العدد 43 - أردني
 

بلو توث، ميغا بيكسل، ميموري كارد، ووكمان. هذه بعض التعابير التي لا يندر أن تسمعها تتردد على ألسنة شبان يعيشون في قرى نائية، يلفظونها بلغتها الأصلية، فلم يدخل معادلها بعد إلى العربية، إذ إنها تتعلق بآخر تقنيات الأجهزة الخلوية وخصائصها، والتي أضيفت أخيرا إلى قائمة المواضيع التي يتداولها شباب القرى النائية.

وفي معرض التباهي، يتجادل الشبان حول سعة الجهاز الذي يمتلكه أحدهم، والسرعة التي يستغرقها عرض شرائح تتضمن مقاطع من تسجيلات مصورة، ونوعية الصورة التي يبثها الجهاز الخلوي إلى أجهزة أصدقائه الآخرين، وغير ذلك من مزايا يتمتع بها الجهاز، ولا تتمتع بها أجهزة أصدقائه، وهي أجهزة تراوح أثمانها بين 200 و400 دينار.

بعد تبادل الأحاديث يأتي دور تبادل "المواد" التي خزنها كل من الشبان في جهازه، والتي يطلب منه زملاؤه مشاهدتها، وذلك بهدف إشراكهم في الاطلاع على تلك المواد، التي قد تكون خاصة أو نادرة، أو أنها منتشرة في صورة كبيرة بحيث يكون من "المعيب" على شاب في مثل سنه أنه لم يشاهدها بعد.

والمواد التي يشير إليها الشبان، هي تلك التي تتضمن في الغالب مقاطع من أفلام جنس أو نكات أو أغانٍ عربية وأجنبية، أو مشاهد من مباريات كرة قدم لأشهر اللاعبين والأندية، أو أجزاء من مسرحيات ممنوعة، وما شابه ذلك.

محمد حسين، في السنة الرابعة في الجامعة الهاشمية، يتباهى بأنه على اطلاع تام على آخر منجزات التكنولوجيا والاتصالات، وخصوصا في مجال الأجهزة الخلوية. وحين سألته «ے» عما إذا كان يستعير أي كتب من مكتبة الجامعة تردد في الإجابة، قبل أن يصمت.

حسين يصف نفسه بأنه "مدمن" على اقتناء الأجهزة الحديثة، ويضيف: "أتابع آخر الصيحات من خلال الإنترنت في الغالب. انتظر أشهرا إلى حين نزول تلك الأجهزة إلى السوق المحلية لأشتريها". غير أنه يعترف بأنه لا يطالع على الإنترنت في أغلب الأحيان سوى بعض مشاهد كرة القدم، وأغانٍ يحبها لعدد من مشاهير المطربين.

وغير بعيد عن المقعد الذي يجلس فيه حسين في مختبر الحاسوب، يجلس قريبه خالد، الذي يدرس تخصص الفيزياء، تبدو على الشاب ملامح التدين، فهو يكثر من الاستغفار وقراءة الأحاديث التي تحض الشباب على التمسك بالدين. خالد، الذي طالما تطوع في أوقات فراغه لـ"الخروج" مع رجال الدعوة لدعوة المؤمنين إلى الصلاة في مساجد معينة، أعلن أنه لا يكترث كثيرا بتكنولوجيا الاتصالات، غير أن اتصالا جاءه على جهاز الخلوي الخاص به، فأصدر الجهاز صوت مقرئ يتلو أذكارا وغناء إسلاميا هي النغمات التي اختارها لرنة جهازه الخلوي. على وقع الأذكار أو الأغنيات الأجنبية والعربية، يجد جيل جديد في القرى نفسه منغمسا في موجة التدين المنتشرة في المجتمع، أو متجها نحو عالم جديد أتاحته له العولمة.

أما موسى، طالب الثانوية العامة، فيطوف على عدد من أبناء القرية من أجل إصلاح أجهزة الكمبيوتر إن تعطلت لديهم، بعد أن أصبح أبرز خبير في صيانة تلك الأجهزة في قريته.

الشاب الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة، يفاخر بأنه لم يتلق أي تدريب أو أي دورات باستثناء ما تلقاه في المدرسة من أستاذ الحاسوب.

وتصف بثينه خالد، ناشطة اجتماعية، التغيرات التي طرأت على سلوك الشباب في الريف والقرى بالحادة، وبخاصة من حيث الانتشار الواسع والسريع لشرائط الجنس التي توزع بين الشباب من كلا الجنسين، إضافة إلى انتشار أنواع جديدة من قصات الشعر والملابس التي تعكس تأثرا بما يشاهده هؤلاء الشبان على شاشات الفضائيات التي تشترك مع أجهزة الكومبيوتر في جذرها التكنولوجي.

عضو في هيئة تدريس في الجامعة الأردنية طلب عدم ذكر اسمه، أكد أن دراسة غير منشورة أظهرت أن أكثر من خمس الشباب يتداولون أفلام الجنس من خلال الإنترنت والفضائيات والهواتف.

المدرس أوضح أن الفضائيات والإنترنت مكنت الناس من مشاهدة أفلام الجنس بكل سهولة، لكنه أشار أيضا إلى الدور الذي لعبته وسائل الاتصال تلك في تغير نظرة المجتمع إلى العلاقة بين الجنسين.

بثينة، لا تخص بحديثها الفتيات دون الشباب، فهي تلحظ انتشار ملابس وقصات شعر لم تكن تشاهد في القرية من قبل، وقد تحولت إلى مشاهد عادية في مجتمع محافظ مسته يد التكنولوجيا فأحدثت فيه تغيرات عميقة لاتخطئها عين الناظر.

مفرداتها أجنبية ومحتواها جنسي غالبا: تكنولوجيا تأخذ الشبان بعيدا عن آبائهم
 
11-Sep-2008
 
العدد 43