العدد 43 - اقتصادي
 

جمانة غنيمات

في الوقت الذي تبذل فيه الدول النامية جهودا مضنية لجذب الاستثمارات الأجنبية، تظهر خشية لدى الدول المتقدمة من تدفق الاستثمارات عليها، وخصوصا تلك القادمة من صناديق سيادية.

فالدول الغربية تخشى من سيطرة تلك الصناديق على شركاتها الكبرى، ما يشكل تهديدا لأمنها القومي، ما دفع كثيرا من سياسيي تلك البلدان إلى التفكير بفرض قيود على التملك.

غير أن اقتصاديين يؤكدون أن الظروف في البلدان المتقدمة تختلف عن الدول النامية، بالإضافة إلى أن أي تغيير في اقتصاد السوق الحر، الذي ينتهجه الأردن تحديدا، يعتبر رجوعا إلى الوراء.

وتثير الصناديق الاستثمارية الحكومية، التي تتمتع بسيولة وفيرة، قلق الساسة الأميركيين، إلى درجة تدفعهم للسعي لضمان عدم سيطرة الأجانب على شركات ذات أهمية للأمن القومي.

ووفقا لبيانات أوردتها مؤسسة «مورغان ستانلي» العالمية، فقد بلغ حجم الأصول المالية التي تملكها الصناديق الاستثمارية السيادية أو الحكومية (swf) مع نهاية شهر مارس/ آذار 2007 نحو 2.6 تريليون دولار.

وتعتبر أصول هيئة الاستثمار في ابوظبي (adia) الأكبر في العالم، حيث وصل حجمها إلى 875 بليون دولار، يليها في الترتيب صندوق سنغافورة (gic)، في حين تبلغ الاستثمارات في عدة صناديق سعودية نحو 300 بليون دولار.

يقول الخبير الاقتصادي، يوسف منصور، "إن تجربة الدول المتقدمة تختلف عن الدول النامية، حيث تكون خشية المتقدمة من سيطرة الفوائض النفطية والمتأتية من الصناديق السيادية على صناعاتها ذات القيمة التكنولوجية العالية".

وأوضح أن الاقتصاد الأردني بحاجة إلى تدفق الاستثمارات من أجل تغطية العجز ودعم احتياطياتها لتمويل مستورداتها المتنامية.

تملك أبو ظبي والسعودية والكويت تقريبا نصف أصول الصناديق الحكومية في العالم.

ويتوقع ستيفن جين، رئيس قسم أبحاث العملات في «مورغان ستانلي»، والذي يعمل في لندن، أن يرتفع حجم أصول تلك الصناديق إلى 12 تريليون دولار تقريبا بحلول العام 2015، وهو ما يعادل حجم الاقتصاد الأميركي في الوقت الراهن، مؤكدا في بيان صحفي أن حركتها سوف تسبب إشكاليات عديدة للاقتصاد العالمي.

ويتابع جين: «أعتقد أن الصناديق الاستثمارية الحكومية، ستصبح ضخمة بحجمها، وبالتالي سيكون لها تأثير أو مضاعفات قوية على الأسواق المالية العالمية."

ويشعر جين بقلق متزايد حول العولمة المالية وتفاعلات تلك الصناديق معها أو في ردود فعلها.

ولعل وجهة نظر جين ليست وحيدة في هذا الجانب، فقد حذر صندوق النقد الدولي أخيرا من نشاط صناديق الاستثمار السيادية وقال "إنها تدعو للقلق". وقال سيمون جونسون كبير الاقتصاديين في الصندوق "إن الصندوق لا يشعر بارتياح وتتصاعد لديه مشاعر القلق، مما يسمى بصناديق الاستثمار السيادية".

وفي هذا السياق طلب مجلس الوزراء الألماني من الوزارات المعنية تقييم إمكانية فرض قواعد جديدة تحمي الشركات المحلية من استحواذ مستثمرين أجانب عليها.

ويطالب أحد المصرفيين بضرورة وضع حدود لتملك المستثمرين غير الأردنيين خصوصا في القطاع المصرفي الذي يتنامى إقبال المستثمرين عليه من العرب والأجانب، ما يعني استحواذهم على جزء كبير منه خلال السنوات المقبلة.

