العدد 44 - أردني
 

جمانة غنيمات

بدأت قصة شركات البورصات العالمية قبل سنوات، حين بدأ إقبال العديد من المواطنين على ترخيص شركات متعددة الأغراض، في دائرة مراقبة الشركات. ويذكر أنه جرى في حينه اعتراض مراقب الشركات على تسجيل بعض منها ورفض طلباتها.

وتطورت المسألة بعد ذلك حين تقدم أصحاب الشركات المرفوضة بدعوى أمام محكمة العدل العليا للطعن في قرار مراقب الشركات، وهو ما تم بالفعل، وبدأ هذا النوع من الشركات يتكاثر، بشكل متسارع، ليفوق عددها الآن الألف شركة، بحسب تقديرات رسمية.

وظل أصحاب الشركات يمارسون أعمالهم دون حسيب أو رقيب، حتى أشهر قليلة ماضية، حين بدأت الحكومة تستشعر خطرا من ممارسات بعض هذه الشركات، وخشيت على أموال المواطنين الذين أصبحت بين أيديهم من الضياع والتسبب في أزمة مالية كان بالإمكان عدم حدوثها. فقد تجمع في أيدي هذه الشركات مبالغ مالية تراوح، بحسب مسؤول مالي، بين 200 و300 مليون دينار، أي وبنسبة تعادل 5 في المئة من قيمة موازنة الدولة للعام 2009.

شهد ملف هذه الشركات تطورا كبيرا حينما أحال رئيس الوزراء نادر الذهبي إلى النائب العام لدى محكمة امن الدولة 8 من الشركات التي تتعامل بالبورصات الأجنبية بناء على 9 قضايا مرفوعة بحق هذه الشركات لدى مدعي عام إربد ومدعي عام جرش.

  ومن الشركات التي تم تحويلها إلى مدعي عام أمن الدولة شركات "النبض السريع" و"المصفوفة" أو ماتريكس.

  وشهدت الحالة تطورا أكبر بتدخل نادر الذهبي، في إطار استخدامه الصلاحيات المخولة له كرئيس للوزراء، بتحويل القضايا إلى محكمة أمن الدولة واعتبارها جرائم اقتصادية، وذلك نظرا لخصوصية هذه القضايا وإمكانية البت بها في صورة أسرع، بهدف تقوية فرص تحصيل أي جزء من حقوق المواطنين وإعادته إليهم بسرعة أكبر، فضلا عن الحجز التحفظي على الأموال والعقارات.

 التسارع في تطور هذه القصة لخصه صدور قرار بالحجز على أموال أصحاب هذه الشركات وأصولهم وفروعهم، كما تم منع 33 شخصا من السفر على ذمة هذه القضايا.

وأكد الذهبي خلال لقاء عقده قبل نحو أسبوعين، أن "الحكومة لا توجد لديها أي فكرة عن قيمة المبالغ المستثمرة في هذه الشركات، ولن تكون لديها أي فكرة عن حجم استثمارات المواطنين، ما لم يتبرع المواطنون أنفسهم بالإفصاح عن حجم الأموال التي أودعوها في هذه الشركات". ولفت إلى إن "ما تم التحفظ عليه لغاية الآن هي فقط عقارات وليس أموالا نقدية".

وقال إن الحكومة "لا تستطيع تحويل أي قضية من هذا النوع إلى محكمة أمن الدولة، أو إجراء حجز تحفظي عليها من دون ورود شكوى من مواطن بحق هذه الشركات".

وأكد أن "هذه الشركات ليست لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالشركات المدرجة على سوق عمان المالي". وشدد على أن" سوق عمان المالي سوق منظم وأوضاعه مستقرة".

 المتعاملون مع هذه الشركات ليسوا فقط من الناس البسطاء، كما كان يشاع، بل إن بعضهم، بحسب ما ذكر رئيس الوزراء، "رجال أعمال وأكاديميون ومهنيون ومن مختلف شرائح المجتمع، وليس كما كان يعتقد بأنهم مواطنون بسطاء ليست لديهم خبرة في الاستثمار ويجري التغرير بهم بطريقة أو أخرى".

  رئيس الوزراء، وضع الحضور في صورة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حيال شركات الاستثمار في البورصات العالمية، حتى توقف، بقدر المستطاع، النزيف من استدراج أموال الناس الذين كانوا يتسابقون لتحقيق ربح سريع من قبل هذه الشركات، وليحصلوا على عوائد مالية كبيرة تفوق أي استثمار معروف.

