العدد 41 - أردني
 

محمد عدي الريماوي

ينتج وادي الأردن كميات هائلة من الخضراوات والفواكه في كل عام، وتملأ منتجات الوادي الأسواق الأردنية، فيما تصدر كميات كبيرة منها إلى أسواق كبيرة ومهمة، وهو ما يضع الأردن في قائمة الدول المصدرة للمحاصيل الزراعية، إضافة إلى أنها تعتبر مصدر دخل حيوي وكبير لميزانية المملكة. ويشكل إنتاج الوادي أكثر من (36 بالمئة) من إجمالي إنتاج الأردن من الخضراوات، ويتم تصدير غالبيته إلى الدول الأوروبية والمجاورة، ودول الخليج العربي.

ويقدر محمود النجداوي، مساعد أمين عام وزارة الرزاعة، كمية الصادرات الأردنية من الخضراوات في العام الماضي 694 ألف طن، كان للبندورة منها الرصيد الأكبر بنحو 386 ألف طن، ويليها الخيار والباذنجان. في حين كانت كمية الفواكه المصدرة 50 ألف طن، كان للدراق الكمية الأكبر منها بنحو 11 ألف طن. وتعتبر سورية، والإمارات العربية المتحدة من أكثر الدول استيراداً من الأردن؛ إذ بلغ حجم التصدير لسورية 180 ألف طن، والإمارات 141 ألف طن، إضافة إلى باقي دول الخليج، وبعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا، وألمانيا.

ويقول باسل الديك، رئيس الجمعية الأردنية لمصدري ومنتجي الخضار والفواكه، إن التصدير للأسواق الأوروبية بدأ في أوائل الثمانينيات، وأن الكميات استمرت في الازدياد حتى هذه اللحظة. أما عن الأسواق المستوردة فهي تنقسم، بحسب تقسيم الجمعية، إلى ثلاث أسواق إقليمية، أولها سوق دول الجوار الذي يشمل دول الخليج، وسورية، ولبنان، والثانية سوق أوروبا الغربية التي تحتل بريطانيا مركزاً مهماً فيها، على الرغم من أن شروط ومواصفات التصدير إليها من أدق وأصعب الشروط في العالم، وفي كل عام تمتلئ أسواق إنجلترا بالخضراوات والفواكه الأردنية. وتعتبر السوق الأوروبية من أكثر الأسواق استيعاباً للمنتجات الأردنية، فلم يحدث أن أعيدت أية شحنة تم تصديرها للخارج لأسباب مخبرية أو للأثر المتبقي للمبيدات، وذلك على الرغم من الشروط والمواصفات المشددة التي تضعها تلك الدول على مستورداتها، ما جعل بعض الأسواق الأوروبية سوقاً مستوعبة لبعض المنتجات مثل البامية والملوخية، مثل السوق البريطانية، فقد صدر الأردن إلى بريطانيا وحدها أكثر من 120 طناً من البامية في العام 2006، كما صدّر الأردن أيضاً كميات كبيرة من العنب إلى تركيا، مستفيدة من ميزة نضوجه في وادي الأردن قبل مناطق أخرى.

والثالثة هي سوق أوروبا الشرقية، التي بدأ التصدير لها منذ فترة قريبة، وخصوصاً هنغاريا وروسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق، ويتم التصدير إلى هذه الدول بطريق البر، وهنالك جهود تبذل لفتح أسواق تصديرية جديدة في تلك المنطقة، وفي مناطق أخرى من العالم مثل الصين وعدد من الدول الآسيوية.

وبحسب رئيس الجمعية، فقد ظهر نوع جديد من الاستثمار الدولي في الأردن، إذ إن كثيراً من المنتجات تزرع للتصدير إلى الخارج، فبعض المحاصيل لا يتم بيعها للسوق المحلية، لعدم انتشارها بين الناس، مثل بعض أنواع الفلفل والبندورة، فتزرع وتصدر مباشرة لبعض دول أوروبا مثل: هنغاريا، وبلجيكا، ضمن اتفاقيات موقعة مع هذه الدول.

وتوفر الأعداد الكبيرة من المزارع في الأردن، وبخاصة في منطقة الأغوار، كميات كبيرة من الخضراوات والفواكه، فقد نجح الأردن في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضراوات بحسب رئيس الجمعية، إضافة إلى تصديره كميات أخرى للخارج. والعمل في هذه الجمعية يقوم على تنظيم عمل المزارعين والمصدرين، حتى لا يصبح التصدير على حساب الأسواق الوطنية، فتتم تلبية حاجات السوق الأردنية في البداية، ثم يكـون التصدير إلى الخارج وبكميات مناسبة.

وحققت الصادرات الزراعية عوائد للدخل المحلي حوالي 426 مليون دينار في العام الماضي، شكلت الخضراوات النسبة الأكبر منها بـ 147 مليون، أما الفواكه فحققت ما يقارب 23 مليون دينار، إلى جانب المنتجات الأخرى مثل الألبان، وتشكل نسبة صادرات الخضراوات 14 بالمئة من الصادرات المحلية.

