العدد 39 - أردني
 

حسين أبورمان

إشارات جديدة تتحدث بلغة التمثيل النسبي ، مرشحة لدفع هذا المبدأ إلى الأمام في الحوارات العامة، ما يعزز الجهود الوطنية الرامية إلى الارتقاء بالأنظمة الانتخابية لمجلس النواب وللمجالس البلدية والنقابية لتستوعب "النسبية" في إطارها.

ففي إطلاق احتفالية اليوبيل الذهبي لنقابة المهندسين، مطلع هذا العام، أكد نقيب المهندسين وائل السقا استعداد النقابة "اعتماد مبدأ التمثيل النسبي في انتخاباتها في حال وافقت عليه الهيئة العامة للنقابة"، مؤكداً أن النقابة تسعى لتوسيع قاعدة مشاركة مختلف الفعاليات النقابية في مجلس النقابة كما سعت لذلك في دورات سابقة.

وفي مجلس النواب، تقدمت مجموعتان في نهاية الدورة الاستثنائية الأولى التي اختتمت أعمالها يوم 12 تموز/يوليو 2008، بمقترحين لتعديل النظام الداخلي للمجلس التقتا فيه عند التوصية بتشكيل لجان مجلس النواب وفق مبدأ التمثيل النسبي للكتل النيابية والمستقلين. المجموعة الأولى وعددها 16 نائباً، يغلب عليها الانتماء إلى كتلة التيار الوطني الذي يتزعمه عبد الهادي المجالي رئيس مجلس النواب، والثانية من 13 نائباً يغلب عليها طابع المستقلين، فيما توزع نواب من كتلة الإخاء ذات الملامح الشبابية بين المذكرتين.

فسر نقيب المهندسين إقدامه على طرح فكرة التمثيل النسبي لانتخابات نقابة المهندسين في احتفالية النقابة، بالرد على ما أسماه "الاتهامات لنا بأننا ذو لون واحد، وأننا ندير النقابة لوحدنا، مع أن معنا نقابيين ينتمون إلى القائمة الخضراء".

وأضاف "لسنا مع استبعاد أية قوة لها حجم تمثيل وتاريخ في العمل النقابي من الوصول إلى مواقع القرار. إن تتعدد الخبرات والتوجهات في إطار الحراك النقابي، يثري العمل النقابي علاوة على أن ذلك مطلب للشارع النقابي".

ودافع السقا عن أن "التمثيل النسبي حل عملي مناسب لتمثيل أي قائمة لها نفوذ ملموس"، مشدداً على أنه لا مانع لديه من الأخذ بهذا المبدأ، لا على المستوى الشخصي ولا بصفته نقيباً للمهندسين.

وحول الخطوات الملموسة باتجاه دعم التمثيل النسبي، أكد أن مجلس النقابة "طلب من مجالس الفروع أن تعد لورشة عمل في العقبة بحيث يقدم كل فرع ما لديه من أفكار لإدارة حوار حول هذه المسألة قبل عرضها على الهيئة العامة".

يبلغ عدد أعضاء نقابة المهتدسين ما يزيد على 70 ألف مهندس. و العدد مرشح للارتفاع سنوياً بمعدل خمسة آلاف مهندس خلال السنوات القريبة المقبلة. وبالنظر إلى الزيادة المطردة في عدد أعضاء النقابة والصعوبات المتنامية التي تحول دون تمكين الهيئة العامة من ممارسة مسؤولياتها بيسر وسلاسة، عملت النقابة على تعديل قانونها عام 2002، بحيث باتت هناك هيئة مركزية وسيطة ،تمارس القسم الأكبر من صلاحيات الهيئة العامة باستثناء انتخاب مجلس النقابة وتعديل قانونها.

عزام الصمادي أحد نشطاء القائمة الخضراء في نقابة المهندسين، اعتبر أنه ينبغي أن ينظر إلى التمثيل النسبي باعتباره جزءاً لا يتجزأ من مطلب الإصلاح النقابي الذي يتطلب رقابة مالية وإدارية على قرارات المجالس النقابية. مؤكداً قناعة كل النقابيين بضرورة الإصلاح النقابي، وبالحد الأدنى مراجعة تشريعات النقابة. موضحاً أن القائمة الخضراء تبنت موضوع التمثيل النسبي خلال الدورات الثلاث الأخيرة.