وحتى صدور قانون البورصات المؤقت، في الشهر الماضي، لم يكن هناك أي نص يجرم تجميع أموال من المواطنين لغاية المتاجرة بها، وهو ما حال دون أي تحرك حكومي قانوني تجاه وجود جرم احتيال، كما أنه لم تكن هناك شكوى من المواطنين حتى تستطيع الحكومة التحرك.

بعد كل هذه التطورات، يترقب كثيرون أخبارا حول استلام أموالهم المودعة لدى شركات تتعامل مع البورصات الأجنبية، وذلك بعد إعلان 3 شركات كبرى عاملة في المملكة نيتها تصفية أعمالها أو "تأجيل توزيع الأرباح الشهرية".

 الآن، وبعد أن اختلط الحابل بالنابل، يقع العديد من المواطنين في حيرة من أمرهم تجاه إمكانية استعادة رؤوس أموالهم، أو استلام الأرباح الشهرية من هذه الشركات، لا سيما في ظل مماطلة أصحاب بعض الشركات واستمرارهم بتأجيل مواعيد التسليم.

 وكانت شركتا "المصفوفة الدولية" و"النبض السريع" أعلنتا نيتهما تصفية الشركتين أخيرا وإعادة رؤوس الأموال لأصحابها، فيما أعلنت شركة تايمز – هاكرز نيتها تأجيل توزيع أرباح الشهر الجاري إلى الشهر المقبل، وهو ما يحدث لأول مرة منذ تأسيس الشركة.

 وقد أدت الإجراءات التي هزت هذه الشركات إلى هز ثقة معظم المستثمرين لديها بعد أن كانت تتمتع بسمعة طيبة بين المستثمرين، والذين كانوا يبدون ارتياحا مطلقا تجاه تعاملاتها.

  ومن الناحية القانوينة، أكد المحامي غسان معمر أن حملات التوعية كانت مطلوبة من قبل الحكومة لردع المواطنين عن التعامل مع هذه الشركات بدلا من انفلات الترويج الإعلامي لها، والذي استحوذ على عقول فئة كبيرة من الأردنيين، ما دفعهم لاستثمار أموالهم في تلك الشركات.

 ووصف معمر قانون تنظيم العمل بالبورصات الاجنبية بـ "القاسي"، لكنه أكد نجاعته في ضبط عمل الشركات التي كانت تجذب أكبر عدد ممكن من المواطنين لتشغيل أموالهم في مجالات ذات مجازفة عالية.

**

الاستثمار في البورصات العالمية:

خيبة الطامحين إلى ربح سريع

"حياتي لخبطة، بضرب راسي من الحيط للحيط". هكذا يصف أبو أحمد حالته اليوم، بعد أن اكتشف أن الشيك الذي حرره له موظف شركة المصفوفة/ فرع جرش، لاسترداد رأسماله الذي كان قد أودعه الشركة لاستثماره فيها، كان بتاريخ 2005، ما يعني أن ثلاث سنوات قد مرت على تاريخ استحقاقه، في حين أن الشيك يبقى صالحاً لمدة عامين فقط.

أبو أحمد يعمل موظفاً في دائرة حكومية براتب شهري مقداره 265 ديناراً، وهو متزوج، وله 10 أبناء. قبل 9 أشهر قرر أبو أحمد أن يودع مبلغ 7 آلاف دينار في شركة المصفوفة "للاستثمار"؛ 3 آلاف منها كانت "تحويشة العمر"، و 4 آلاف كانت قرضاً من البنك على الراتب.

بموجب العقد الذي وقعه أبو أحمد مع المصفوفة، كان يتقاضى من الشركة مبلغاً يراوح بين 80 و 100 دينار كل شهر عن كل 1000 دينار أودعها للاستثمار. وهو يقول إن الوضع كان طبيعياً، والمبلغ المنصوص عليه في العقد كان يأتيه باستمرار. لكنه سمع فتوى أصدرها مفتي المملكة، الشيخ نوح سلمان، تحرم التعامل مع الشركات التي تتعامل مع البورصات العالمية، طلب من الشركة أن ترد له كل ما له من مدخرات، وهو ما لم يتردد المسؤولون في الشركة في أن يفعلوه، وهكذا كان أن تسلم أبو أحمد الشيك الذي يعود تاريخه لعام 2005. "رحت ع البنك وتحريت عن اسم الشخص المكتوب في الشيك وتبين لي إنو أغلق كل حساباته في 2005!"

