العدد 39 - اقتصادي
 

السّجل - خاص

تؤدي السياسة النقدية الحالية دوراً في زيادة كلف الإنتاج لمختلف القطاعات الاقتصادية من خلال المستويات المرتفعة لأسعار الإقراض.

تعدّ معدلات أسعار الفوائد على الودائع والقروض، نظرياً، السمةَ الأساسية لهذه السياسة، كون آثارها تنعكس مباشرة على مختلف القطاعات الاقتصادية.

هامش الفائدة (الفرق بين معدلات الفائدة على القروض والودائع) محلياً، مرتفع نسبياً، ويصل على الأقل إلى 5 بالمئة، إذ يبلغ متوسط الفائدة على القروض 9 بالمئة؛ فيما يتراجع المتوسط على الودائع إلى نسبة 3 بالمئة.

ونتيجة ارتفاع الفوائد على التسهيلات أصبحت كلفة الاقتراض المحلية عالية، وترهق كثيراً من المنتجين وتحد من قدرتهم على المنافسة، ما يدعو إلى اتخاذ إجراءات تحول دون تباطؤ النمو الاقتصادي.

يكشف تقرير اقتصادي صدر حديثاً، أن التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني ستؤدي إلى بقائه في مرحلة التباطؤ للعام الرابع على التوالي، إلى جانب ارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة منذ العام 1990.

السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي الأردني أحد مسببات التباطؤ، بحسب ما يرى الخبير الاقتصادي د. يوسف منصور، وهي سياسة يصفها بـ«الانكماشية» بهدف ضبط التضخم رغم كون مسبباته خارجية.

دلالات كثيرة تؤكد التوصيف السابق لسياسة «المركزي»، منها إبقاؤه على مستويات فائدة مرتفعة، وعدم سماحه بمنح تراخيص لمصارف جديدة.

يشير منصور إلى استخدام «المركزي» إحدى أدواته النقدية مؤخراً، كرفع نسبة الاحتياطيات الإلزامية على البنوك بهدف تقليل الاقتراض.

غير أن آخرين يؤكدون نجاعة تلك السياسة في ضبط التضخم محلياً، إلا أن الظروف المتعلقة بالمملكة تتمثل في كون المسببات خارجية، كارتفاع أسعار التضخم والمواد الغذائية.

وتوقع تقرير اقتصادي متخصص لشركة الاستراتيجية الأولى للاستشارات، أن معدل النمو الحقيقي المتوقع لهذا العام سيكون بحدود 4.4 بالمئة؛ في ما يتوقع أن يتجاوز معدل التضخم 14 بالمئة.

آثار السياسة النقدية المتبعة تَظهر نتائجها على معظم القطاعات الاقتصادية،. يؤكد رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان م. زهير العمري، أن «كلفة الاقتراض مرتفعة، إضافة إلى أنه لا يتوافر لدى كثير من البنوك مخصصات للإقراض العقاري»، ويضيف: «يجب تخصيص نسبة من محفظة الإقراض العقاري لغايات المساكن فقط، وفصلها عن العقار ككل». إذ تستحوذ مشاريع كبرى عقارية وتجارية على معظم التسهيلات، وتقلل فرصة المواطن في الحصول على قرض لتمويل شراء شقته.

يلفت العمري إلى أن «الجمعية تقدمت بطلب رسمي لمحافظ البنك المركزي تطالب فيها بزيادة حصة الشركات العقارية من إجمالي التسهيلات المخصصة للعقار، بهدف تمكين المواطنين من الحصول على القروض»، معتبراً أن «متطلبات معظم البنوك في السوق المحلية أصبحت ترهق المواطنين في شروطها لتجعلهم غير قادرين على الاقتراض».

يشار إلى أن قطاع العقار شهد خلال السنوات الأخيرة ارتفاعاً كبيراً ،جعل أسعار المساكن في البلاد أعلى من قدرة المواطنين على تملّك مسكن.

كذلك، يُظهر التجار شكواهم من هذه السياسة. يشدد رئيس جمعية تجار الحديد هشام المفلح على أن كلفة الاقتراض أصبحت مرهقة، وتسهم في زيادة الكُلَف، كون كثير من التجار يحتاجون إلى التمويل بعد أن تآكلت رؤوس أموالهم وباتوا غير قادرين على تلبية احتياجات أنشطتهم التجارية التمويلية.

ويوضح المفلح أن «من كان يعمل بمبلغ 300 ألف دينار بات غير قادر على تمويل الكمية نفسها من الحديد كما كان يفعل قبل عامين، وبالتالي عليه أن يقترض ليعمل بالمستوى نفسه الذي كان فيه».

ويدعو إلى ضرورة تخفيض أسعار الفائدة، وعدم إبقائها في المستويات الحالية، التي يصل الاقتراض الشخصي بها إلى 14 بالمئة.

«الصناعة» قطاعٌ آخر تضرر من هذه السياسة. يؤكد رئيس جمعية المصدرين الأردنيين م.عمر أبو وشاح أن هذه «الصناعة» أحد القطاعات التي تأثرت سلبياً من ارتفاع معدلات أسعار الفائدة التي تعد مرتفعة مقارنة في الصناعات المنافسة في المنطقة.

وارتفع الرقم القياسي العام لأسعار المنتجين الصناعيين بنسبة 14.6 بالمئة لشهر حزيران/يونيو من العام الجاري، مقارنة بالشهر الذي سبقه، وفقاً للبيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة.

تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المنتجين الصناعيين لحزيران/يونيو الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي بنسبة 75 بالمئة، نتيجة ارتفاع أسعار الصناعات التحويلية بنسبة 71.6 بالمئة، والصناعات الاستخراجية بنسبة 130.8 بالمئة، وأسعار الكهرباء بنسبة 33 بالمئة.

يقول أبو وشاح إن «كثيراً من العوامل اصبحت تسهم في رفع كلفة المنتجات الوطنية إلى جانب أسعار الفائدة، وخصوصاً الطاقة».

ونجم ذلك عن ارتفاع أسعار الصناعات التحويلية بنسبة 16.5 بالمئة، والصناعات الاستخراجية بنسبة 7.2 بالمئة، والكهرباء بنسبة 0.1 بالمئة.

السياسة النقدية ترفع كُـلَـف إنتاج مختلف القطاعات الاقتصادية
 
14-Aug-2008
 
العدد 39