العدد 7 - أردني
 

يطالب المركز الوطني لحقوق الإنسان “بإنشاء إدارة مستقلة لمراكز الاصلاح والتأهيل تتبع لوزارة العدل” مع العمل بنظام الشرطة القضائية، على أن يعهد إليها أعمال الضبط القضائية وسائر المهام التي تعين سير العدالة وتنفيذ الأحكام.

يأتي ذلك ضمن تقرير للمركز حول أوضاع مراكز الإصلاح والتأهيل يتضمن مطالبات بإعادة تصنيف السجون إلى «خطير، خطير جداً» بحسب وضع المحكوم ومدى خطورته على المجتمع وشخصيتة وعمره وجنسه.

وينتقد التقرير بنية السجون القائمة في الأردن، كما يدعو إلى تحديثها أو استبدالها بأخرى «مصممة ضمن أسس معيارية» تمكن من توفير الرعاية والحماية والتأهيل، والتفكير بإنشاء «السجون المفتوحة والسجون شبه المفتوحة».

وبعد إغلاق سجن الجفر وافتتاح سجن الموقر يبلغ عدد السجون عشرة، يرى التقرير أن بعضها مكتظ، صغير الحجم وضيق المساحة، فيما تنتشر الرطوبة في بعضها الآخر ويفتقر إلى البنية التحتية الصحية.

التقرير يعتبر مسألة إغلاق سجن الجويدة رجال «ضرورة ملحة»، مذكراً بالتقرير الذي أصدره بتاريخ 18/7/2007 حين دعا إلى إغلاق السجن بسبب تردي الأوضاع الإنسانية نتيجة قدم المباني وتردي البنية التحتية.

وتطرق التقرير الى ظاهرتي «بيع حق استعمال التجهيزات»، و«بيع الخدمات» بين السجناء، مؤكداً أن الاكتظاظ ساهم في نشوء هذه الظواهر.

أوضاع السجناء والنزلاء، بحسب التقرير، لم تكن على ما يرام ، من حيث انتشار الأمية، انعدام المساعدة القانونية، تردي خدمات الرعاية الاجتماعية. وانتقد وزارة التنمية الاجتماعية لعدم قيامها بإجراء أي دراسات اجتماعية على النزلاء تتعلق بأسباب الجرائم أو تكرارها، بالإضافة إلى غياب أي برامج لتأهيل النزلاء في الفترة التي تسبق خروجهم .

من ناحية الرعاية الطبية، وبحسب إحصائيات المركز نفسه فإن 30% من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل يعانون من الاضطرابات الشخصية. فقد أكد التقرير على وجود العديد من الممارسات الخاطئة التي تعاني منها السجون، خصوصاً من ناحية محدودية الأسرّة داخل المركز الوطني للصحة النفسية، وتقاعس بعض أطباء السجون عن القيام بمهمتهم الإنسانية، مثل «عدم تقديم الرعاية الطبية لبعض النزلاء الذين قاموا بإيذاء أنفسهم بعد أحداث سجن سواقة في السادس والعشرين من آب الماضي».

المعاملة القاسية واللاإنسانية وتعريض النزلاء للضرب، «بحسب التقرير»، كان السبب الرئيس في أحداث شهدتها العديد من السجون «سواقة، بيرين، الجويدة». وأحداث سجن سواقة التي وقعت في السادس والعشرين من آب الماضي خلال زيارة وفد منظمة « هيومن رايتس» فقد أرجعها التقرير «لتدهور الأوضاع الإنسانية داخل السجن وذلك منذ الثاني والعشرين من الشهر نفسة أي منذ تولي مدير السجن آنذاك مهامة حيث وقع هياج جماعي بين صفوف النزلاء ونتج عن تلك الأحداث إصابة (360) نزيلاً».

تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي يكتسب صفة شبه رسمية بخلاف منظمات ومراكز حقوق الإنسان الأخرى التي يجري التشكيك الحكومي فيها بين فترة وأخرى.

ونبه التقرير إلى أن تغيير إدارات السجون وعدم ثباتها، بخاصة التي حققت إنجازات جيدة، انعكس على أوضاع السجون بصورة عامة. وعلى الرغم من تلقي بعض الضباط للتدريب التأسيسي للعمل في هذا المرفق وتمتعهم بالكفاءة، إلا أن عدم الرغبة في العمل تقف عائقاً أمام عملية استدامة التطوير والتحديث التي تنتهجها مديرية الأمن العام، بحسب التقرير.

وفيات السجون لم تغب عن تقرير «الوطني لحقوق الإنسان»، حيث 17 حالة وفاة خلال العام الحالي، من ضمنها حالتا انتحار في مركز قفقفا، وأعتبرت 16 وفاة منها طبيعية، باستثناء وفاة النزيل (ف. ز) في سجن العقبة التي تم تشكيل هيئة تحقيق في أسباب الوفاة حيث تمت احالة المشتكى عليهم من مرتب السجن المذكور للمحاكمة أمام محكمة الشرطة بتهمة (الضرب المفضي الى الموت، اساءة استعمال السلطة، الاهمال في أداء الواجب وما زالت القضية قيد النظر.

الوفيات توزعت على السجون “ سواقة (9) ، بيرين (1) ، العقبة وفاة ، قفقفا ، (5) وفيات منها ( 2) انتحار ، جويدة نساء (1) وفاة “ وتبعا لذللك طالب المركز الوطني بتقارير طبية شرعية وهيئات أكثر تحقيقاً، وتخصصاً، وحيادية .

