العدد 42 - أردني
 

هات القطايف لي هنا فالصــوم حببهــا لنا

قـــد كان يأكلها أبي وأخـي وأكرههــا أنـا

لكـنني مـــذ ذقتهـا ذقت السعادة والهنا

تعبر هذه الأبيات عن لسان حال الكثير من الصائمين هذه الأيام، فالقطايف أصبح النجم الأول للحلويات في شهر رمضان، فلا تخلو مائدة أي بيت من بيوتنا من هذه الأقراص المميزة. وبالرغم وجود أنواع أخرى من الحلويات، مثل الكنافة والكلاج، إلا أن غياب القطايف عن أي مائدة رمضانية يعد انتقاصاً منها، وخصوصاً في العزائم مما يمكن أن يعتبره بعض الضيوف تقليلاً من شأنهم. فيعمد المستضيف إلى شراء كميات كبيرة منه، ومسابقة الزمن لتحضيره ليكون أول الجاهزين للحضور على المائدة الرمضانية.

تشير كتب التاريخ أن المماليك هم أول من أدخلوا هذه الحلويات إلى مصر فقد كان صانعو الحلويات يتنافسون في ما بينهم لتقديم الأفضل، فابتكر أحدهم فطيرة محشوة بالمكسرات وقدمها بشكل جميل مزينة في صحن كبير، ليقطفها الضيوف ومن هنا اشتق اسمها "القطايف". ووصلت هذه الحلويات إلينا، كون طرابلس كانت عاصمة دولة المماليك في بلاد الشام، فأصبح سكانها يتفننون الآن في صناعتها. ويذكر أنه كان هناك سوق في بيروت يسمى «سوق القطايف»، يتجمع فيه بائعو هذه الحلويات، وقد أزيل هذا السوق في أواخر العهد العثماني، ولم يبق من معالمه أي دكان.

والقطايف هي فطائر حجمها بحجم كف الإنسان العادي، تتشابه عجينتها إلى حد كبير مع عجينة الخبز، تتم حشوتها بالجبنة البلدي أو الجوز للناس البسطاء، في حين يتم استخدام الفستق الحلبي أو القشطة عند المترفين، وهناك النوع الصغير يسمى بـ«العصافيري» الذي يؤكل بارداً بعد حشوته بالقشطة، ويتميز بأنه أعلى سعراً من النوع العادي، مما يجعله منحصراً عند طبقات محددة في المجتمع. وفي المخابز يتجمع الناس حول صينية «الصب» التي يخبز عليها القطايف، وأذكر عندما كنت صغيراً أن متعتي كانت في النظر إلى تلك الأقراص الدائرية وهي تنضج على السطح الحديدي الساخن، ويشاركه كثيرون هذه المتعة، إذ يرفضون الابتعاد عن صينية الخبز حتى يأخذوا ما يريدون. فتشهد طوابير الانتظار لهذه الحلوى، في كثير من الأحيان، مشاكل بين الناس، لاستعجالهم ونفاد صبرهم وخصوصاً في المحلات التي تشتهر بجودة القطايف لديها.

ويهاجم خبراء التغذية والأطباء هذا النوع من الحلويات، لما يحتويه من كميات كبيرة من السكر والدهون، ولكن القطايف تتمتع بمكانة كبيرة في قلوب الناس، لا يستطيع زحزحتها أحد. وتفشل دعوات هؤلاء بتقليل السمنة والزبدة التي توضع على هذه الحلويات، أو تقليل القطر، فهذه من الأساسيات التي تجعل القطايف النجم الأول بلا منازع لمائدة الحلويات الرمضانية.

القطايف.. النجم الأول للحلويات الرمضانية
 
04-Sep-2008
 
العدد 42