العدد 42 - أردني
 

محمد العرسان

هجمات متتالية تعرضت لها ثلاث وزيرات من أصل أربع في حكومة نادر الذهبي، كان آخرها النقد الحاد الذي تعرضت له وزيرة الثقافة نانسي باكير، بعد التقاط صورة لها مع الممثل التركي كيفانش تاتليتوغ -الذي يؤدي دور مهند أثناء مناسبة رسمية.

الهجوم طال شخص الوزيرة أكثر مما طال أداءها، وهو ما ينطبق على وزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف ووزيرة السياحة مها الخطيب اللواتي لم يسلمن من نقد طاول تصرفاتهن الشخصية من قبل تيارات وصفت بالتقليدية، بينما خرجت وزيرة التخطيط سهير العلي من دائرة النقد لأسباب يرجعها البعض لخبرتها السابقة الكبيرة،وتلقيها الدعم من مراكز نافذة.

النقد صدر بصورة علنية من شخصيات نيابية وكتاب أعمدة. النائب صلاح الزعبي انتقد في اجتماع بين الحكومة ومجلس النواب وزيرة الثقافة بشكل جارح "من السخرية أن تلتقي الوزيرة بالفنان التركي، ولا يجوز أن تنزل لهذا المستوى". وذلك في تجاهل لطبيعة عمل وزارة الثقافة المعنية بالأنشطة الثقافية والفنية.

النائب علي الضلاعين يرى أن الشخصية العامة عرضة للنقد، بغض النظر عن كونها إمراة أو رجلاً، ولا يرى أن الانتقادات الأخيرة للوزيرات صدر لكونهن نساء "لم يمس شخصهن أو لكونهن نساء إنما لأنهن شخصيات عامة"، وبحسب النائب الضلاعين "أي شخصية تتقلد وظيفة عامة عرضة للنقد. لكن في حالات الوزيرات قدر أنهن نساء، فهنالك وزراء تعرضوا لنقد مماثل لكن الإعلام روج للقضية على أن الهجوم ينصب على المرأة".

في رده على سؤال "كيف ترى التعامل مع الوزيرات مقارنة مع الوزراء؟" يجيب الضلاعين: "هناك ثلاث وزيرات من أصل أربع التعامل معهن أسهل من التعامل مع الوزراء الرجال، لكن الوزيرة الرابعة من الصعب جداً التعامل معها".

لم يسلم مظهر الوزيرات من النقد، فقد وجهت انتقادات لوزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف لارتدائها "بوت وبدلة رياضية" في إحدى جلسات البرلمان وكانت قادمة من ماراثون خيري، كما تعرضت وزيرة الثقافة مرة أخرى للنقد لعدم ارتدائها الحجاب رغم أنها غير محجبة من الأساس،وخرجت بعض الأخبار الصحفية بعنوان "الوزيرة باكير تدخل مسجد الملك المؤسس من دون حجاب!".

وهذا في الأصل خطأ فهي دخلت الى المركز الثقافي التبع للمسجد، لا الى المسجد نفسه.

تتساءل الكاتبة الصحفية رولى الحروب: "ماذا لو جاءت لطوف ببدلة الرياضة إلى البرلمان؟ هل ارتكبت جريمة تمس الشرف والأخلاق والأعراف الاجتماعية؟ أليس ذلك تعبيرا عن بساطتها يفترض أن تحيا على ذلك لا العكس؟ لقد كانت الوزيرة تشارك في ماراثون لأهداف خيرية، وأخطأت ذلك الخطأ الجسيم الذي بات محط تندر الصحف والمواقع الإلكترونية حين قصدت البرلمان من الماراثون. هل كان هذا الحدث ليستوقف أي صحفي في الغرب؟."

الكاتبة لانا مامكغ تفسر هذه الانتقادات للوزيرات من منطلق أن "المرأة في العمل العام تكون عادة تحت المجهر"، وترى "وجود المرأة في العمل العام وجوداً طارئاً رغم الادعاءات بالتقدم الذي أحرزناه في هذا المجال. مع ذلك لا يجب عدم أخذ موضوع المرأة بتحسس شديد؛ لأن بعض الوزراء يتعرضون لهجوم شديد خصوصا في المواقع الإلكترونية، ونتمنى على كل من يوجه النقد أن يكون لعمل الشخص وليس لذاته كونه أمراً جارحاً ومهيناً".

رئيس تحرير "الدستور" نبيل الشريف يرى في مقالة له إن "هنالك هجوما منسقا على الوزيرات دون الوزراء في الحكومة، واستسهالا لتوجيه النقد لهن أكثر من نظرائهن الرجال، وهذا يعكس بالطبع نظرة مجتمعنا الملتبسة إزاء المرأة بشكل عام".

يتابع الشريف: "من الواضح أن هناك استقواء على الوزيرات تحديداً يستند إلى فهم معين لمشاركة المرأة في إدارة شؤون المجتمع، فهن دائما عرضة للنقد في تصرفاتهن، وكثيراً ما يتعرضن للتجني، فيقال إنهن قلن كذا أو كذا بينما تدل الوقائع أنهن لم يتفوهن بما نسب إليهن، وكثيرا ما يقال إنهن فعلن كذا وكذا أو تصرفن بهذا الشكل أو ذاك، ثم يثبت لاحقا أن الموضوع كله عار عن الصحة ومختلق من ألفه إلى يائه".

الحملة على سيدات في العمل العام خاصة الحكومي، سبق أن تعرضت له وزيرات في حكومات سابقة كالمحامية أسمى خضر، عندما اتهمت أنها تخلت عن موقفها المعارض وقبلت بحقيبة وزارية قبل سنوات وتم اللمز في هذا الجانب، وغيرها كثيرات فالسيدات النواب بدءاً من أول نائب توجان فيصل وانتهاءً بالنواب السبعة في المجلس الحالي، لم يسلمن هن الأخريات من نقد لكنه لم يكن بهذه الحدة التي تعرضت لها وزيرات حكومة الذهبي.

يبرز هذا النقد رغم تفسير البعض له على أنه جزء من نقد عام لحكومة الذهبي، إلا أنه يدل على نظرة مستقرة في المجتمع، بحسب إحدى النواب السيدات السابقات رفضت ذكر اسمها تجاه المرأة، وقناعة كثيرين بدونيتها رغم مساهمتها الكبيرة في الحراك بمختلف أشكاله، ما يثير تساؤلاً ملحاً : هل مشاركة المرأة في صنع القرار ما زالت مجرد شكليات لم يقتنع بها المجتمع بشكل حقيقي حتى الآن ؟.

تضم حكومة نادر الذهبي أربع نساء يتربعن على هرم وزارات التخطيط، والسياحة، والثقافة، والتنمية الاجتماعية. وهي المرة الأولى التي تضم فيها حكومة أردنية هذا العدد من الوزيرات.

حملة إعلامية على ثلاث وزيرات: نقد أم استهداف لـ“نساء”؟
 
04-Sep-2008
 
العدد 42