العدد 42 - أردني
 

السجل- خاص

وسط ذهول القطاع الأكاديمي، اجتمعت لجنة التربية والثقافة والشباب النيابية يوم الأربعاء 3 أيلول/سبتمبر، لمناقشة قضية توقيف رئيس جامعة البلقاء التطبيقية عمر الريماوي وخمسة من مساعديه بتهم «فساد مالي وإداري»، فيما تغيب وزير التعليم العالي والبحث العلمي عمر شديفات عن الاجتماع.

رئيس اللجنة النائب علي الضلاعين انتقد بشدة غياب الوزير عن اجتماع اللجنة دون اعتذار، موضحاً أنه قبل نصف ساعة من عقد الاجتماع، كان أكد له أنه سيحضر اللقاء ويطلع النواب على ما يحمله من تفاصيل ذات صلة بالقضية.

كان مدعي عام هيئة مكافحة الفساد عبد الإله العساف أمر يوم الثلاثاء 2 أيلول/سبتمبر، بتوقيف رئيس جامعة البلقاء التطبيقية عمر الريماوي، ونائب الرئيس للشؤون الإدارية علي القيسي، وعميد كلية عمان الهندسية كاظم عارف، ونائب الرئيس للشؤون الأكاديمية  عبد الله الزعبي، بتهم «استثمار الوظيفة والاعتداء على المال العام»، في حين تم إسناد تهمة السكوت عن أفعال من شأنها المساس بالمال العام لعاطف الخرابشة.

وقال شهود عيان لـ»ے» إن سيارات نجدة دخلت الحرم الجامعي قبل الثانية من ظهر الثلاثاء وقبل انتهاء ساعات الدوام الرسمي لجامعة البلقاء، وداهم أفراد منها مكتب الرئاسة حيث اقتيد رئيس الجامعة ومعاونوه .

لاحقاً، ونتيجة الصدمة، أصيب الريماوي بأزمة قلبية حادة ونقل إلى مستشقى البشير منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء، وقرر مدعي عام الهيئة الإفراج عن الريماوي والزعبي بكفالة، وتم استبقاء الثلاثة الآخرين في السجن.

شكلت عملية اعتقال رئيس جامعة البلقاء ومساعديه مفاجأة صادمة لرؤساء جامعات ونواب ومسؤولين وأكاديميين، اعتبروا أن ما حدث «كان يمكن معالجته بشكل مختلف ووسائل أخرى»، لا سيما أن إدارات جامعة البلقاء التطبيقة طالما تعرضت لاتهامات بفساد مالي وإداري، متخوفين من انعكاس ذلك على التعليم العالي بشكل عام، وسمعته في الخارج.

«تربية النواب» شكلت لجنة متابعة برئاسة رئيسها وعضوية نائبين لم يتم تسميتهما لمتابعة القضية بأبعادها كافة، والاطلاع على تفاصيلها.

النائب الضلاعين اعتبر أن «عملية التوقيف لم تكن مناسبة، سواء من حيث التوقيت (أوقف الريماوي قبل نهاية الدوام الرسمي بعشر دقائق) ولا من من حيث الزمان الذي يصادف فترة تسجيل الطلبة واستقبال الجامعات الأردنية لطلبتها الجدد، معتبراً أن ذلك شكل ضربة موجعة للتعليم بشكل عام».

رئيس اللجنة وضع النواب بما دار بينه وبين الوزير من حوار حول القضية، ونقل على لسان الوزير قوله إنه «مستاء للإساءة للجامعة وسمعة التعليم العالي»، وأضاف أن الوزير أبلغه أن رئيس الوزراء نادر الذهبي «على اطلاع بجميع تفاصيل القضية».

وبين الضلاعين أن اللجنة زارت إدارة جامعة البلقاء التطبيقية واطلعت على جميع الملفات التي قيل إن بها تجاوزات «مالية وإدارية»، مبيناً أن زيارة اللجنة لإدارة الجامعة جاءت على خلفية الاتهامات التي وجهها النائب محمود الخرابشة في وقت سابق للجامعة ورئيسها، موضحاً أن اللجنة «لم تجد ما يكفي وما يسوغ الضجة الإعلامية التي أثيرت آنذاك عن وجود فساد مالي وإداري».

ما ذهب إليه الضلاعين أيده مسؤول كبير في الدولة اتصلت به «ے» هاتفياً، وفضّل عدم نشر اسمه لحساسية القضية حالياً ولوجودها بيد القضاء، إذ قال: «اطلعت على الملفات المتعلقة بالجامعة ووجدت أن القضايا المثارة على أنها فساد، هي قضايا ومخالفات صغيرة».

