العدد 36 - أردني
 

صدر أول قانون لرعاية الثقافة في الأردن في العام 2003، وأُقرّ هذا القانون المؤقت في العام 2006، في الجلسة الأخيرة لإحدى دورات مجلس النواب حينئذ، لكن مناقشته على عجل أدت لاشتماله على ثغرات بما يتعلق بصندوق دعم الحركة الثقافية والفنية، وأنظمة الهيئات الثقافية، والمستشارين الثقافيين، والمهرجانات الثقافية والفنية، رغم أنه حقق للمثقفين مطلباً بدا من قبل حلماً مستحيلاً، وهو إقرار نظام التفرغ الإبداعي الذي يطبق للمرة الأولى في الأردن. تضمن القانون أيضاً تعديلات على نظام جوائز الدولة مثل إمكانية منحها للراحلين وللمؤسسات، ورفع قيمها، إضافة إلى تعديلات على نظام نشر التراث لصالح المبدعين.

قصة ظهور هذا القانون إلى النور، يرويها مساعد الأمين العام للشؤون الثقافية والفنية بوزارة الثقافة، باسم الزعبي، في إحدى مقالاته، وهو الذي واكب رحلة القانون منذ كان مجرد فكرة حتى أصبح واقعاً. إذ تقدمت وزارة التنمية الاجتماعية في العام 2001 بطلب تعديل قانون الجمعيات والهيئات الاجتماعية رقم 33 لسنة 1966.. وهو القانون نفسه الذي كان ينظم عمل الهيئات الثقافية المسجلة في وزارة الثقافة، مثلما نظم عمل الأندية الرياضية قبل صدور قانون رعاية الشباب.

دُعيت وزارة الثقافة لتقديم مقترحاتها على هذا القانون قبل رفعه إلى ديوان التشريع، وتشكلت لجنةٌ من الجهات والوزارات المعنية، انتهى عملها بإعداد مسودة لتعديل القانون رُفعت لديوان التشريع. واقترح الزعبي، وكان ممثلاً لـ"الثقافة" في اللجنة، أن يَصدر قانون خاص بالثقافة يتيح المجال لإصدار نظام خاص بالهيئات الثقافية. أثار الاقتراح أصداء إيجابية، وتشكلت لجنة بقرار من الوزير حينئذ، حيدر محمود، ضمت الأمين العام للوزارة أحمد الطراونة، وإبراهيم اللوزي، إضافة إلى الزعبي، لإعداد مسودة القانون.

أفادت اللجنة من مشروع قانون المجلس الأعلى للثقافة الذي سبق أن أعده فريق من أعضاء الوزارة برئاسة الأمين العام الأسبق للوزارة، صلاح جرار، وأضيفت أحكام لتنظيم عمل الهيئات الثقافية والمهرجانات وصندوق رعاية الثقافة والنشر وجوائز الدولة.

في العام 2006 أقرّ مجلس النواب القانون، لكنه لم يقر موارده المالية، ولم يمنحه الشخصية الاعتبارية اللازمة لاستقلاله عن وزارة الثقافة. كما أُقرّ إصدار نظام لتسجيل الهيئات الثقافية، لكنه حرمها من الشخصية الاعتبارية هي أيضاً، ما يتناقض مع الحقوق المكتسبة التي نالتها أكثر من 250 هيئة سُجلت بموجب قانون الجمعيات والهيئات رقم 33 لسنة 1966. وأغفل القانون مطلب فتح ملحقيات ثقافية في الخارج. ونظّم عملية تسجيل المهرجانات بموجب تعليمات، واعتور هذا البند خللٌ واضح ومخالفة، فلا يجوز أن تصدر تعليمات بموجب تعليمات سابقة.

تم العمل مرة أخرى على التعديلات ونوقشت في ديوان التشريع ووزارة المالية، وتشكلت لجنة من خارج الوزارة لدراسة مشروع التعديلات التي أعدتها الوزارة، ثم نوقشت التعديلات في ديوان التشريع قبل أن تقر في مجلس الوزراء في تشرين الثاني 2007 عشية استقالة حكومة معروف البخيت، لتُحال إلى مجلس النواب الذي لم يكن قد انتُخب بعد.