ورصد التقرير ازدياد حجم الإضرابات امتدادها إلى جميع السجون، فبلغت لغاية تشرين الأول الماضي (867) إضراباً، والأسباب في مجملها “البت بأمر النزيل، الإفراج عنه، نقله إلى مركز آخر، عدم السماح بإدخال الملابس، منع الصحف والكتب والأقلام ، إجراءات تفتيشهم وتفتيش زوارهم من النساء”.

وتناول التقرير كذلك مركز توقيف الأجانب الواقع في العاصمة عمان، الذي أعد لاحتجاز الأجانب تمهيداً لإبعادهم، لمخالفتهم شروط الإقامة داخل المملكة أو لحين تقديم الكفالة، إذ بلغ عدد الأجانب الذين تم إبعادهم عن المملكة من كلا الجنسين (6240) شخصاً خلال هذا العام.

كسر المركز الوطني لحقوق الإنسان حاجز الصمت المتعلق بقضايا الأحداث، عندما أوصى بحزمة تشريعات وإجراءات في مقدمتها حصر توقيف الحدث رهن المحاكمة في مؤسسات الدفاع الاجتماعي، وإنشاء محاكم متخصصة بالأحداث مع التأكيد على خصوصية المحاكمة وسريتها.

ويعتبر المركز محاكم الصلح الثلاث التي تنظر في قضايا الأحداث (محكمة أحداث عمان، محكمة أحداث الزرقاء، ومحكمة أحداث إربد ) أنها «محاكم غير متخصصة». كذلك يؤكد بأن قضاة الأحداث في محكمتي إربد والزرقاء غير متفرغين للعمل فيها، فيما يتناوب قضاة الصلح في فترة ما بعد الظهر للنظر في قضايا الأحداث.

إعادة دمج الأحداث المحرومين من حريتهم في المجتمع، من خلال التأكيد على حصر فترة الاحتجاز قبل المحاكمة على الحالات الاستثنائية فقط، مطلب آخر للتقرير الذي يعتبر فترة التوقيف السابقة للمحاكمة من أخطر وأصعب فترات الاحتجاز للأطفال، حين يجدون أنفسهم أمام إجراءات معقدة تسلب حريتهم وطفولتهم، وتقصيهم عن عالمهم.

التقرير نبه إلى الآليات والضوابط التشريعية المنصوص عليها في قانون الأحداث لكبح جماح صلاحيات الحاكم الإداري في توقيف الأحداث إدارياً، مبيناً وجود نص قانوني صريح يمنع ذلك، كاشفاً عن أنه وبتاريخ 17/7/2007 وأثناء زيارة ميدانية لنظارة الأحداث في مركز أمن الزهور، تبين وجود حدث مضى على توقيفه حوالي ثلاثة أشهر، وكان في حالة صحية ونفسية متدهورة جداً وهو ممتنع عن تناول وجبات الطعام ولا يستطيع النوم، ويعاني من الاكتئاب والهزال. علما أن نص المادة (99) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (9) لسنة 1961 تقصر فترة الإيداع لدى الضابطة العدلية بأربع وعشرين ساعة فقط.

التقرير، الذي نشره المركز على موقعه الإلكتروني، دعا كذلك إلى اعتماد مسميات أكثر توافقاً مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية في الأردن مثل استخدام مصطلح «الأحداث المخالفين»، بدلاً من الجانحين، الإيداع أو الوضع بدلاً من الاعتقال، والتدبير بدلاً من العقوبة.

المركز الذي تأسس في أواخر العام 2002 بموجب قانون مؤقت رقم (75)، ليصبح قانوناً دائماً (قانون رقم 51 لسنة 2006). ويرأس مجلس أمنائه رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات، يؤكد في تقريره بأن النطق بالحكم علانية «الذي يشمل عرضاً لمجمل وقائع الدعوى وأسباب الحكم» ينتفي مع قصد المشرع بحسب نص المادة (12) من قانون الأحداث في احترام خصوصية الحدث، خصوصا لعدم وجود أي نص في قانون الأحداث يلزم بهذا الاتجاه.

كما يلفت النظر إلى أهمية السرعة في التقاضي على اعتبار قضايا الأحداث مستعجلة كما أقرها المشرع الأردني حاثّاً على انعقاد المحكمة أيام العطل الرسمية والأسبوعية والفترات المسائية، في حالة الضرورة ولما فيه مصلحة الحدث. غير أن التقرير يلاحظ عكس ذلك، فقد رصد ما يزيد على 40 قضية أحداث لدى محكمة صلح أحداث إربد «فقط» متأخرة لأسباب مختلفة.

ورغم تخصيص مادة من قانون الأحداث للتأكيد على أهمية فصل الأحداث عن البالغين. إلا أن التقرير يقول إن الفصل يقتصر على مرحلتي التوقيف رهن المحاكمة وتنفيذ الحكم، أما في فترة التحقيقات الأولية لدى الشرطة، فهو غير مفعل بالنسبة للفتيات اللواتي تم إيداعهن في نظارة النساء الموجودة في مركز إصلاح وتأهيل جويدة نساء، مبيناً خطورة وجود الفتيات مع البالغات في المكان نفسه، حتى وإن كان لمدة زمنية قصيرة.

التقرير استند الى «قواعد بكين» التي كان الأردن طرفاً فيها، وما يتعلق فيها بضرورة تقديم المساعدة القانونية المجانية للأحداث ما أمكن. إلا أن المادة (15) من قانون الأحداث، تقول إن «وجود المحامي ليس وجوبياً أو مجانياً»، وهو الأمر الذي يترك الكثير من الأحداث الجانحين من دون مساعدة قانونية، بحسب التقرير، خصوصاً وأن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن من أهم أسباب جنوحهم هو التفكك الأسري.

الوطني لحقوق الإنسان ينتقد أوضاع السجون وينتصر للأحداث – سليمان البزور
 
27-Dec-2007
 
العدد 7