العدد 40 - حريات
 

نور العمد

بخروجهم من سجن قفقا أخيرا، طويت الصفحة الأخيرة في ملف الأسرى الأردنيين الأربعة المرحلين من السجون الإسرائيلية ليقضوا بقية محكوميتهم في السجن الأردني.

وضع خروج سلطان العجلوني، وسالم أبو غليون، وخالد أبو غليون، وأمين الصانع إلى نور الحرية، حدا لتضارب في التصريحات الرسمية حول مصيرهم وتوقيت الإفراج عنهم، انشغلت به الساحة الإعلامية على مدى شهور. وأبت المهزلة الإعلامية التي رافقت مصائر الأسرى الأربعة إلا أن تتم فصولها حتى في قرار الإفراج عنهم، فقد جاء الإفراج عنهم على لسان مدير مراكز إصلاح وتأهيل السجون التابعة للأمن العام، لا على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي كان أدلى بتصريحات لم تشر إلى احتمال الإفراج عنهم، وذلك قبل وقت قصير من تصريحات مدير المراكز المشار إليه.

ففي الرابع عشر من آب/أغسطس الجاري، نشرت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) نبأ على موقعها، صرّح فيه الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، الرائد محمد الخطيب، أن مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل في مديرية الأمن العام، أفاد بأنه وفقا لأحكام المادة (34) من قانون مراكز الإصلاح والتأهيل، فإن مدة محكومية كل من: سلطان العجلوني، وسالم أبو غليون، وخالد أبو غليون، وأمين الصانع، تعتبر منتهية في العشرين من آب/أغسطس الجاري.

وأضاف الناطق الإعلامي أن مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، أكد أن المادة المذكورة تحسب المدة على أساس ثلاثة أرباع مدة المحكومية، حيث بدأ تنفيذ هذه المدة في 5/7/2007.

وفقا لأحكام القانون، أشار الرائد الخطيب إلى أن وزارة العدل كانت خاطبت السلطات الإسرائيلية المختصة في 2/7/2007، لإشعارهم بأن تنفيذ مدة المحكومية للمواطنين الأردنيين، الذين تم نقلهم إلى الأردن من إسرائيل، سيكون خاضعا لأحكام التشريعات الأردنية النافذة.

كان الأسرى الأربعة قبعوا خلف قضبان مركز إصلاح وتأهيل "قفقفا" لمده ثمانية عشر شهرا بدأت في شهر تموز/ يوليو 2007، وذلك بحسب اتفاقية بين الحكومتين الأردنية والإسرائيلية، أبرمتها الحكومة الأردنية السابقة برئاسة معروف البخيت، مع الحكومة الإسرائيلية، سمح بموجبها بنقل الأسرى الأردنيين الأربعة من السجون الإسرائيلية إلى سجن "قفقفا"، على أن يقضوا فيه مده أقصاها 18 شهرا، أو أن يطلق سراحهم قبل ذلك، في حال أطلقت إسرائيل سراح أسرى قضاياهم تتشابه مع حالتهم.

الشرط الأخير، أذكى وتيرة تساؤلات حول مصير المعتقلين الأردنيين، بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، والتي أفرجت إسرائيل بموجبها عن عميد الأسرى العرب في السجون الإسرائيلية، سمير القنطار، ورفات عدد من الشهداء اللبنانيين والفلسطينيين والعرب، بمن فيهم أردنيون. تضمن رد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة، على أول تساؤل عن مصير الأسرى الأردنيين الأربعة، نفيا لوجود اتفاقية موقعة مع الطرف الإسرائيلي تقضي بالإفراج عن الأسرى الأردنيين الأربعة المرحلين إلى السجون الأردنية.

وخلال مؤتمر صحفي عقده بداية آب/أغسطس الجاري، قال جودة إن الإفراج عن الأسرى سيكون نتيجة تفاهمات، معظمها شفوي، بين الطرفين الأردني والإسرائيلي، سواء تمت هذه الاتصالات عبر الهاتف أو عبر اللقاءات الشخصية: "نحن ملتزمون بهذا التفاهم بعد انقضاء 18 عشر شهراً، كما نتوقع التزام الطرف الإسرائيلي به، ونتابع بشكل يومي ملف الأسرى والمعتقلين الأردنيين أينما كانوا".

