العدد 40 - اقتصادي
 

جمانة غنيمات

يبدو أن اتفاقية النفط الأردنية العراقية التي جددها البلدان لمدة ثلاث سنوات مؤخراً -في حال تم تفعيلها- ستكون محدودة الأثر لناحية التخفيف من العبء الذي يعانيه الاقتصاد الأردني في بلد غير نفطي يستورد كامل احتياجاته النفطية من الخارج.

فمن ناحية، لا تشكل الكميات المتفق عليها سوى ثلث احتياجات المملكة من المحروقات التي تقدر بـ 100 ألف برميل يومياً، في وقت لا تزيد فيه قيمة الوفر الذي تحققه الاتفاقية في قيمة الفاتورة النفطية التي يتوقع أن تزداد لتبلغ 2.8 بليون دينار نهاية العام الحالي، سوى 1.94 بالمئة من كلفة الفاتورة النفطية المتوقعة للعام 2008.

وزير الطاقة والثروة المعدنية خلدون قطيشات، بيّن خلال لقاء صحفي، التطورات التي ألمت باتفاقية النفط الأردنية العراقية منذ توقيعها في العام 2006، إذ وقّع رئيسا مجلسي الوزراء في البلدين، مذكرة تفاهم لتجهيز ونقل النفط الخام بين الحكومة العراقية والأردن.

نتائج الاتفاقية الأولى كانت ضعيفة، يقول قطيشات، اذ تم تحميل 166 صهريجاً خلال الفترة 14- 26/9/2007 بموجب مذكرة التفاهم، وصل آخرها بعد خمسة أشهر من تاريخ التحميل، وتبين من هذه التجربة تعذر استمرارية النقل بالشروط نفسها، ومن خلال شركة النقل البري العراقية الأردنية، ما تطلب إعادة النظر في آلية الاستلام والنقل ومقدار الخصم، لاستئناف عملية الاستيراد من العراق.

كان الأردن والعراق اتفقا على تمديد مذكرة التفاهم بتاريخ 12 حزيران/يونيو الماضي لمدة ثلاث سنوات من هذا التاريخ.

من ناحية أخرى، توقع وزير الطاقة والثروة المعدنية أن تصل أولى شحنات النفط العراقي بسعر الخصم الجديد قبل منتصف أيلول/سبتمبر المقبل.

وأكد أن الوزارة انتهت من تعيين الائتلاف الذي تقدم بأقل الأسعار لنقل النفط العراقي بواسطة الصهاريج من منطقة حديثة الحدودية مقابل 15 دولاراً لنقل البرميل الواحد واصلاً مصفاة البترول، ما يساهم بتحقيق وفر في الفاتورة النفطية بنحو 2 بالمئة من كلفة الفاتورة النفطية المتوقعة للعام الحالي.

وأعلن الوزير أن العراق وافق في العاشر من آب/ أغسطس على زيادة مقدار الخصم الممنوح على سعر النفط المستورد من العراق ليصبح 22 دولاراً للبرميل، بدلاً من سعر نفط خام برنت، البالغ 18 دولاراً للبرميل.

كما كشف أن الحكومة بصدد توقيع اتفاقية مع شركة نائل ذيابات وشركات أخرى لتأمين نقل النفط العراقي، ويجري التفاوض حالياً مع الشركة الناقلة الفائزة بموجب وثائق دعوة العروض التي استلمت بتاريخ 17/7/2008 لترتيب عملية النقل بأقصى سرعة ممكنة.

من المتوقع أن يكون الوفر من شراء نفط كركوك بمراعاة الخصم الجديد حداً أقصى 7 دولارات للبرميل عن سعر نفط خام برنت، على اعتبار أن كلفة النقل وحسب العرض الأرخص حوالي 15 دولااً للبرميل، بحسب الوزير.

ويضيف قطيشات، أنه في حال استيراد 10 آلاف برميل يومياً من النفط العراقي (10 بالمئة من الاحتياجات اليومية البالغة 100 ألف برميل)، فإن الوفر اليومي المتوقع يقارب 70 ألف دولار، أي حوالي 25.5 مليون دولار سنوياً، ويشكل هذا الوفر 0.65 بالمئة من كلفة الفاتورة النفطية المتوقعة للعام 2008.

كذلك، بين أن زيادة كميات الاستيراد إلى 30 ألف برميل يومياً من النفط العراقي (30 بالمئة من الاحتياجات اليومية البالغة 100 ألف برميل)، فإن الوفر اليومي المتوقع سيكون حوالي 210 آلاف دولار (حوالي 76.65 مليون دولار سنوياً)، ويشكل هذا الوفر 1.94 بالمئة من كلفة الفاتورة النفطية المتوقعة للعام 2008.