في لحظة ما، أحس أبو أحمد بأن في الأمر لُبساً، وذلك عندما سمع عن هامش الربح الممنوح، وهو مبلغ كبير بكل المقاييس. ولكنه فكر أن حصوله على المبلغ المشار إليه شهرياً ليس بالأمر السيء، وأن انقطاعه سوف يكون أسوأ. "قلت إنو الموت مع الناس رحمة؛ كل الناس دابّة ع الشركات وأنا منهم." ويزيد أبو أحمد "ما ظل عريشة بطيخ بجرش، الكل بالبورصة". ويعتبر أبو أحمد أن الأمر وصل في مرحلة ما إلى "مزايدة" بين الأقارب والجيران: "مين بيحط رأسمال أكثر من الثاني!" ما اضطر البعض إلى بيع أراض أو بيع "الذهبات" ليودعوا كميات أكبر لاستثمارها عبر تلك الشركات المتعاملة مع البورصات العالمية، والمصفوفة واحدة من أشهرها.

أما عن "الربح" الذي جناه طوال الأشهر التسعة الماضية والذي قد تصل قيمته الإجمالية إلى خمسة آلاف دينار، فإن أبا أحمد يرى الآن، "كإنها مصاري حرام، ما بدري وين راحن، لا أكلنا فيهن ولا شربنا." يذكر أبو أحمد فقط، أنه أنفق 600 دينار على تصليح سيارته.

أبو أسعد، وهو أيضاً من سكان جرش، باع منزله بنحو 150 ألف دينار حتى "يستثمر" في البورصة العالمية. هو وعائلته المؤلفة من 11 فرداً استأجر شقة بدلاً من منزله الذي باعه. "المشكلة إنو ابني الكبير اضطر يستأجر وهو يا دوب موظف وع قد حالو." فقد كان ابنه يقيم معه في المنزل نفسه الذي باعه.

يحاول أبو أسعد تبرير ما فعله بالقول: "الكل حط مصاري في البورصة وأمورهم كانت ماشية والناس بتتطلع لبعض." ويدلل أبو أسعد على هذا بأن ابن عم له، وهو عسكري متقاعد، صار الآن يركب سيارة بورش يصل ثمنها 60 ألف دينار. أما جاره أبو أحمد فقد باشر في بناء فيلا خاصة به. لكنه في النهاية يقر بأن الطمع قاده، كما قاد كثيرين، إلى الإبقاء على مدخراتهم لدى تلك الشركات، فيما كان الأولى أن يسحبوها أولاً بأول.

أبو جعفر الذي استثمر في عدد من الشركات بما يناهز 70 ألف دينار، يقول إن الحكومة تتحمل المسؤولية، فهي من ناحية لم تنبه المواطنين إلى خطر التعامل مع هذه الشركات؛ وهي من ناحية ثانية فرضت إجراءات تصحيحية على هذه الشركات، لكن هذه الإجراءات جاءت متأخرة، فقد اتخذت خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الشهرين. ويعتقد أبو جعفر أن هذا الأمر دفع المواطنين إلى عمليات سحب جماعية أثقلت كاهل تلك الشركات. لكن أبا جعفر ذا السبعين عاماً، يقر مع كل هذا، بأنه، طوال حياته، لم يشعر بالخوف كما يشعر الآن. ويقول: "كل تحويشة عمري في البورصة وأنا تعبت في حياتي".

الرغبة في الربح السريع هي التي كانت السبب وراء الانقياد إلى مكاتب شركات البورصة العالمية، والتي لا يقتصر التعامل فيها على الفقراء، وإنما يتعداهم إلى ميسوري الحال. محمد حباشنة، الطبيب المتخصص بعلم النفس، يقول: إن "النماذج التي يراها المواطن من الناجحين في الأعمال أو البزنس، هم ممن يربحون بسرعة؛ فهذا صار مليونيراً لأنه عقد صفقة، وفلان كوّن ثروة لأنه دخل شريكاً مع فلان، وفلان صار غنياً لأنه أصبح وزيراً". هذه الظواهر، كما يرى الحباشنة، عقدت الأمر، بحيث أن الصورة باتت "مربكة" بالنسبة للمواطن، فلم يعد الجهد هو مقياس الثراء وإنما الربح السريع.