ويذكر عبد الرحمن غيث، أمين سر جمعية مصدري الخضار والفواكه، أن السعودية ما تزال الدولة الخليجية الوحيدة التي لا تستورد الخضراوات الأردنية. ويشير غيث إلى أن أكثر من وفد سعودي زار الأردن أخيرا وأبدى تفاؤله بقرب رفع الحظر. أما سورية، ولبنان، فإن الموسمية والعرض والطلب تلعب الدور الأساسي في تحديد التصدير وكمياته، فقد كان موجوداً في السابق ما يسمى بـ«الروزنامة الزراعية» التي تنظم مع سورية ولبنان، ولكن بعد توقيع اتفاقية التجارة العربية في 2005، فقد أصبح متروكاً للسوق التحكم بكميات التصدير.

لكن عملية التصدير لا تتسم دائم بالسلاسة، فكثيراً ما تعترضها مشاكل مثل تأخر الطائرات التي تنقل الصادرات، وهي بطبيعتها سريعة التلف، ما يؤثر على نوعية السلع المصدرة، إضافة إلى مخازن التبريد الموجودة في المطار والتي لا تتسم بالفعالية المطلوبة. مما يتسبب في بعض المرات بعدم قبول المستورد لها، لظروف فيزيائية تتعلق بأسباب النقل.

وإن كانت هذه المشكلة تعترض السلع التي تصدر إلى أوروبا الغربية، حيث تستخدم الطائرات في عملية النقل، فإن السلع المصدرة إلى دول الجوار ودول أوروبا الشرقية تعاني، في بعض الأحيان، من مشكلة الانتظار الطويل على المراكز الحدودية، بحسب إسحق مدانات، أحد العاملين في زراعة الخضراوات والفواكه وتصديرها.

ويتحتم تنسيق العمل مع الوزارات المختلفة مثل: العمل، والمياه، التي تؤثر قراراتها على هذا القطاع بشكل مباشر، لتحقيق أهداف الاستراتيجية الزراعية الأردنية، لزيادة المساحات الزراعية ورفع مستوى المنتجات المختلفة. ولهذا يجب البدء بالعمل على حل المشاكل المحلية مثل العمالة والآبار، حتى يتمكن المزارع الأردني من تحسين إنتاجه ورفع مستوى محاصيله، لتأمين حاجات السوق المحلية، وتمكينه من تحقيق المنافسة في أسواق التصدير العالمية.

ويرى مازن الحمارنة أن على المؤسسات ووزارة الزراعة ووزارة المياه، وكذلك مؤسسات القطاع الخاص تشجيع الصادرات من خلال التركيز على الاستثمار في زراعات ذات مردود مالي مرتفع، وذات احتياجات مائية أقل، بحيث يكون مردود كل متر مكعب من الماء أعلى من سعره. وقال إنه يجب إيلاء مزيد من التركيز للتوسع العمودي في الزراعة على حساب التوسع الأفقي، ما يتيح للمزارع استغلال الجزء الباقي من أرضه في زراعة الحبوب والأعلاف ذات الاحتياجات المائية القليلة، وذات الفائدة الاستراتيجية العالية، بالإضافة إلى تطبيق نظام الدورة الزراعية.

**

الزراعة العضوية: تجربة تستحق خوضها

خليل الخطيب

مع القليل من الأسمدة ، ومن دون أي مبيدات. وبكثير من الاحترام لقوانين الطبيعة، يمكنك أن تزرع ما يسمى بالمنتجات العضوية؛ ببساطة الأمر يتعلق بطرق الزراعة التي تعايش معها الناس منذ مئات السنين.

التجربة الأردنية في هذا المجال جاءت بالتعاون مع مؤسسة يابانية رائدة تتبنى تعميم خبرتها في الزراعة العضوية في جميع دول العالم. ولا تكتفي المؤسسة اليابانية بنشر خبرتها، بل تجعل من نفسها حكما على نجاح التجارب أو فشلها متكئة على الاحترام العالمي لمنجزاتها.

بدأت التجربة في الأردن في مجال زراعة الزيتون في إحدى قرى جرش، وتمكن العاملون في المشروع من كوادر وزارة الزراعة والمزارعين من تحقيق النجاح في إنتاج زيت زيتون عضوي بكميات تجريبية تم تصديرها إلى اليابان، وهي واحدة من أشد دول العالم صرامة في تطبيق معايير الاستيراد للمواد الغذائية.

التعاون الأردني الياباني، في هذا المجال مستمر، ووزارة الزراعة تضع نصب عينيها تعميم هذه التجربة على مزروعات أخرى، لجهة أن هذه المزروعات تحظى بطلب كبير في الأسواق الخليجية، والأوروبية، ما يرشحها لأن تكون منتجا تصديريا من الطراز الأول.

تبدو الفكرة بعيدة عن أذهان المنتجين الزراعيين الطامحين لموسم زراعي ناجح حاليا، لكن تجارب الزراعة الأردنية الناجحة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، تؤشر على أن وزارة الزراعة إذا بذلت جهدا إعلاميا، مبنيا على حقائق مثبتة بالتجربة العملية، فإنها ستنجح في إقناع المزارعين بخوض غمار هذه التجربة.

فواكه وخضراوات من وادي الأردن إلى الصين شرقاً وبريطانيا غرباً
 
28-Aug-2008
 
العدد 41