في نيسان 2008 أقر مجلس النواب التعديلات المطلوبة في قانون رعاية الثقافة رقم 36 لسنة 2006، بعد مخاض عسير، إذ رفض المجلس المادة السابعة المعنية بموارد الصندوق، وهي التي لا قيمة للصندوق في غيابها. ثم عاد وناقش المشروع بناء على طلب من النائب سعد هايل السرور، وصوّت عليه بعد الإبقاء على المادة السابعة، وذلك في آخر جلسة له قبل أن تنفض دورته العادية، ثم أقره مجلس الأعيان. ونُشر القانون المعدّل الذي حمل الرقم 25 لسنة 2008 في الجريدة الرسمية في 30 نيسان/ إبريل 2008 بعد صدور الإرادة الملكية بالموافقة عليه.

تنص المادة السابعة من القانون على فرض رسوم 5بالمئة من قيمة نشر جميع أشكال الإعلانات في الصحافة والإذاعة والتلفزيون والأماكن العامة، و2بالمئة من قيمة رسوم ترخيص محطات إذاعية أو فضائية أو تجديد ترخيص المحطات العاملة. وهو ما أثار سخط صحافيين رأوا أنهم أَولى من المثقفين بالمبلغ المقتطَع، وذهب بعض الذين تصدوا للقانون إلى الاعتقاد بأن صندوق دعم الثقافة تابع لوزارة الثقافة، وأن المردود من الرسوم المفروضة على الصحف سيؤول إلى الوزارة.

اليوم، تنتظر وزارةَ الثقافة جولةٌ جديدة من العمل التشريعي لإقرار الأنظمة المتصلة بالتعديلات الجديدة، وعلى رأسها نظام صندوق دعم ورعاية الثقافة.

**

نائب مدير عمّان للثقافة..

منصب شاغر إلى حين!

فوجئ الوسط الثقافي بإعلان أمين عمّان عمر المعاني عن تأجيل تعيين نائب مدير المدينة للشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية، «لعدم توفر الشروط المطلوبة على أي من المرشحين» على حد تعبيره.

كان المعاني قال في الجلسة التي عقدها مجلس الأمانة لإعلان أسماء الفائزين بمناصب مدير المدينة ونوابه، لشؤون التخطيط والتنمية الاقتصادية، والخدمات العامة والأشغال العامة، والشؤون المالية والإدارية، إنه «سيتم الإعلان عن وظيفة نائب مدير المدينة للشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية من خلال الصحف المحلية لاستقطاب من يشغل هذه الوظيفة من خارج الأمانة»، ما يعني تفويت الفرصة نهائياً على الراغبين بالترشح لهذا المنصب من موظفي الأمانة، من غير المرشحين السابقين للمنصب الذين «أخفقوا» في الاختبار، في جولته الأولى.

اعتمدت اللجنة المكلفة باختيار المواقع القيادية في الأمانة وفق الهيكلية الجديدة، «منهجية شفافة» في اختيار الأسماء الفائزة، وفقاً لوصف أعضاء في مجلس الأمانة. قامت لجنة فنية في المرحلة الأولى بدراسة الطلبات المقدمة واستبعاد الطلبات غير المستوفية للشروط وتأهيل المستوفية لدراستها، وبلغ عدد المتقدمين لشغل منصب مدير المدينة ونوابه الخمسة 104 طلبات تقدم بها موظفو أمانة عمّان، تأهل منهم 23 متقدماً للمرحلة الثانية.

وكان ترشح لمنصب النائب للشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية ثلاثة موظفين في «الأمانة»، من بينهم مديرة بيت «تايكي»، بسمة النسور. فيما لم يتقدّم عبد الله رضوان لهذا المنصب، وهو الذي أسس فعلياً الدائرة الثقافية في «الأمانة»، وما زال يديرها منذ منتصف التسعينيات.

