العدد 38 - أردني
 

السّجل - خاص

يلحظ ناصر، الذي أمضى سنوات عدة في بلد شقيق بهدف الدراسة، أن رجل الأمن هناك لا يتمتع "باحترام" في الأوساط الشعبية:«الشرطي هناك بالكاد يستطيع تنظيم حركة السير في أحد شوارع العاصمة». ويلحظ أستاذ جامعي فضل عدم ذكر اسمه، كيف أن رجل الأمن في مطار عمان يستقبل المسافرين بابتسامة وبعبارة "الحمد لله ع السلامة"، وهو نموذج يتعذر رؤيته حتى في أكثر البلدان تقدما، بحسب الأستاذ الجامعي. فيما يبدي رجل أمن استغرابه ودهشته من أنه أثناء زيارته لبلد عربي توقف السير في شارع مزدحم "بسبب مرور المحافظ في المنطقة".

هذا لا يمنع وجود ملاحظات على الجانب الآخر من المعادلة. يروي شاهد عيان، لم يستطع الكشف عن هويته، كيف عجز عناصر الأمن في الطفيلة عن حماية أحد الأكواخ الأمنية التي كانت في عهدتهم وأخلوها أمام هجوم بعض المواطنين عليهم في خضم أحداث الطفيلة الأخيرة. هؤلاء ووجهوا بتوبيخ عنيف من مدير المركز المسؤول عنهم، فقد كان لزاما عليهم حماية الكوخ و«عدم تسليمه» بتلك الطريقة. وكانت النتيجة أن تمّ "حجزهم" في المركز يومين. فيما تمكن أحد وجوه العشائر هناك من إخراج المسؤولين عن المهاجمين الذين قاموا بتخريب الكوخ بكفالة، وذلك بعد ساعات فقط من احتجازهم.

وتلحظ نسرين كيف أحست قبل حوالي 10 أيام بأنها في «شق عرب» في أحد مراكز الأمن في العاصمة الذي كان يتولى تفاصيل "كروكة" حادث مرور بسيط تسبب في إحداث "خدش" في "طبون" سيارة سيدة صودف أنها كانت زوجة قاض. تقول: "شعرت أن المركز في حالة طوارىء، فقد كان الضابط المسؤول يرحب و«يؤهل» بالقاضي وزوجته فيما كان يتحدث مع مدير المركز للاطمئنان على مجريات ‘التحقيق‘".

كل هذا يأتي في إطار سياسة "تمييز" تعاني منها مؤسساتنا ولا يستثنى منها جهاز الأمن العام؛ سياسة إن أطلق لها العنان فإن ابتسامات رجال أمن المطار ومجاملاتهم وعباراتهم المهذبة لن تساعد في تحسين صورة الأردن.

خالد المعاني، قائد قوات البادية؛ إحدى دوائر الأمن العام التي تغطي بنشاطها حوالي 82 بالمئة من مساحة المملكة؛ يشدد على أن الأمن العام في أدائه لواجباته من تأمين حماية للأفراد والممتلكات وضبط للجريمة، يركز على إحداث حالة من الاحترام المتبادل مع المواطن. ويقول: "ثمة تركيز على احترام المواطن وحسن التعامل معه، وهنالك إيجابية في التعاطي مع احتياجاته حتى نصل إلى تحقيق شعار «الشرطة في خدمة الشعب». ويضيف أن عناصر الأمن العام في اضطلاعها بهذا الدور تسعى لأن تكون "بوليس دولة" لا «دولة بوليس»؛ وذلك من خلال تأكيد هيبة الدولة بفرض القانون والالتزام بتطبيقه من قبل الجميع «من دون تمييز».

يؤكد المعاني في هذا المجال أن رجل الأمن نفسه عرضة للمساءلة من خلال مكتب المظالم وحقوق الإنسان، الذي يستقبل شكاوى المواطنين إن أتى بتصرف غير لائق بحق المواطن، يقول: "ثمة محاكم للشرطة، إذ يحاسب رجل الشرطة إن أخل بالقانون"، لكنه في الوقت نفسه يلحظ أن "التجاوزات" لا تأتي من جانب رجل الأمن وحده، بل من جانب المواطن أيضا باعتباره شريكا في العملية الأمنية.