ويقر الحباشنة بأن ما نراه من أنماط "الاستثمار" هذه، هي "نوع من القمار." لكنه يلفت إلى أن المواطن العادي "المسكين" مقتنع بأن كل ما يفعله سيأتيه بربح، وأنه "لو ذُكرت كلمة خسارة أمامه مرة واحدة لابتعد عنها." في الوقت نفسه، يقول الحباشنة إن المواطن الذي لا يعرف معنى البورصة، ولا يعي أساسيات التعامل معها، ويتعرض لضغط اقتصادي كبير في حياته، فإنه لا يتمتع "بعقلية" جاهزة لاتخاذ القرار الصائب.

وإذا كانت الرغبة في تحسين الوضع المعيشي من أهم الأسباب التي تدفع المواطنين إلى الاستثمار على هذا النحو الذي يفتقر إلى الوعي الكافي، فإن تساؤلاً مشروعاً يطرح حول أهمية وجود مشاريع تنموية في مناطق المملكة (وبخاصة الشمالية منها)، ما يحمي المواطن من مغامرات غير محسوبة من هذا النوع. لكن فهد الفانك، المعلق والمحلل الاقتصادي يتساءل: "أي مشروع تنموي يعطي ربحاً 15 بالمئة في الشهر؟" ويقول "إن المشاريع التنموية لن ترضي الطامعين بالربح السريع".

**

البورصات أمام محكمة أمن الدولة:

نهاية غير سعيدة لـ"حلم سعيد"

ينص قانون الجرائم الاقتصادية رقم 11/1993، على أنه لرئيس الوزراء أن يحيل إلى محكمة أمن الدولة "أياً من الجرائم المنصوص عليها في القانون"، وعادة ما يستند قرار الإحالة، أو عدم الإحالة، إلى أهمية الدعوى وتأثيرها على حقوق المواطنين وعلى الاقتصاد الوطني.

هذا هو الأساس القانوني لإحالة شركات المصفوفة (ماتريكس)، و بني هاني والمراشدة (تايمز-هاكر)، والنبض السريع، إلى نيابة أمن الدولة، بعد أن أعلنت هذه الشركات رغبتها في التصفية الاختيارية وعدم تمكنها من توثيق أوضاعها بموجب القانون الجديد للشركات التي تتعامل بالبورصات العالمية.

إزاء هذا الخبر، ثارت تساؤلات في الشارع عن المغزى من تحويل المسألة إلى أمن الدولة وتخوّف البعض من أنه "لو ترك الأمر للمصفي لحصلت الناس حقوقها بسرعة أكبر."

يونس عرب، رئيس مجموعة عرب للقانون، يشرح أن نيابة أمن الدولة تتمتع "بأدوات" وآليات تمكنها من التحرك السريع واتخاذ تدابير فورية لا تتوقف عند المعنيين مباشرة بالاتهام، وإنما تمتد إلى تتبع الأموال لدى كل من له علاقة بهم، من العاملين والأقرباء، في حدود القانون. وتتعلق هذه التدابير بإجراءات منع السفر والحجز. هذا التحرك "السريع" لا يتوافر للمحكمة النظامية. ويزيد عرب أن محكمة أمن الدولة تستطيع مخاطبة البوليس الدولي (الإنتربول) مباشرة في حال قضت الحاجة إلى استدعاء أحد المتهمين بالقضية من الخارج؛ أما المحكمة النظامية فلا بد أن تمر في قنوات اتصال روتينية مع وزارة العدل، كما يرى. إلا أن نقيب المحامين صالح العرموطي يؤكد أن البوليس الدولي لا يستجيب لطلب إحضار محكوم عليهم بموجب حكم صدر عن محكمة خاصة أو استثنائية أو عسكرية، كما هو الحال مع محكمة أمن الدولة. وما يؤكد ذلك هو أن الأردن لم يتمكن من إحضار أحمد الجلبي، الرئيس السابق لبنك البتراء، والذي صدر بحقه حكم على خلفية قضية البنك في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وكان السبب أن الحكم الصادر ضد الجلبي أصدرته محكمة عسكرية، وليس مدنية، على الرغم من أن الأحكام العرفية التي عاشت البلاد في ظلها عقودا متتالية، كانت قد أنهيت. الأجهزة الأمنية كانت منعت من السفر 50 من أصحاب مكاتب توظيف أموال المواطنين في البورصات العالمية، كإجراء احترازي في حال تقدم مواطنون بشكوى ضدهم.

