العدد 42 - أردني
 

محمد عدي الريماوي

رغم أن الزكاة فرض يستوفى طوال العام، ورغم أن هناك الكثير من الكفارات والنذور التي يجب أداء كفارتها وقت حلولها، فإن الزكاة والصدقات في رمضان تأخذ طابعاً مختلفاً، حيث يقبل الناس على الصدقات ومساعدة المحتاجين في رمضان أكثر مما يفعلون في أشهر السنة الأخرى.

في هذا الشهر، يتسابق كثير من الجمعيات الخيرية ودور رعاية الأيتام، للحصول على هذه التبرعات من أهل العطاء، وتبدأ وقتها بالعمل على المشاريع التي تؤمن الطعام والملابس لأعداد كبيرة من المحتاجين داخل المملكة. وتنتشر تلك الجمعيات في مناطق عمان الشرقية، مثل الوحدات، وماركا، والمخيمات التي تنتشر هناك.

وتعد تكية أم علي من أشهر الجمعيات الخيرية في المملكة، فقد نجحت منذ تأسيسها قبل خمس سنوات، في استقطاب كثير من الشباب وأصحاب الأموال لتنفيذ العديد من المشاريع الخيرية. وتتميز هذه الجمعية بأنها توفر فرص عمل للشباب المحتاجين، وتعمل على إعداد برامج دورية للتبرع، بدلاً من جعل الأمر مقتصراً على شهر واحد في السنة، أو تأمين الطعام والملبس فقط.

وكانت الأميرة هيا أول من بدأ المشاورات لتنفيذ هذا المشروع عام 2002. وبدأت هذه التكية أعمالها لتجسد بذلك أفكار الملكة علياء. لذا سميت هذه التكية باسم الملكة الراحلة: تكية أم علي.

وتقوم هذه الجمعية بتوزيع الوجبات الغذائية على الفقراء والمحتاجين في رمضان، إذ بلغ عدد الوجبات التي قدمتها في رمضان الماضي أكثر من 90 ألف وجبة، ويتم اختيار المناطق القريبة من موقع الجمعية الكائن في المحطة. أما في برنامج التأهيل والتدريب فقد عملت هذه الجمعية على توظيف 250 شاباً وفتاة، للعمل ضمن برنامج "مشاوير"، الذي يساعد في تشغيل الشباب، وتسهيل نقل الحاجيات والأغراض للناس. ونجح هذا البرنامج في تشغيل عدد لا بأس منه من الشباب، إضافة إلى ابتكاره خدمة جديدة في التوصيل إلى المنازل. وبدأت بعض الوزارات والشركات تتعاون مع هذه الجمعية، مثل شركة الاتصالات الأردنية، مجموعة نقل التجارية وشركة أوريكس، وقد ساعد هذا التعاون في ظهور طرق جديدة للتبرع ومساعدة المحتاجين.

وتنتشر في هذا الشهر عادة توزيع ما يسمى "طرود الخير" التي يعمل كثير من المجمعات التجارية والمحلات الكبيرة على تجميعها، وهي عبارة عن مجموعة من السلع الأساسية (رز، سكر، زيت، شاي .. ) تجمع في أكياس كبيرة، تراوح أسعارها بين 10 و20 دينارا. وقد بدأت هذه الظاهرة قبل نحو أربعة أعوام، وأصبحت بعض المحلات الآن توفر خدمة توزيع هذه الطرود على العائلات المحتاجة، ما يسهل على المتبرع القيام بمهمته، ولذلك تشهد هذه الظاهرة إقبالاً متزايداً من الناس، بدليل كثرة المحلات التي أصبحت تقدم هذه الخدمة.

وفي رمضان هنالك كفارات يجب أن تؤدى لمن لم يقم بصيام هذا الشهر، وتتوزع على المرضى العاجزين عن الصيام الذين يخرجون زكاة عن أيام هذا الشهر، وعلى من أفطر بعذر شرعي لأنه كان على سفر أو مريضا، فيقوم بتقديم الكفارة، إضافة إلى قضاء صيام كل يوم من الأيام التي أفطرها، وتقدر قيمة هذه الكفارة بدينار واحد عن كل يوم. أما من يفطر بغير عذر، فعليه إطعام ستين مسكيناً (بمعدل دينارين لكل وجبة) عن كل يوم أفطره في رمضان بغير وجود عذر شرعي له.

وتبقى زكاة الفطر التي يؤديها كل صائم في آخر شهر رمضان، وتقدر هيئة الإفتاء كل عام قيمة هذه الزكاة، التي تراوح عادة ما بين 65 و85 قرشا. وتنتشر الصناديق في المساجد والمجمعات التجارية، ليقدم الناس هذه الزكاة في أواخر الشهر. وتعد هذه الكفارات من أهم الواردات التي تدعم الجمعيات الخيرية في الأردن، وتساعد في توزيع الوجبات على الفقراء والمساكين.

ولا شك أن الأمل الذي يراود كثيرين هو أن تتحول هذه الأموال إلى مبالغ تنفق على مشاريع دائمة لتشغيل ومساعدة الطبقات الفقيرة والشرائح المحتاجة، والتي يغطي إنتاجها شهور العام كافة، بدلاً من أن يقتصر توزيع الأموال، سواء كانت صدقات أو كفارات على شهر رمضان من كل عام.

من تكية أم علي إلى زكاة الفطر : صدقات وتبرعات من أجل توازن اجتماعي
 
04-Sep-2008
 
العدد 42