العدد 37 - أردني
 

مروان المعشر

"كان صاحب قرار من الصعب جدا أن يعتدي الآخرون على صلاحياته." هكذا يصف بسام بدارين، مدير مكتب صحيفة القدس بعمّان، وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر الذي تولى هذه الحقيبة في الفترة من (2002-2003).

ويضيف بدارين أن المعشر كان "من أكثر وزراء الخارجية التزاما بالمعايير المهنية والعمل الإداري المتعلق بوزارة الخارجية في العشرين عاما الماضية." فلم يكن المعشر "يجامل" في الإدارة، وكان "صعبا بل مستحيلا أن يتوسط حدا عنده ليصير دبلوماسي أو سفير،" يضيف بدارين.

هذا الأداء "الإداري" لم يكن كل ما امتاز به المعشر، فكثيرا ما كان يأخذ زمام المبادرة في الأمور المتعلقة بصلب عمله، حتى إنه لم يكن "ينتظر الضوء الأخضر في مثل هذه المسائل،" يقول بدارين؛ ويضرب مثلا بما كان يجري في أمور ذات صلة بالعلاقة الأردنية الأميركية مثلا، خاصة أنه كان سفيرا في واشنطن (1997) وهو من المواقع المتقدمة في الدبلوماسية الأردنية.

وربما كان من أهم الإنجازات التي أحرزها في ولايته طريقة تعامل الأردن مع موضوع الجدار العازل في الضفة الغربية ونقله إلى محكمة العدل الدولية. فقد كان يرى المعشر أن الأردن يجب أن يرافع في هذا القضية على أساس الخطر الذي يتهدده من بناء الجدار و"حبس" الفلسطينيين وراءه بما لا يترك لهم منفذا إلى الأردن الأمر الذي سيدفع باتجاه هجرة قسرية إلى الأردن.

بصمات المعشر كانت واضحة أيضا في ملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ومن ذلك ما يقال عن أنه كان من عرابي خارطة الطريق، بل إن مصادر تقول إنه وضع خطوطها الرئيسة. وهي الخارطة التي تسعى إلى وضع برنامج زمني للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بما يفضي لقيام دولة فلسطينية في أقصر مدة ممكنة.

في الجانب الإعلامي من عمله كوزير خارجية؛ وهو كان وزير إعلام في 1996-1997؛ يرى صحفيون أن شخصيته القوية كانت تطغى في الاجتماعات والمقابلات بما يوحي بثقته بنفسه وقدرته على التعبير عن الموقف الأردني بشكل مناسب. ومن ذلك ما يرويه صحفيون عن قدرته على امتصاص غضب نواب كانوا يتهمون الحكومة بالتهاون في ملف الأسرى الأردنيين لدى إسرائيل. المعشر كان قادرا على إقناعهم بأن الخارجية مهتمة وأنها تعمل وتخطط للإفراج عنهم. في ولايته تم إطلاق 7 أسرى لدى إسرائيل ممن كانت محكومياتهم قد شارفت على الانتهاء. المعشر آنذاك كان نائبا لرئيس الوزراء (2004-2005).

**

عبدالإله الخطيب

أكثر ما يميز عبد الإله الخطيب وزيرا للخارجية؛ وهو المنصب الذي تولاه 4 مرات في الفترة من 1998-2002، ثم من 2005-2007؛ أنه كان يجمع بين المزاج الأردني الشعبي والموقف الأردني الرسمي في دبلوماسيته. فقد كان حريصا في تعامله مع الإسرائيليين مثلا، على ألا يُشار إليه على أنه مطبع.

ويروي فهد الخيطان الصحفي في العرب اليوم أنه زاره مرة في مكتبه بعد أن كان، أي الخطيب، قد أنهى مكالمة مع نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني. يقول الخيطان إن "الكلام الذي قاله لليفني كان سقفه أعلى مما يُكتب في بيانات المعارضة في الأردن!" من ذلك أيضا أنه كان يُراعي موقف الشارع الأردني في التعامل مع العراق بعد حرب الخليج. فعلى الرغم من أن مشاعره لم تكن "إيجابية" تماما تجاه الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فإنه كان يتعامل مع العراقيين بدبلوماسية فائقة، بحسب ما يروي مقربون منه.

هذا الاحتراف في الدبلوماسية هو أول ما يلفت إليه دبلوماسيون في الخارجية الأردنية عملوا مع الخطيب عندما كان موظفا هناك قبل أن يصل إلى منصب الوزير. ويزيدون أنه كان يتمتع بذكاء متقد يؤهله لتولي ملفات صعبة. ومن ذلك أنه تولى ملف المفاوضات الأردنية الإسرائيلية منذ البداية. "فقد كان يحرك ويدير فرق التفاوض من وراء الكواليس،" بحسب ما يرويه بعضهم.

تمتع الخطيب طوال عمله الدبلوماسي بعلاقات طيبة وصلات واسعة مع جهات متنفذة في دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى دول عربية، وهو ما انعكس إيجابا على وضع الأردن وعلاقاته إقليميا ودوليا. فقد كان تنسيقه الدائم مع عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية أثر بالغ في تعزيز موقف الأردن في الجامعة العربية وفي وجهة اتخاذ قرارات في اجتماعات وزراء الخارجية العرب. وهو ما أكده موسى في إحدى المناسبات. يروي الخيطان أن موسى قال إنه يفكر بعد إنهاء عمله في الجامعة العربية بكتابة مذكراته وإنه سيكتب فصلا منها مع الخطيب، خاصة فيما يتعلق بملف حرب الخليج الثانية، عندما كان الرجلان وزيري خارجية في بلديهما.

المعشر والخطيب: مؤتلفان مختلفان
 
31-Jul-2008
 
العدد 37