وأضاف المصرفي الذي فضل ذكر اسمه، أن كثيرا من المستثمرين العرب يرغبون في إجراء عمليات استحواذ على عدد من المصارف، الأمر الذي سيشكل تغييرات كبيرة في هيكلية الاقتصاد الوطني مستقبلا.

وتدرس الحكومة الألمانية سُبل حماية الشركات المحلية من صناديق مفعمة بالسيولة، تملكها حكومات أجنبية، بخاصة من الصين وروسيا والشرق الأوسط، تتطلع بشكل متزايد لعمليات استحواذ. وتعتزم وضع مسودة قانون بحلول نهاية العام الجاري.

وكلفت الحكومة الألمانية وزارتي الاقتصاد والمالية ببحث إمكانية تطبيق إجراءات جديدة، بما في ذلك فرض حدود مالية وإلزام الشركات الأجنبية بالكشف عن نواياها مسبقا. ووافق مجلس الوزراء الألماني على هذه الخطوة في اجتماع خاص استمر يومين في ميزيبرغ، قرب برلين، بمناسبة بداية النصف الثاني من فترة حكم الائتلاف الحاكم التي تستمر أربع سنوات.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي "إن الغرب يخشى من تمكن الصناديق السيادية العربية والصينية من الحصول على حصص أكبر من شركاتها، بخاصة تلك التي تتعلق بالموانىء وغيرها من القطاعات الحيوية التي تشكل خطرا على أمنها القومي".

غير أن مرجي يرى أن تملك غير الأردنيين حصصا كبيرة في الشركات التعدينية، وهو أمر ماثل أمام الجميع، أفقد الاقتصاد الأردني فرصة الاستفادة من الارتفاعات الكبيرة التي طرأت على أسعار خاماتها، وكذلك سعر سهمها الذي تم بيعه بسعر زهيد مقارنة بمستوياته التي تصل إلى 50 دينارا اليوم.

وشدد مرجي على ضرورة مراقبة الأمور في ملكية بعض الشركات الاستراتيجية المتبقية، بخاصة تلك العاملة في القطاع المصرفي، والتي باتت على شفا حفرة من تحول نسبة مساهمة غير الأردنيين فيها بما يفوق 50 بالمئة من رأسمالها.

وتشهد الشركات الأميركية إقبالا على تملك حصص فيها من جانب صناديق الثروات السيادية التي تتعامل بسيولة تناهز تريليوني دولار من احتياطيات البنوك المركزية. والهدف الذي تضعه الصناديق الاستثمارية نصب أعينها هو تحقيق عائدات أكبر.

لكن المشرعين الأميركيين يخشون أن تستخدم الصناديق نفوذها للحصول على موطئ قدم في صناعات رئيسية.

يذكر أن هناك مسودة قانون، يبحثها الكونغرس الأميركي، تستهدف الصين بشأن ما يقول المشرعون إنها ميزة تجارية غير عادلة تتمتع بها بكين بفضل عملتها: اليوان، المقوم بأقل من قيمته الواقعية، والذي يجعل البضائع الصينية أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية، بحسب تقارير صحافية عالمية.

ومع تكدس أموال كثيرة في صناديق حكومية تمتد من السعودية إلى سنغافورة فقد ينشأ نوع أكثر تعقيدا من سياسات الحماية المالية، الذي يستهدف حماية قطاعات معينة من النفوذ الأجنبي.

ويلزم القانون لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، المكلفة تحديد ما إذا كانت عمليات التملك الأجنبية ستضر بالأمن القومي الأميركي، بتخصيص وقت أطول لفحص الصفقات. وفي العام الماضي درست اللجنة 113 صفقة تزيد قيمتها على 95 بليون دولار، بزيادة 73 في المائة عن العام السابق. والسياسة الحمائية مكروهة منذ وقت طويل في حي المال الأميركي وول ستريت. لكن هذا الموقف تغير الآن، .

ويعتقد كثير من المحللين أن مزيدا من عمليات التملك الأجنبية لشركات أميركية هي الخطوة المنطقية التالية في ضوء الثروات الهائلة في الخارج وهبوط سعر الدولار.

