العدد 6 - ثقافي
 

«كتابة الشعر (والأدب عموماً) لا تحتاج إلى تفرغ»، هذا ما يقول به بعض الأدباء الأردنيين، الذين يبدون تحفظات على مشروع التفرغ الإبداعي.

ويرى هؤلاء أن «الكتابة الإبداعية لا تتم بتخطيط مسبق»، غير أن آخرين يتهمون المتحفظين بـ «تجاهل الفكرة التي يقوم عليها المشروع، وهي تقدير المبدع ومنجزه أكثر من أي شيء آخر».

ويرد الشاعر يوسف عبد العزيز الذي تم تفريغه لإنجاز مشروع «الاحتفاء بشعرية المشهد» بتأكيده أن «الكتابة صنعة بالإضافة إلى كونها موهبة». ويشدد على أن «الكتابة عمل شاق»، وأن «العملية معقدة لا تخضع لقانون محدد».

ويرى عبد العزيز أن على الكاتب أن يخصص وقتاً طويلاً للكتابة والقراءة، و«من دون هذا الجهد والوقت والتعب يظل الكاتب على الحافة بلا رصيد إبداعي كبير».

وشمل مشروع التفرغ الإبداعي الذي أقرته وزارة الثقافة تسعة من المبدعين الأردنيين في سنته الأولى، ولاقى ترحيبا كبيراً في المشهد الثقافي، بسبب «ريادته على المستوى العربي»، ولأنه «يحمل الكثير من التقدير للمبدع والتثمين لدوره الطليعي في مجتمعه»، بحسب مبدعين.

ويقضي المشروع بتفريغ عشرة مبدعين في حقول مختلفة كلَّ عام، ومنح الواحد منهم مبلغ 15 ألف دينار لقاء إنجاز مشروع يقترحه بعد أن توافق لجنة متخصصة عليه. وتكون حقوق نشر هذا العمل لوزارة الثقافة لمدة ثلاث سنوات.

غير أن أكثر من كاتب تحفظ على المشروع، وأصر على «ثغرات» فيه، ومنهم رئيس رابطة الكتاب الأردنيين القاص سعود قبيلات الذي توقف عند ما يمكن أن يواجهه المبدع المتفرغ من مشاكل على صعيد عمله الوظيفي، وحقوقه الوظيفية خلال فترة تفرغه، بالإضافة إلى المعيار الكمّي الذي يشترط أن يكون للمبدع الذي يتقدم للحصول على التفرغ أربعة أعمال منشورة على الأقل في المجال الذي يود التفرغ فيه، وهناك أيضاً مسألة العمر للراغب في التفرغ (40 عاماً على الأقل).

«صيغة التفرغ القاضية بتفريغ المبدع طيلة إنجاز مشروعه ضرورة لا غنى عنها»، يؤكد الرئيس الأسبق لرابطة الكتاب الروائي جمال ناجي الذي تم تفريغه لإنجاز مشروعه الروائي «الإنهاك».

ويضيف: «إذا واصل الكاتب عمله الوظيفي خلال فترة تفرغه الإبداعي فسيكون هناك تشتيت وغياب للتركيز أثناء الكتابة».

وعلى الرغم من كونها فناً، يرى ناجي أن «الرواية تحتاج إلى بحث في جوانب متعددة تتعلق بالبنى النفسية للشخوص والجغرافيا والبيولوجيا»، ما يتطلب جهداً ووقتاً في البحث.

من جانبه يرى الروائي هاشم غرايبة الذي فُرغ لإنجاز الجزء الثاني من مشروعه الروائي «بترا-ملحمة العرب الأنباط»، أن «المشروع خطوة مهمة في نظرة الدولة للعمل الإبداعي على أنه عمل احترافي».

«الموافقة على تفريغ المبدع هي اعتراف باحترافه قبل كل شيء»، يؤكد غرايبة الذي يأمل أن يأتي يوم يكون تفرغ المبدع فيه بشكل دائم وليس لسنة واحدة، وأن يعاد النظر في المبلغ المخصص لقاء التفرغ، لجهة زيادته، «خصوصاً أن هناك الكثير من المشاريع التي لا يمكن إنجازها وتوثيقها بسبب غياب المورد الذي يغطي تكاليف العمل عليها، وقلة أو انعدام المردود المالي لها أيضاً». ويبدو الروائي محمود عيسى موسى الذي فُرغ لإنجاز مشروعه الروائي «الشهبر»، متفهماً إلى حد كبير لما يمكن أن تعتري تجربة كهذه في سنتها التطبيقية الأولى. «لا يجوز المطالبة بكامل طموحاتنا دفعة واحدة».

وحول اشتراط الاتفاقية التي يوقعها المبدع المتفرغ مع وزارة الثقافة أن لا ينشر جزءاً من مشروعه الذي فُرغ لإنجازه خلال فترة تفرغه، يرى عيسى أن هذا أمر مهم وضروري، «الوزارة ستنشر العمل بشكل مناسب بعد انتهاء مدة التفرغ».

ولا يوافق موسى على أن «المشروع تحول إلى سجن للمبدع المتفرغ يعزله عن المشهد الثقافي»، بل يؤكد أن بإمكان المبدع المتفرغ أن يواصل حضوره سواء في النشر أو في المشاركة في الأنشطة على الساحة الثقافية».

ويطمح مبدعون إلى تفعيل البند التاسع من نظام التفرغ الذي يشير إلى إنشاء بيوت إبداع ثقافية لغايات استخدامها في تنفيذ مشاريع دعم الإبداع الثقافي.

ويدعون إلى استلهام تجارب أخرى في هذا السياق توفر للمبدع إقامة ملائمة في أحد المواقع التاريخية أو الحضارية أو التراثية حتى إنجاز مشروعه. «النية تتجه نحو الاستفادة من مثل هذه المواقع لإثراء العمل الإبداعي»، يؤكد الأمين العام المساعد في وزارة الثقافة د.باسم الزعبي. ويزيد «هناك نقاش لوضع تصور حول فكرة بيوت الإبداع الثقافي، ومرافقها واستخداماتها وكيفية إقامة المبدعين فيها».

ويبين الورشة التي أقامتها وزارة الثقافة لمراجعة نظام التفرغ في آب الماضي «خرجت بتوصيات سيتم إقرارها لتكون نافذة المفعول في السنة المقبلة».

أما المبدعون الذين جرى تفريغهم في السنة الأولى من عمر المشروع هم: خليل قنديل (مجموعة قصصية)، إسماعيل أبو البندورة (ترجمة رواية «الشهيد» للكاتب البوسني زلهاد كلوتشانين)، يوسف عبد العزيز (الاحتفاء بشعرية المشهد)، حكمت النوايسة (مسلة نبطية/ شعر)، أحمد إصبيح (توثيق مدينة عمان بالرسم)، د.أنور خالد الزعبي (دراسة عن العقل والعقلانية الشاملة في الفكر العربي الإسلامي)، جمال ناجي (رواية «الإنهاك»)، هاشم غرايبة (رواية «بترا- ملحمة العرب الأنباط»، الجزء الثاني)، ومحمود عيسى موسى (رواية «الشهبر»).

مشروع التفرع الإبداعي: ما له وما عليه – هيا صالح
 
13-Dec-2007
 
العدد 6