ويزيد المعاني أن رجل الأمن في الأردن بات يتعدى مهامه الأساسية من تحقيق وقاية ضد الجريمة وضبط لها؛ إذ إنه، في بعض الأحيان، يقوم بدور همزة الوصل بين المواطن والمسؤول، من قبيل بعض المهام المنوطة بالشرطة البيئية التي تلزم المواطن والمسؤول بعلاج خلل بيئي مثل تسرب مياه عادمة في حيّ ما.

وعلى غرار الشرطة البيئية، وعلى سبيل التخصص، أسست مديرية الأمن العام "وحدات" أو "شعباً" شرطية تتناول مناحي متعددة من اهتمامات المجتمع؛ فهناك الشرطة المجتمعية، والسياحية، ووحدة أمن وتشجيع الاستثمار، وحماية الأسرة، وحتى مركز للدراسات الاستراتيجية الأمنية.

هنا يتحدث المعاني بكثير من الفخر عن أن مديرية الأمن العام جندت المئات من حملة شهادة الدكتوراة وعشرات الآلاف من حملة الماجستير والبكالوريس الذين يخضعون على الدوام لدورات تدريبية مكثفة، بهدف الوصول إلى تجهيز وتدريب متقدم يؤهل هذه الكوادر للقيام بواجباتها ضمن الصلاحيات الممنوحة لها.

وفي تطور لافت، يشير مدير المكتب الإعلامي في المديرية، محمد الخطيب، إلى أن مديرية الأمن العام باتت تكثف من عملها "الاستخباري"؛ وهو نمط اعتادته الجهات المعنية في مديرية الأمن العام في ملاحقة تجار المخدرات ورجال العصابات، والتغلغل إلى مناطق يحب بعضهم أن يطلق عليها اسم «مناطق ساخنة» أو «سوداء». لكن الجديد أن هذا النمط بات يمارس في مراقبة مخالفات مثل إطلاق العيارات النارية في الأفراح أو الفوضى في أثناء مواكب الأعراس. ويقول الخطيب: «لدينا مخبرون، ربما يكون أحدهم مشاركا في ‘فاردة‘ فيقوم بتسجيل أرقام السيارات التي تعطل السير ليتم جلبهم بعد 3 أيام أو قد تحفظ مخالفاتهم لحين الترخيص». ويعلق الخطيب: "بلدنا زغيرة، وآخرتهم ييجو."

هذا الأسلوب في العمل يسهم في تفادي التصادم بين رجل الأمن والمواطن الذي يعتقد أن من حقه أن يحتفل حتى وإن كان في ذلك "تنغيصا" على آخرين، أو تعديا على الشارع الذي هو، في نهاية الأمر، حق عام للجميع. وبحسب الخطيب فإن هذا الأسلوب يعبر عن المرونة في تطبيق القانون أو اتباع سياسة "النفَس المريح ولكن ليس الطويل".

**

التحية العسكرية و"الجنوسة"

أداء التحية العسكرية من ذوي الرتب الدنيا للرتب الأعلى واجب قانوني. لكننا فوجئنا حين سألنا عسكريا عمّا إذا كان قد أدى، أو سيؤدي، تحية لسيدة تحمل رتبة أعلى من رتبته بقوله باستنكار إنه لا يفعل ذلك.

بعض العسكريين، وتحديدا من مرتبات الأمن العام، يرفضون رفضا باتا مجرد التفكير في أنهم قد يؤدون تحية لامرأة؛ فيما يحاول آخرون التهرب من السؤال باللجوء إلى بنود القانون التي تعتبر أداء التحية تعبيرا عن احترام من جانب الرتب الدنيا للرتب الأعلى بصرف النظر عن جنس من يحمل تلك الرتبة، وذلك التزاما بإرادة ملكية. البعض الآخر "تهرب" من السؤال بوضع سيناريو فحواه أن أداء التحية، خاصة بين الزملاء العاملين في مكتب واحد، أمر غير متبع. وبكل، بدا واضحاً أن هناك إجماعاً، وعرفاً ربما، على أن التحية لسيدة تحمل رتبة أعلى غير واردة الأحوال، مع التأكيد أن السيدة المعنية تستطيع أن ترفع تقريرا في واقعة عدم تأدية التحية لها من جانب زميلها، مما يستوجب العقاب.