ختم الضلاعين لقاء اللجنة الذي حضره النواب عبد الرؤوف الروابدة الذي التزم الصمت، وإنصاف الخوالدة ويوسف القرنة وفواز الحمد الله وفلك الجمعاني وعبد الله الغرايبة وحمدية الحمايدة وثروت العمرو وهاني النوافلة، بالتأكيد على أن اللجنة لها ملاحظات تتعلق بالطريقة التي تمت فيها معالجة القضية، مشيراً إلى أنه لا يجد ما يستدعي الإسراع في اتخاذ إجراء التوقيف. «لا أعتقد أن عملية التوقيف كانت ذات طابع عاجل ليتم الذهاب لرئيس جامعة قبل عشر دقائق من انتهاء الدوام الرسمي وتوقيفه».

خبر توقيف الريماوي ومساعديه غاب عن الصحف اليومية جميعها ووكالة الأنباء الرسمية «بترا»، بيد أن مواقع الكترونية نقلت خبر التوقيف أولاً بأول، وتابعت ما كان يدور في القضية منذ لحظتها الأولى، حتى تم نقل الريماوي إلى مستشفى «البشير»، ومن ثم إطلاق سراحه بكفالة.

الصحف لم تشأ أن تجيب عن أسباب التعتيم، الذي حدث رغم أن مسؤولاً كبيراً في إحداها، عزا عدم النشر إلى أن القضية أمام القضاء ولا يجوز الخوض فيها، بيد أن صحفيين من داخل صحف يومية أكدوا أن سبب عدم النشر ليس له علاقة بوجود القضية أمام القضاء وفي التحقيق، وإنما لأمور أخرى.

عملية التوقيف نزلت كالصاعقة على الجسم الأكاديمي، الذي عبّر السواد الأعظم منه عن خشيته من انعكسات سلبية على التعليم العالي في الأردن من جهة، وعدم وجود أدلة مقنعة بوجود فساد بيّن من جهة ثانية. أصحاب وجهة النظر تلك يستدركون بالقول: «كان يمكن التحقيق مع الريماوي دون زوبعة التوقيف، وإذا ثبت عليه ما يتصل بقضايا فساد مالي أو إداري يتم توقيفه بصورة قاطعة، وتوجيه تهم محددة له».

وزير التعليم العالي الأسبق وعضو مجلس أمناء جامعة البلقاء التطبيقية عوض خليفات، قال: «نحن كمجلس أمناء لم ندعَ للاجتماع، ولم يتصل بنا أحد من بعيد أو قريب، وسمعنا بالخبر عبر المواقع الإلكترونية».

أمين عبدالله محمود، وزير الثقافة الأسبق، ورئيس جامعة سابق، تخوّف من انعكاس ما حدث على سمعة التعليم العالي في الأردن والخارج، مذكّراً أن هناك أكثر من 30 بالمئة من الطلبة المتواجدين على مقاعد الجامعات الأردنية الخاصة والرسمية من خارج المملكة.

الوزير الأسبق قال: «إذا كان رؤساء الجامعات يوضعون في السجون بهذه الطريقة وعلى ذمة التحقيق، فإن لذلك دلالات صعبة ومؤثرة على التعليم برمته. لا بد من التذكير بأن رؤساء الجامعات يحظون على الدوام بدعم واهتمام الملك، ولذا فإن التعامل معهم يجب أن يكون بشكل مختلف».

رئيس جامعة سابق فضّل عدم نشر اسمه قال: «الوسط الأكاديمي مستاء مما حصل. طريقة الاعتقال في نهاية الدوام كانت مسيئة، بخاصة أن تلك المعاملة تليق بمجرمين. أعرف الرجل جيداً، ولا أعلم أن لديه جرماً يستدعي توقيفه بصورة عاجلة. كان يمكن معالجة الموضوع بتروٍّ أكثر».

رئيس جامعة مؤتة سليمان عربيات، وصف ما حدث بـ»الصدمة»، وأضاف: «أثق أن هناك عدالة، لا سيما أن كل رؤساء الجامعات في حماية سيدنا، ونحن تربويون وقادة يثق بنا المجتمع ونثق كثيراً بقضائنا».

رئيس جامعة آخر قال: «ما حدث ليس بسيطاً أبداً، وإن لم يكن هناك جرم ستكون هناك عواقب وخيمة، وستلحق التعليم العالي وصمة سوداء كبيرة».

أُوقف الريماوي، وبعد أقل من 24 ساعة أُطلق سراحه بكفالة. هذا استدعى من النائب علي الضلاعين رئيس لجنة التربية والتعليم السؤال: ألم يكن بالإمكان التحقيق مع الرجل دون أن يتم توقيفه، وإذا ثبت بالشكل القاطع إدانته فليوقَف عندها؟.

توقيف رئيس جامعة البلقاء ومساعديه يثير صدمة قوية: “بترا” واليوميات حجبت الخبر نتيجة توجيهات وبداعي الحرج
 
04-Sep-2008
 
العدد 42