على صعيد آخر، كانت لجنة لبحث قضايا النقابات المهنية انبثقت عن لجنة "الأردن أولاً" عام 2002. أوصت أن "يقوم الانتخاب في النقابات المهنية على مبدأ التمثيل النسبي الدقيق بحيث يعكس مكونات الهيئة العامة بصورة دقيقة، ويكون قادراً على تمثيل مختلف الشرائح والمصالح واتجاهات الرأي الموجودة داخل القاعدة المهنية".

لجنة النقابات المهنية كانت من أكثر لجان "الأردن أولاً" توازناً، وكانت ممثلة للأطياف الإسلامية والقومية واليسارية والاتجاه الحكومي، وتشكلت من: اسحق مرقة، ممدوح العبادي، زياد خصاونة، رايق كامل، فضل نيروخ، عبدالهادي الفلاحات، خالد الشوابكة، هشام التل، أسامة ملكاوي، فراس إبراهيم بكر، زيد حمزة، جميل النمري، زياد مطارنة، عاصم غوشة، عبد الرحيم البقاعي، راكان المجالي، نانسي باكير، ونبيل الشامي.

الصمادي يقول إن القائمة البيضاء في نقابة المهندسين كانت متحفظة على التمثيل النسبي. ولم تبد قبولاً علنياً لهذا المبدأ إلا حين طرح مشروع قانون النقابات المهنية "قانون الصوت الواحد"، إبان تولي سمير الحباشنة وزارة الداخلية. لكن اهتمام مجلس نقابة المهندسين بالموضوع تراجع لاحقاً عندما طوي ملف هذا المشروع.

ورحّب الصمادي بطرح نقيب المهندسين لموضوع التمثيل النسبي، لكنه أوضح أن هذا الطرح "لا يشتمل على آلية لتفعيله"، معتبراً أن مجلس النقابة أعفى نفسه من اتخاذ موقف عملي يساعد في اعتماد هذا التمثيل.

واعتبر الصمادي أن "محك استعداد المجلس للسير على هذه الطريق، هو تشكيل لجنة ممثلة لكافة الأطياف النقابية دون إقصاء، وتكليفها اقتراح التعديلات الضرورية على قانون النقابة وفق مبدأ التمثيل النسبي، وتقديمها إلى مجلس النقابة ليقوم باعتمادها وطرحها على الهيئة المركزية ثم الهيئة العامة لإقرارها تمهيداً للسير بها في القنوات الدستورية".

وكشف الصمادي أن اللجنة القانونية التابعة لمجلس النقابة التي كان عضواً فيها في الدورة السابقة، طرحت موضوع ورشة عمل حول التمثيل النسبي، لكن المجلس لم يقم بمتابعة الأمر.

وحول انعكاسات التمثيل النسبي في المهندسين على الحياة السياسية، أكد السقا أن "هذا مطلب حزبي وديمقراطي. وفي ظل انتخابات نزيهة وشفافة، فإن كل قائمة حزبية أو سياسية تستطيع التمتع بالتمثيل النيابي الذي يعادل نسبتها من أصوات الناخبين، ماا يعطي للقائمة ذات الأغلبية النيابية فرصة تشكيل الحكومة وتطبيق البرنامج الذي انتخبها الشعب على أساسه".

في الاتجاه نفسه، أشار الصمادي إلى أن نقابة المهندسين هي أكبر النقابات المهنية، ومن أكثرها فاعلية وتميزاً كبيت خبرة على صعيد المجتمع، معتبراً أن أية مبادرة للإصلاح النقابي واعتماد التمثيل النسبي، سيشكل منطلقاً للنقابات الأخرى للأخذ به، وأن ذلك سيشكل مثالاً يحتذى به على صعيد الحياة السياسية فيما يخص قانون الانتخاب والإصلاح السياسي.

أما على صعيد مجلس النواب، ففيما اتفقت المذكرتان على اقتراح تشكيل اللجان النيابية وفق مبدأ التمثيل النسبي، انفردت مذكرة المستقلين باقتراح يخص مكتب مجلس النواب الذي يتألف من الرئيس ونائبيه ومساعدين للرئيس، مقترحة أن يتم تشكيله ايضاً بالتمثيل النسبي للكتل النيابية والمستقلين.

وتكمن أهمية هذه المقترحات، في أنها المرة الأولى في تاريخ المجلس النيابي، الذي تدخل فيه لغة التمثيل النسبي إلى نظام عمل المجلس، ما يشجع البرلمانيين على اعتماد هذا المبدأ في تشريعاتهم.

مواقف نقابية ونيابية: تتحدث بلغة التمثيل النسبي
 
14-Aug-2008
 
العدد 39