إحدى الضابطات قالت إنها لا تستطيع أن تؤدي التحية أو أن تقبل التحية من كل شخص تصادفه في المكان الذي تعمل فيه، واستدركت أن الجميع يعاملونها باحترام ولا يخاطبونها إلا بـ"ستي"، متناسية حقيقة أن المعاملة بالاحترام شيء، وأداء واجب عسكري شيء آخر!

**

حكاية ملاحقة

السّجل - خاص

بتاريخ 21/7/2005، وبحدود الساعة التاسعة مساء وفي منطقة الفيصلية وأثناء ذهاب أحد المواطنين (سامي الشاهين) من بيته إلى منزل شقيقه وكان يحمل مسدسا على جنبه صادفته دورية البحث الجنائي (ضابط وفردين) فهرب عنهم كونه يحمل سمدس غير مرخص وقاموا باللحاق به فأطلقوا عليه النار فأصابته برأسه وقاموا بالوصول له فورا وقاموا بإسعافه على المستشفى وعندما سمع أقارب سامي بذلك قاموا باللحاق به للاطمئنان عليه ووجدوا ضابط (رئيس مركز أمن المدينة /مادبا) المقدم رضوان العودات حيث قال لأقارب سامي اشكروا الشرطة الذين قاموا بإسعاف ابنكم الذي وجدوه ملقى على الشارع ومصاب فأقدم شخص على طعنه. (والآن سامي في مستشفى المدينة الطبية لا يستطيع النطق) و(رضوان في مستشفى الملكة علياء).

وبعد ذلك تجمع أبناء بلدة الفيصلية وتمت الاتصالات من قبل محافظ مادبا ومن قبل وزير الداخلية ومن قبل مدير شرطة إقليم الوسط وذلك لأخذ عطوة أمنية حيث كانوا يحاولوا إحضار كبار عشيرة الشاهين لمبنى المحافظة لأخذ هذه العطوة، وأثناء ذلك قام أشخاص من صغار السن بتحريق الشجر المحاذي لطريق الفيصلية الرئيسي وإغلاق الطريق بالحجارة، وبعد ذلك حضر خالد باشا العجارمة إلى عشيرة الشاهين لأخذ عطوة باسم الحكومة حيث قاموا بإعطائه عطوة أمنية لمدة 4 أيام على أن يتم تزويد عشيرة الشاهين بأسماء أفراد دورية البحث الجنائي الذين أطلقوا النار على سامي، وكذلك تم تكليف محافظ الطفيلة لأخذ عطوة أمنية من أهل المقدم رضوان العودات وتم ذلك.

وخلال ذلك تم وضع دوريات الشرطة في منطقة الفيصلية حيث تم الاحتجاج على ذلك وتم الطلب من الجهات المعنية بإبعاد هذه الدوريات نهائيا إلا أنهم لم يستجيبوا حيث تم قلب إحدى الدوريات وضرب أفرادها وهذا تم بمشاركة جميع أبناء الفيصلية (ولغاية الآن كل من يحمل اسم عشيرة الشاهين وتجده إحدى الدوريات لا بد من أن يزور شرطة مادبا)، وبعد انتهاء العطوات الأمنية تم إبلاغ عشيرة الشاهين بأن يكلفوا من وجهاء العشائر لتجديد عطوة من أهل المقدم رضوان وقد تم ذلك يوم الجمعة 26/7/2008 ولمدة 20 يوما، وقد قام خالد باشا العجارمة بالحضور إلى عشيرة الشاهين لتجديد العطوة وذلك باسم الحكومة وليس باسم عشائر أفراد دورية البحث الجنائي وعلى الرغم من ذلك فقد تم إعطاء عطوة لمدة شهر.

الابتسامات لا تكفي: الأمن العام: أداء متطور يعيقه سلوك “تمييزي” أحياناً
 
07-Aug-2008
 
العدد 38