التباين يبدو جلياً بين الآراء الرسمية ووجهات نظر ناشطين في قطاع النقل حول مدى إمكانية تطبيق اتفاقية النفط الأردنية العراقية، وآليات تنفيذها، رغم التصريحات الأخيرة للعراق حول تزويد الأردن بالنفط بأسعار تفضيلية، وزيادة نسبة الخصم الممنوح ليصبح بمقدار 22 دولاراً بدلاً من 18 دولاراً على البرميل.

بعكس تفاؤل الوزير، يؤكد نائب مدير عام شركة القواسمي للنقل البري (إحدى الشركتين المسؤولتين عن منطقة التحميل والتفريغ على الحدود)، رياض بركات، إنّ "عدم توافر الأمن والحماية في العراق هما السببان الرئيسيان في توقف النقل بين البلدين منذ نيسان/ إبريل 2003". ما يعني، بحسب بركات، أن عدم توافر الأمن والحماية للشاحنات الأردنية في الأراضي العراقية، وارتفاع تكاليفها في حال توافرها، هو أحد أسباب عدم التفاؤل، إضافة إلى أنه لم يصدر من الجانب العراقي أي بادرة فعلية لتطبيق اتفاقية نقل النفط، وتحفظه على الآلية المتفق عليها أصلاً لنقل النفط، وهي إيصال النفط إلى الحدود العراقية الأردنية، ومن ثم تفريغها في شاحنات أردنية من الحدود.

وفق بركات، فإنّ إصرار الأردن على أن تكون عملية النقل إلى ومن الحدود يأتي لدعم أسطول الشاحنات الأردني المجمد منذ العام 2003، والذي كان يعتمد على النقل للعراق بشكل أساسي.

لكن أمين سر نقابة أصحاب السيارات الشاحنة ومدير الشركة، نايل ذيابات، أوضح أن التحميل سيكون من منطقة التحميل والتفريغ إلى المصفاة، وأن الشركة جاهزة بكوادرها وإمكانياتها لنقل أي كمية متفق عليها.

وأشار إلى أنه يتم حالياً التفاوض مع الشركات العراقية التي ستنقل النفط للحدود العراقية الأردنية.

من جهة أخرى، فإن منطقة التحميل والتفريغ قادرة على تفريغ حوالي 200 سيارة عراقية يومياً في حال عملت 8 ساعات، وتفريغ 250 شاحنة في حال عملت الساحة 10 ساعات.

وكان الأردن والعراق اتفقا، في حزيران/ يونيو الماضي، على تجديد الاتفاق النفطي، الذي وُقع في العام 2006، والمتضمن تزويد المملكة بالنفط بأسعار تفضيلية لثلاث سنوات مقبلة، وذلك في ختام مباحثات أجراها رئيس الوزراء نادر الذهبي مع نظيره العراقي نوري المالكي في عمان.

ويقضي الاتفاق بتزويد الأردن بنحو 30 بالمئة من احتياجاته النفطية، المقدرة بنحو 100 ألف برميل يومياً بالأسعار التفضيلية.

وأعلن العراق، عشية زيارة الملك لبغداد، موافقته على زيادة مقدار الخصم الممنوح على نفط خام كركوك، الذي سيتم بيعه للمملكة بأسعار تفضيلية ليصبح بمقدار 22 دولاراً للبرميل بدلاً من 18 دولاراً من سعر نفط خام برنت.

يشار إلى أنّ الأردن كان من أكثر الدول تضرراً من حرب العراق، إذ أصيب قطاع النقل، الذي كان يعمل أكثر من 95 بالمئة منه مع العراق، بالشلل تماماً، وبات يتمركز في النقل الداخلي أو النقل إلى بعض دول الخليج.

كما تضرر قطاع التجارة بشكل واضح، حيث كان حجم الصادرات الأردنية الأكبر يذهب باتجاه الشرق، فيما توقف استيراد النفط الذي كان يعتمد الأردن عليه بشكل أساسي.

وبحسب ذيابات، فإنّ توقف النقل للعراق كان بسبب توقف استيراد 14 ألف طن نفطي يومياً من العراق، قبل الحرب، إضافة إلى توقف الجزء الأكبر من القطاع الخاص العراقي عن استيراد بضائعه من العقبة وتحوله إلى موانئ العراق وموانئ دول مجاورة أخرى أكثر قرباً له من الأردن.

النفط العراقي: معيقات أمنية تضعف الأمل بوصوله
 
21-Aug-2008
 
العدد 40