العدد 41 - استهلاكي
 

تشهد سوق الملابس الجديدة إقبالاً واسعاً من المواطنين، مع اقتراب موسم الأعياد، إذ سجلت أسعار الملابس ارتفاعاً يتراوح بين 20 و40 بالمئة، في الوقت الذي بدأت تزدهر فيه تجارة "أسواق بديلة" تبيع الملابس بأسعار أقل.

ارتفاع كلف النقل والكهرباء أثّر، بشكل كبير، في أسعار الملابس التي يستورد الأردن معظمها من الصين، وسورية، وأوروبا، ما دفع أصحاب متاجر إلى رفع أسعار معروضاتهم.

يؤكد تاجر يملك سلسلة محلات لبيع الألبسة الجاهزة أن كلفة نقل بضاعته ذات النخب الأول والتي يستوردها من الصين، وأميركا ارتفعت بشكل حادّ، ما دفعه لرفع أسعار الملابس التي تباع في محلاته. ويضيف: "كلما أخذت الملابس متسعاً أكبر زاد سعرها، لذا نعاني في الشتاء أكثر من بقية الفصول، لكمية القطع ذات الوزن الثقيل، كالجينز".

ويقول التاجر - الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه - إن رفعه للأسعار سلاح ذو حدين؛ إذ إن مبيعاته تقلصت، بخاصة أن زبائنه اعتادوا منذ سنوات على متوسط أسعار معيّن لبضاعته.

مع ازدياد الضغط على جيوب المواطنين بسبب الارتفاعات المتوالية للأسعار والتي طالت كل شيء، يجاهد أرباب أسر في تأمين متطلبات العيد مبكراً لأبنائهم، حتى "لا تضيع بهجة العيد" بحسب تعبير أحدهم.

أدهم سلامة، يعمل بائعاً في محل لبيع الإكسسوارات، اعتاد إلى سنوات قريبة، شراء ملابس العيد لأبنائه الثلاثة كل عام، في العيدين (الفطر والأضحى). زوجته أيضاً كان لها نصيب من بهجة العيد.

في الأعوام الأخيرة، أصبح سلامة يكتفي بشراء ملابس لأبنائه في عيد الفطر (العيد الصغير)، وفي الأضحى على أبنائه ارتداء الملابس نفسها، فيما لم يشترِ هو وزوجته أي ملابس منذ "عيدين".

يقول: "هذا مؤلم جداً، لأن أطفالي اعتادوا على الدلال وعلى الاستمتاع بملابس جديدة. زوجتي وأنا نتفهم ولا نشتري ملابس لأنفسنا، لكن راتبي الذي لا يزيد على 250 ديناراً مع بعض العمولات لا يكفي مهما فعلت".

يأتي هذا في الوقت الذي شهدت فيه أسواق الملابس في العاصمة عمّان، بخاصة في "المولات"، إقبالاً واسعاً على ابتياع الملابس خلال فترة التنزيلات. يقول أحد الباعة إن زبائنه ينتظرون فترة التنزيلات لشراء الملابس من ماركات عالمية.

ميسون، إحدى زبائن هذا المحل، تقول إنها لا تستطيع شراء ما يلزمها وزوجها من ملابس إلا في فترة التنزيلات، بخاصة من المحلات التي تقدم خصماً كبيراً يصل أحياناً 70 بالمئة.

وتضيف: "أفضّل شراء ملابس من ماركات معروفة، رغم أن أسعارها أغلى، لأنها أجمل وتدوم أكثر".

في سياق متصل، تزدهر تجارة بيع الملابس المصنعة في المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ)، والتي لا تجد طريقها إلى سوق الولايات المتحدة الأميركية لأسباب متعددة.

التاجر عاهد الزعبي، الذي يورّد ملابس "المؤهلة" للسوق، يقول إن المصانع تبيعه فائض إنتاجها، أو عندما لا يتمكن المصنع من تسليم بضاعته في الوقت المحدد، فـ"تعاقبه" الجهة المتعاقدة معه في أميركا بعدم شراء البضاعة.

معظم هذه القطع من ماركات "محترمة" ومرتفعة السعر في السوق الأميركية، لكن محلات بيع "المؤهلة" تبيعها في عمّان بأسعار تقل في كثير من الأحيان عن 10 بالمئة من سعرها "المفترض". فمثلاً يباع بنطلون جينز من ماركة "جلوريا فاندربلت" أو "ليفايس" بخمسة دنانير، فيما يبلغ معدل سعره في المحلات التي تستورده من أميركا 60 ديناراً.

تقول فتاة جامعية كانت تتسوق في أحد محلات "المؤهلة" أنها تعرفت على هذا المحل عن طريق صديقتها، وأصبحت هي وعائلتها زبائن دائمين له. وتؤكد أن السعر المنخفض ومستوى الجودة التي تتمتع بها هذه الملابس جعلا هذا المحل والمحلات المثيلة محطة تسوق أسبوعية تكون فيها تجربة شراء الملابس "خفيفةً" على جيوب العائلة، وتلبي احتياجاتها من الملابس ذات النوعية الجيدة.

يتسوق في هذه المحلات زبائن من جنسيات مختلفة، فيما تقبل على الشراء عراقيات، فلبينيات، ورومانيات وجدن فرصة في اقتناء منتجات ماركات عالمية بأسعار أقل من كلفة التسوق في سوق «البالة»، التي تُعرض فيها ملابس أوروبية مستعملة.

في الآونة الأخيرة، شهدت عمّان الغربية على وجه الخصوص ازدياداً في عدد المحلات التي تبيع منتجات (QIZ)، فيما تتركز هذه المحلات في منطقة تلاع العلي وخلدا.

يرى الزعبي أن هذا «التمركز» سببه أن سكان هذه المناطق يدركون «قيمة هذه الملابس وأهمية ماركاتها». ويؤكد أن ارتفاع القوة الشرائية لساكني عمّان الغربية يساهم في إقبال التجار على فتح محلاتهم في هذه المناطق، في الوقت الذي ما زالت فيه البضائع ذات المنشأين السوري والصيني مسيطرة على بقية محلات عمّان.

بعد الإقبال الكبير على بضائع «المؤهلة»، توقف أصحاب متاجر عن شراء البضائع الصينية والسورية، نتيجة ارتفاع أسعارها، واتجهوا لمنتجات المناطق الصناعية المؤهلة، متخصصين ببيع ما تفرزه خطوط إنتاجها.

هذه البضائع منتجة أصلاً للسوق الأميركية ضمن اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة، وهي مشروع أردني أميركي إسرائيلي أبرم في العام 1996 لإنتاج سلع بمواصفات عالية الجودة مخصّصة للسوق الأميركية العملاقة، بشرط احتوائها على مدخلات إسرائيلية لا تقل عن 8 بالمئة.

منذ ذلك الحين أقيمت 13 منطقة صناعية مؤهلة من إربد أقصى شمال الأردن، إلى الكرك، علماً أن غالبية المصانع مخصصة لإنتاج ألبسة جاهزة بمواصفات عالمية.

اقتراب موسم الأعياد يرفع أسعار الملابس
 
28-Aug-2008
 
العدد 41