يُتوقَّع أن يُمنح شاغل المنصب صلاحيات واسعة تشمل الإشراف على عمل المكتبات العامة والمراكز الثقافية والنشاطات الترفيهية والمتاحف في «الأمانة»، وربما الإشراف على عمل الدائرة الثقافية برمتها، إضافة إلى المجلات التي تصدر عن «الأمانة»، خصوصاً مجلة «عمّان»، وهو ما قد يؤدي إلى تجاذبات طالما شهدتها أروقة «الأمانة» بين مراكز قوى ثقافية داخلها، رغبةً من كل مركز منها في العزف منفرداً دون «تدخّل» الآخرين!.

**

أمانة عمان..

خدمات ثقافية

في سياق تحول أدوار «أمانات المدن» العالمية من الاهتمام بالقطاع الخدماتي الى الثقافي والجمالي، بادرت أمانة عمان الى تأسيس عدد من المديريات والبرامج والبيوتات الثقافية والفنية.

وبدأت نشاطاتها بتأسيس، المكتبة العامة العام 1960 التي تحتوي ما يزيد على مليون عنوان و200 دورية.

تأسست بعد ذلك الدائرة الثقافية مطلع التسعينيات، التي عهد إليها تنظيم الأنشطة الثقافية والفنية، وكان مجال اهتمامها طباعة الكتب، وإصدار مجلة أطفال (براعم عمان)، وتنظيم المعارض الفنية، وعقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات. وقامت بدعم العديد من البرامج والمهرجانات المسرحية والسينمائية، وتبدى دورها من خلال اختيار عمان عاصمة للثقافة العربية 2002 .

نظمت خلال العام 2007 نحو 84 نشاطاً، بين معرض وفني وحفل وأمسية، وندوة، ومؤتمر، وأصدرت 25 عنواناً في العام نفسه.

وأسست أمانة عمان مجلة تحمل اسمها في العام 1990، وهي مجلة شهرية ثقافية رأس تحريرها منذ صدورها عبدالله حمدان، ثم قامت بتأسيس بيت الشعر العام 2000، وبيت الفن، وتأسيس فرقة الأمانة للفنون الشعبية العام 1990 بهدف إحياء التراث الشعبي الأردني والحفاظ عليه، والمشاركة في سائر المهرجانات والاحتفالات في المملكة.

ومع إنشاء المقر الجديد في رأس العين في مرحلة الأمين ممدوح العبادي، دشّنت الأمانة عدداً من القاعات، وتم انشاء مركز الحسين الثقافي الذي يضم مسرحاً وقاعات متنوعة والمكتبة العامة، وتأسيس شارع الثقافة كمتنفس للجمهور. وأعلن عن جائزة الملك عبدالله الثاني للابداع العام 2002

وتأسست مجلة «تايكي» وترأس تحريرها خالد محادين، ثم بسمة نسور، لتعنى بالأدب النسوي، وتنظيم الأنشطة التي تتعلق بالمرأة.

مع تعدد الأنشطة وتنوعها، يؤخذ على أنشطة وهيئات الأمانة، انصراف كل مؤسسة للعمل بانفراد، وكأنها تعمل في جزيرة معزولة،مع ما يشوب غالبية النشاطات من ارتجال.

وقد التفتت الأمانة الى ضرورة تنسيق العمل بين الأذرع الثقافية من خلال اللجنة الثقافية في الأمانة، ثم ما اقترح مؤخراً وفق إعادة الهيكلة لمديريات الأمانة، وتقدم عدد من المثقفين لاختيار المتقدمين، إلا أن الأمانة لم تختر أياً من المتقدمين «بسبب عدم انطباق الشروط»، غير أن متابعين ينتقدون الهيكلة الجديدة التي دمجت الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية معاً.

قانون رعاية الثقافة.. خطوة في طريق طويل
 
24-Jul-2008
 
العدد 36