على أي حال، يلحظ عرب من واقع متابعته للقضية، إذ إنه كان المعني بتصفية شركتي المصفوفة والنبض السريع قبل إحالتهما لمحكمة أمن الدولة، أن المدعي العام العسكري "أظهر أداء عاليا وفهما عميقا لهذه الدعوى وأبعادها"، وهو الأمر الذي انعكس على سرعة الإجراءات التي اتخذتها المحكمة. وربما يُعزى هذا الأمر إلى الخبرة التي استفادها ادعاء محكمة أمن الدولة من توليه قضية مماثلة في العام 2006. يقول عرب إن الادعاء أنجز خلال خمسة أيام ما استغرق أشهرا لإنجازه في ذلك العام.

في الجانب الآخر، يؤكد عرب أن طلب "التصفية الاختيارية" الذي تقدمت به شركتا المصفوفة والنبض السريع كان "خيارا قانونيا يستند إلى نصوص صريحة في قانون الشركات." ويشرح: "في حالتنا، تقدمنا لمراقب عام الشركات بالتزام خطي بإخضاع عملية التصفية للضمانات كافة التي يحددها، والتزمنا بأشياء لم ترد في القانون." لكن مراقب عام الشركات بحسب عرب "تعامل مع هذا الطلب على اعتبار أنه يستهدف حماية الشركتين والسعي لإشهار الإفلاس، ما دفعه إلى إحالتهما إلى النائب العام والسعي لدى رئيس الوزراء لإصدار قراره بإحالتهما إلى نيابة أمن الدولة."

لكن سميح خريس، عضو مجلس نقابة المحامين الأردنيين، يتساءل عن السبب الذي يدفع هذه الشركات إلى إعلان التصفية قبل أن تباشر بتصويب أوضاعها. ويقول "المفروض منها أن تصوّب وضعها، وأن تعلن عن رأسمالها." وهو يعتبر أن هذا إشارة إلى أمرين: "أولا عدم توافر حسن النوايا، وثانيا أن الموجودات أقل بكثير من رأس المال."

لكن عرب يرد على هذه التساؤلات بقوله إن "اعتبار عدم توافر الأموال المخصصة لترخيص هذه الشركات وفقا للنظام الجديد مؤشر على أنها في الأصل شركات وهمية، هو قول غير قائم على معيار دقيق." ويعتبر أن المشكلة لا تكمن في توافر رأس المال أو عدم توافره، وإنما في بنود القانون نفسه الذي يتضمن "شروط حظر" تجعل عمل هذه الشركات غير مجد. ويعتبر عرب أن هذه البنود تأتي لصالح قطاع البنوك، إذ "لا يفهم منها إلا الرغبة بدفع المستثمرين إلى التعامل مع غرف المضاربة في البنوك وليس مع شركات المضاربة الخاصة." حيث أن القانون الجديد يتعامل مع نوع واحد من شركات البورصة هي شركات الوساطة broker، وليس صانعة السوق market maker، ما يعني أن الوسيط لن يستطيع استقبال ودائع، وأنه سيكون مجرد "وسيط" بين المتعامل وبين حسابه الذي أودعه في بنك معين. وبالتالي لن تأتي هذه الشركات بهامش الربح الذي يميزها والذي يضعه عرب بين 7 و10 بالمئة فقط.

القضية ما تزال منظورة أمام محكمة أمن الدولة، ولا يمكن التكهن بموعد زمني لاستيفاء جميع الشهادات والإجراءات المتعلقة بها. لكن المؤكد أن المحكمة المعنية اكتسبت خبرة على مدى الأعوام الأخيرة تؤهلها للتعامل مع هذا النوع من القضايا بكفاءة وسرعة عاليتين. الأمر الذي سيعطي نوعا من الاطمئنان للمواطن بقرب الفَرَج.

شركات البورصة: أموال تائهة في أسواق المال العالمية
 
18-Sep-2008
 
العدد 44