العدد 41 - ثقافي
 

مراجعة: جي بي بيترسون*

العلاقات الأميركية الكويتية،

1961-1992: علاقة غير مريحة

الكتاب هو أطروحة دكتوراه وضعها أستاذ مساعد في العلاقات الدولية في جامعة تشولالونغورن في بانكوك، يبدو أنه كان مسؤولا سابقا في وزارة الخارجية التايلندية. باناسبورنبراسيت، في صيغة حالة دراسة في العلاقة التبادلية بين قوة عظمى ودولة صغيرة، مع التشديد على الدور الذي يلعبه النفوذ في مثل هذه العلاقات. بهذا المعنى، يمكن النظر إلى هذا الكتاب بوصفه استمرارا لموضوع السلسلة عن دور النفوذ في العلاقة بين دولة عظمى وأخرى حليفة في الشرق الأوسط؛ وهي السلسلة التي حررها قبل سنوات آل روبنشتاين.

جاء ترتيب الكتاب مباشرا ومتسلسلا زمنيا، إذ يبدأ الكاتب في تتبع خلفية العلاقات الأميركية الكويتية قبل عام 1961، والتي بدأت مع الإرساليات الأميركية في الكويت لتتشكل فيما على أساس مشاركة القطاع الخاص الأميركي في إنتاج النفط والمشاريع التنموية. ولم تكن واشنطن قادرة على فتح قنصلية في الكويت حتى العام 1952؛ بسبب المعارضة التي أبدتها بريطانيا التي كانت تحمي الكويت، والتي خشيت أن تؤسس لسابقة تجعل من الصعب رفض بعثات دول أخرى.

حتى بعد استقلال الكويت، ظل الدور الأميركي هناك سلبيا لأن واشنطن كانت تعتبر الكويت ضمن دائرة النفوذ البريطاني. وهكذا ظلت واشنطن في الخلفية عندما وجه العراق تهديدا إلى الكويت في 1961. وبقي الحال على ما هو عليه، حتى بعد أن أعلنت بريطانيا انسحابها من الخليج ما بين عامي 1986 و1971، ونفذته.

تتلو هذه الفصول الاستهلالية دراسات مفصلة للعلاقات الثنائية في عهد الرؤساء الأميركيين كارتر، وريغان، وجورج بوش الأب. رغبة إدارة كارتر في تحسين العلاقات مع الإمارة الخليجية، والتي كانت قد تبنت موقفا غير منحاز من الاستقلال، تأثرا سلبا بفعل خلافات عميقة حول القضايا العربية الإسرائيلية (التي عززتها الجالية الفلسطينية الضخمة في الكويت). في نهاية الأمر، "أثبتت الكويت أنها أقل طواعية مما كانت تأمله أو حتى تتوقعه واشنطن" (ص 87).

لم تكن الحال أفضل كثيرا في عهد إدارة ريغان. فقد رفضت الكويت تعيين سفير أميركي لعدم رضاها عن دعم واشنطن لإسرائيل، ولكن مع نهاية حقبة ريغان، فاجأت الكويت الجميع بمن فيهم واشنطن، عندما طلبت رفع علمها على ناقلات نفطها لحمايتها من الهجمات الإيرانية. يقول المؤلف إن الجانبين مارسا نفوذهما على الآخر أثناء تلك الفترة.

واستمرت العلاقات الأميركية الكويتية متوترة بعد أن تولى بوش الأب الرئاسة، لكن الكويت بقيت تمثل "حالة هامشيا على قائمة المصالح الأميركية القومية" (ص 136). غزو العراق وما تبعه من تحرير الكويت، شكل العامل المحفز الذي حول العلاقة الثنائية إلى تعاون وثيق. لكن باناسبورنبراسيت يشير أيضا إلى أن حالة "النفوذ التعاوني" الذي ساد في هذه الفترة أتاح "للحكومة الأميركية أن تنتزع السلوك الذي تريده من الحكومة الكويتية، على أساس حسابات باردة للمنافع الحاصلة من هذا التعاون" (ص 137).

هنا تنتهي الدراسة، ربما لأن المؤلف أجرى بحثه بين عامي 1993-1994 ولم يحدثه. ولكان مثيرا للاهتمام لو أنها حُدّث ليشمل الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والغزو الذي قادته أميركا على العراق، والحرب الإسرائيلية مع حزب الله. بالرغم من أن الكويت لا تزال تدور في الفلك الأميركي، فإن خيوط العلاقة تشير إلى أن النفوذ الأميركي ما زال يتفوق على المصالح الكويتية المتنوعة.

هذه دراسة مستوفية لشروط البحث تستحق القراءة. فقد قام المؤلف بالتنقيب في الأدبيات التي نشرت عن هذه المادة. كما أن رحلات البحث إلى الكويت وواشنطن مكنته من إجراء مقابلات مع صانعي السياسة والباحثين في كلا البلدين. كما تمكن من جمع تفاصيل أخرى من سجلات وزارة الخارجية الأميركية والأرشيف القومي في واشنطن.

يقر المؤلف بان الولايات المتحدة، ما خلا أزمة 1990-1991، كانت تولي السعودية أهمية أكبر من جارتها الكويت، وهو ما انعكس في تقلص العلاقات مع الكويت إلى حدها الهامشي المتمثل في الروابط الإقليمية. كما أن السياسة الأميركية تجاه الكويت كانت في العادة تأتي ضمن سياسة أكثر عمومية تتعلق بالدول الخمس الصغرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. الأمر الذي زاد من صعوبة التركيز على مجال معين من النفوذ في العلاقة الأميركية الكويتية.

الجهد الذي بذله المؤلف في تصوير الكتاب وكأنه حالة دراسة في مجال العلاقة بين دولة عظمى وأخرى صغرى، وبخاصة فيما يتعلق بدور النفوذ في مثل هذه العلاقة، قد شابه نقص النقاش الواضح للصلة بين نموذج العلاقة الكويتية الأميركية وهذا البحث الاستقصائي. في الفقرة الأخيرة من الكتاب فقط، يناقش باناسبورنبراسيت بوضوح المسألة الرئيسية التي طرحها في بداية الكتاب: "في أي ظرف يمكن لدولة صغيرة مثل الكويت أن تؤثر في قوة عظمى مثل الولايات المتحدة؟" (ص 2).

وكان جوابه أنه بدلا من تتبع النموذج التقليدي في أن تمارس قوة عظمى نفوذها المباشر على الدولة الصغيرة، فإن الكويت مارست درجة من النفوذ والتأثير في العلاقة و"غالبا ما ارتقت فوق ‘مركزها‘ المتوقع في النظام الدولي" (ص 143).

*مركز دراسات الشرق الأوسط، جامعة أريزونا، توسكان، أريزونا

بالتعاون مع:

المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط

International Journal of Middle East Studies

كتاب نموذجي للعلاقة بين دولة عظمى وأخرى صغيرة
 
28-Aug-2008
 
العدد 41