمئة من جهة أخرى.

 ويرتبط الدينار الأردني بالعملة الأميركية منذ العام 1995.

يشار الى أن تراجع الدولار تسبب بارتفاع جزء من عجز الميزان التجاري ، كان جراء ارتفاع كلفة المستوردات من دول الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم لأعلى مستوياتها في أكثر من عقد ونصف من الزمن، متأثراً بقيام الحكومة بالتخلص من دعم المحروقات في الثامن من شباط (فبراير) الماضي، لتصعد الأسعار خمس مرات متتالية قبل أن تنخفض مرتين فقط من مجموع التعديلات الشهرية التي أجرتها لجنة التسعير ووصلت إلى 7 مرات.

الدولار القوي يخفض المديونية وعجز الميزان التجاري
 
18-Sep-2008
 
العدد 44