العدد 41 - أردني
 

ماجد توبة

رغم «الحرص» على تعزيز انفتاحه على حركة المقاومة الإسلامية «حماس» بعد اللقاءات الأمنية الاخيرة، قد لجأ الأردن الى «خفض» سرعة اندفاعة هذه اللقاءات وعدم نقلها الى المستوى السياسي كما بشر بذلك قادة حماس في اكثر من تصريح صحفي خلال الأسبوعين الماضيين.

تفيد مصادر مطلعة أن الحكومةلم توافق حتى الآن على استقبال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في عمان، الأمر الذي كانت تتوقعه الحركة الفلسطينية بعد مضي أكثر من سنتين على تدهور العلاقات بينها وبين الأردن، وبعد نحو تسع سنوات من شبه قطيعة سياسية بين الطرفين ،على اثر دفع قادة المكتب السياسي على مغادرة عمان عام 1999.

توضح المصادر لـ «السّجل» أن الحكومة «لم تمانع في السماح لمشعل، او أي من قيادات حماس (الأردنيين)، من زيارة الأردن، لكن ضمن سياق زيارة شخصية وعائلية، بعيدا عن أي طابع سياسي».

الأردن ما زال يرى أنه من المبكر الانتقال الى المستوى السياسي في لقاءات «إعادة ترسيم العلاقة» مع حماس من المستوى الأمني الى السياسي، وبخاصة في ظل ما يتردد بين أوساط إعلامية ونيابية مقربة من الحكومة عن وجود «اعتراضات وتحفظات» اميركية وإسرائيلية عليها، فضلا عن «عدم ارتياح» السلطة الفلسطينية لفتح قناة الاتصال بين الأردن وحماس.

ويكشف مصدر مطلع في الحركة الإسلامية أن مشعل «يتحفظ» على قصر أية زيارة مقبلة له الى الأردن على الطابع الشخصي والخاص، وهو يفضل تأجيلها الى أن تصبح ممكنة سياسيا ومتوجة لعودة العلاقة السياسية بين الطرفين.

ودشن لقاءان عقدهما مدير المخابرات العامة الفريق محمد الذهبي، بقياديين من حماس مؤخرا مرحلة جديدة من العلاقة بين الطرفين، أنهت عملياً فترة القطيعة رسمياً بينهما، والتي تعززت منذ اتهام الأردن لأشخاص بالانتماء لحماس وتخزين أسلحة والتخطيط لاستهداف أشخاص ومنشآت رسمية ودبلوماسية في المملكة عام 2006، وهي تهم نفتها الحركة في ذلك الحين.

وتقول المصادر أن اللقاءين الأمنيين مع حركة حماس حتى الآن «عالجا الى حد كبير أغلب القضايا الأمنية العالقة» بين الطرفين، وتحديدا تعهد حماس (هي أكدت انها ملتزمة أصلا) بعدم استخدام الساحة الأردنية لغايات التنظيم الحركي.

تشير مصادر «السّجل» الى مسألة سياسية بحثت في تلك اللقاءات، هي رؤية الطرفين لوضع الحل النهائي والمفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، في ظل تراجع فرص اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ووجد الجانبان نفساهما متفقين على رفض دخول قوات عربية الى قطاع غزة، وهو امر يمكن ان ينسحب على الضفة الغربية ،حيث يتخوف الأردن من ممارسة ضغوط عليه لإدخال قواته الى الضفة في أي سيناريو مقبل.

اما نقاط الخلاف بين الطرفين فأبرزها –بحسب المصادر- هو اتهام الأردن لحماس بالتدخل في الشؤون الداخلية للحركة الإسلامية الأردنية ،ومحاولة السيطرة عليها من قبل مناصري حماس.

المسؤولون الأمنيون الأردنيون كانوا واضحين في مطالبة حماس بـ «وقف تدخلها» في شان الإسلاميين الأردنيين علناً وصراحة، في حين دافع مسؤولا حماس في اللقاء محمد نزال ومحمد نصر أن «لا صحة نهائيا» لتدخل حماس في إخوان الأردن، وأن هذا الاتهام «لا يعدو كونه مناكفات داخلية في الحركة الإسلامية ضمن صراع الأجنحة فيها، وأن «لا دلائل على تدخل حماس في الاخوان».

تقول المصادر إن أية لقاءات أمنية مرتقبة بين الأردن وحماس «يتوقع لها أن تستكمل الاتفاق على نقاط الخلاف الأمنية».

اللافت ان الحكومة عمدت عبر تسريبات إعلامية على مدى الأسبوعين الماضيين، انطلاقاً من حسابات داخلية وخارجية، الى التقليل من حجم التوقعات من طبيعة ونتائج اللقاءات الأمنية بحماس، الا أن الموقف الرسمي يحرص على التأكيد على انه "جاد" في فتح صفحة جديدة مع الحركة.

الخلافات العالقة أمنياً بين حماس والأردن تبدو الأكثر سهولة في المعالجة بين الطرفين مقارنة بالخلافات السياسية بينهما، فلكل من الطرفين برنامجه السياسي حتى وإن التقيا في رفض فكرة "الوطن البديل" أو دخول قوات عربية للأراضي الفلسطينية.

فحماس المحاصرة دوليا والرافضة حتى الان لشروط الرباعية وأسس عملية السلام، وتحديداً الاعتراف بوجود اسرائيل، لا تبدو مؤهلة للتطبيع مع المجتمع الدولي سياسيا بالرغم من مفاوضاتها غبر المباشرة عبر الوسيط المصري حول التهدئة في غزة وصفقة جلعاد شاليط، وهو امر (التطبيع مع المجتمع الدولي) لا يمكن للأردن تجاهله في محاولته لإعادة ترسيم العلاقة مع حركة حماس.

وبخلاف "المحذورات" الأردنية في مدى التقرب من حماس، لا تتردد الحركة الفلسطينية،المسيطرة على قطاع غزة منذ حزيران يونيو 2007 وسط مقاطعة دولية، في الدفع باتجاه استعادة العلاقة مع الأردن دون أية تحفظات، وهذا ليس بمستغرب، فحماس ترى في تجديد العلاقة مع الأردن مدخلا لتجديد العلاقات مع الدول العربية المصنفة بالاعتدال.

مشعل مرحب به في زيارة خاصة لا سياسية!: علاقة الأردن وحماس: مراوحة في المربع الأمني
 
28-Aug-2008
 
العدد 41