وربما يكون هذا الأمر منطقيا، لكنه ليس بالضرورة سهلا. ففي العام الماضي أثار بيع أصول في ستة موانئ أميركية كبرى لشركة موانئ دبي العالمية، عاصفة سياسية عاتية جادل فيها مشرعون أميركيون بأن الصفقة ستعرض الأمن القومي للخطر.

**

بورصة عمان: موجة انخفاض تفقدها 5.6 بالمئة

السّجل - خاص

تعرضت أسعار الأسهم المدرجة في بورصة عمان لموجة انخفاض استمرت طيلة أيام الأسبوع وسط ضغوط بيعية على معظم الأسهم وفي مقدمتها الأسهم التعدينية ليهوي المؤشر العام من مستوى 4330 الى 4086 نقطة برتاجع نسبته 5.6%.

وسارت مجريات التداول في البورصة على نحو هبوطي حاد، إذ انعكس تراجع سعر سهمي الفوسفات والبوتاس عند الحدود الدنيا المسموح بها للتداول على بقية الأسهم، في الوقت الذي ربط فيه مستثمرون التراجع بالصفقة الأخيرة التي جرى فيها بيع 1.8 مليون سهم من اسهم الفوسفات وعند مستوى 42.59 دينار للسهم، وبثمن إجمالي ثمن قيمته 76.66 مليون دينار، والتي كانت هيأت كثيرين لانخفاض متوقع في سعر السهم.

وتم تخصيص نسبة الـ3% من حصة الحكومة ومساهمتها في شركات الاتصالات الأردنية والملكية الأردنية ومناجم الفوسفات الأردنية، لصالح صندوق المشاريع التنموية والاستثمارية التابع للقوات المسلحة، بحيث تؤول ملكية هذه الأسهم لمنتسبي ومتقاعدي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

وتظهر خريطة المساهمين بعد تنفيذ الصفقة بأن أربعة مساهمين يمتلكون ما نسبته 88.4%، من رأسمال الشركة والبالغ 75 مليون دينار، وهم مستثمر من جزر القناة (جيرسي) والذي يمتلك نحو 37%، ووزارة المالية الاردنية وتمتلك نحو 27%، والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وتملك 15.8%، حكومة دولة الكويت وتملك ما نسبته 13.4%، بحسب ما يظهره مركز إيداع الأوراق المالية فيما يتعلق بأسماء المساهمين الذين يملكون 5% أو أكثر.

وعلى صعيد متصل قالت تقارير دولية متخصصة أن خام الفوسفات المصري يواجه ضغوطات سعرية بسبب شح الطلب من أسواق الشرق الأقصى، في حين انزلقت أسعار الكبريت إلى مستوى سعري يقترب من 500 دولار للطن، بعد تجاوز سعره حاجز الـ950 دولارا للطن، قبل أكثر من شهر أي بانخفاض يقترب من 100%.

وأشار تقرير «أف أم بي» إلى أن «شركة البوتاس الكندية تواجه خطر التوقف عن الإنتاج بسبب الاضرابات العمالية في ثلاثة من مناجمها، وقد تعلن لزبائنها عدم القدرة على تسليم البضائع المتفق عليها تحت بند الأفعال القاهرة، ما يعطي المنتج المسوغ القانوني في عدم التسليم أو تأخير التسليم دون تبعات قانونية أو انخفاضات حادة في سوق الشحن البحري بسبب الهبوط الحاد في الطلب على البضائع».

وقال رئيس وحدة الدراسات في كابيتال للاستثمارات طارق يغمور إن «معظم الجلسات شهدت تراجعت مما حول المؤشر إلى اللون الأخضر لتتأثر بالبيوعات المكثفة على الأسهم الاستراتيجية «.

وقال إن ثقة المستثمرين تتجدد في قوة السوق مع ظهور البيانات المالية وخصوصا أننا نقترب مع نهاية الشهر الحالي، من إغلاق الشركات لنتائج أعمالها للربع الثالث ما سيعني إعادة القوة لبعض القطاعات والأسهم التي ستظهر نتائج قوية.

وتوقع يغمور أن تسهم توقعات نتائج الشركات خلال الفترة المقبلة في تحول الاستثمار في البورصة من قصير المدى إلى متوسط المدى وهو الأمر الذي سيطغى على التداولات.

دول متقدمة تخشى من “الصناديق السيادية” والنامية تلهث لجلبها
 
11-Sep-2008
 
العدد 43