وبين جودة أن الحكومة عملت بشكل حثيث على التفسيرات القانونية لهذه التفاهمات، حيث أشار، في المؤتمر نفسه، إلى حرص الحكومة على العمل بصمت دون اتخاذ إجراءات من شأنها التأثير في سير المفاوضات من أجل الإفراج عن الأسرى المتبقين: "مثلاً الثمانية عشر شهراً التي سيقضيها الأسرى الأربعة في السجون الأردنية تختلف من حيث عدد الأيام عن الحكومة الإسرائيلية، إذ إن شهر السجن في القانون الأردني هو 21 يوماً".

وأوضح جودة أن الإفراج عن هؤلاء الأسرى بالذات من السجون الإسرائيلية، ومن ثم نقلهم إلى السجون الأردنية، جاء بسبب نوعية التهم الموجهة إليهم، وذلك قبل توقيع معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية، "الإسرائيليون يصنفون هؤلاء الأربعة بشكل مختلف عن بقية الأسرى، كما أن المفاوضات القانونية والفنية بالنسبة لهم مختلفة".

المحلل السياسي فهد الخيطان، يعتقد أن سبب التخبط في التصريحات الحكومية يعود إلى سوء تفسير الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، مبينا أن سبب إعلان مدير السجون خبر الإفراج يعود إلى أن السجناء الأربعة تحت ولايته وهو المعني بنفاذ القانون.

وقال الخيطان لـ«ے» إن هنالك تضاربا في التصريحات الإعلامية والمواقف الرسمية الصادرة من الحكومة، «حيث أفاد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، ناصر جودة، أنها تفاهمات شفوية، ثم تبين أنها مكتوبة، أما مدير مراكز الإصلاح والتأهيل فاستند إلى هذا التفاهم بين وزارة العدل الأردنية والجانب الإسرائيلي لإطلاق سراحهم، وهذا ما ورد في الخبر الرسمي، فقد تم الاتفاق مع إسرائيل بعد ترحيل الأسرى إلى الأردن أن يخضعوا للقانون الأردني الذي كان واضحا، حيث تنتهي محكوميتهم في 20 آب/أغسطس 2008، وهذا الأمر كان غائبا عن وزارة الخارجية ووزير الإعلام، على ما يبدو، ولذلك شهدنا حالة من التخبط في التصريحات».

يرى الخيطان أن رئيس الوزراء نادر الذهبي حسم الأمر اتجاه ملف الأسرى الأربعة، وأكد استمرار الحكومة في المفاوضات بشأن الأسرى الأردنيين القابعين في السجون الإسرائيلية وسط تواصل صفقات التبادل بين إسرائيل وقوى مقاومة.

د. صالح العجلوني، رئيس لجنة أهالي الأسرى والمفقودين الأردنيين في السجون الإسرائيلية، ثمّن خطوة الحكومة في الإفراج عن المعتقلين الأربعة من سجن قفقفا، مطالبا إياها بالسعي مجددا نحو الإفراج عن بقية المعتقلين في السجون الإسرائيلية والكشف عن مصير المفقودين.

وقال العجلوني إن الحكومة أعلنت متأخرة عن إطلاق سراح الأربعة، «كان عليها أن تفرج عنهم بتاريخ السادس عشر من تموز/يوليو الماضي عشية تبادل حزب الله اللبناني وإسرائيل الأسرى والرفات، لكنها تأخرت رغم الاتفاق بين الجانبين الأردني والإسرائيلي على إطلاق سراح الأسرى الأربعة المختلف عليهم بعد تبادل أسرى عرب، وهذا ما كان، لكن الحكومة فشلت في ذلك».

الإفراج عن أسرى “قفقفا” يوقف تخبطاً إعلامياً حولهم
 
21-Aug-2008
 
العدد 40