العدد 36 - أردني
 

فتح المركز الثقافي الملكي أبوابه مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، لاحتضان فعاليات فكرية وثقافية وفنية، مستفيداً مما يتسم به من موقع يتوسط مدينة عمّان، ومن تعددٍ في مرافقه وقاعاته وصالاته الحديثة المعدّة لإقامة العروض المسرحية والحفلات الفنية والمعارض التشكلية والندوات والأمسيات.

يتبع المركز وزارة الثقافة، وهو منذ إنشائه يبحث عن دورٍ يتجاوز كونه حاضناً للنشاطات، وهو دورٌ ظل يرتبط على الدوام كما هو جارٍ في بلادنا بشخص مدير المركز، وبمدى الاستجابة للتغيرات التي تشهدها الساحتان السياسية والثقافية في المملكة.

بالاطلاع على مهمات المركز، الواردة في موقع وزارة الثقافة الإلكتروني، تتبدّى «مطّاطية» عالية، إذ تضيق هذه المهمات لتجعل المركز مجرد قاعات ومسارح، وتتسع لتحيله إلى «منارة» ثقافية، ومنبراً للإشعاع الثقافي. من هذه المهمات: تعزيز الثقافة الوطنية، وتعميق الإحساس بالانتماء الوطني؛ المشاركة في نشر الثقافة، واستكشاف القدرات الإبداعية وتشجيعها وتنميتها؛ إقامة علاقات تعاون مع المؤسسات والهيئات الثقافية لتعزيز الدور الثقافي للمركز؛ تعزيز الروابط مع المؤسسات الثقافية العالمية؛ نشر وتعميم الأنشطة الثقافية والفنية؛ وفتح المجال لجميع الفعاليات الثقافية المحلية لاستخدام مرافق المركز وفقاً للأنظمة والتعليمات المعمول بها.

المهمة الأخيرة تحديداً هي ما ظل المركز يكتفي بالاضطلاع بها طوال تاريخه، وإن يكن انفتح بعد الانفراج الديمقراطي، وخصوصاً خلال عمل إياد القطان مديراً له، على المشهد السياسي قليلاً، فاستضاف مثلاً المؤتمرَ العام العلني الأول للحزب الشيوعي الأردني سنة 1995، في خطوةٍ حظيت بتقدير كبير من الحزبيين والمثقفين عموماً، انطلاقاً من أنها تمثل نظرة «تقدمية» في تعاطي السلطة مع المعارضة. وتحول المركز خلال إدارة قطان الذي كان عضواً في لجنة الميثاق الوطني، إلى منتدى ثقافي، فنظم عدداً كبيراً من الفعاليات الحوارية الثقافية والفكرية، مستقطباً جمهوراً كبيراً تابع بشغف فعالياته التي غابت عن الساحة عقوداً طويلة.

يُحسَب للمركز استضافة شخصيات فكرية وسياسية مثل جورج حبش في ندوات إشكالية، مثلما فتح أبوابه للجنة الشعبية الكويتية بعد احتلال العراق للكويت. ولاحقاً احتضن المركز فعاليات المؤتمر الثقافي الوطني الأول (حزيران 2004) الذي أوصى بإنشاء مجلس أعلى للثقافة والفنون بعد غياب وزارة الثقافة عن تشكيلة حكومة فيصل الفايز.

هذه الأيام، يعيد مدير المركز عبد الله أبو رمان، النظر في رسالة المركز ودوره وفق تصور يبدو خاصاً به، فاستحدث برنامج النقد والثقافة البصرية الذي أسنده للناقد التشكيلي مازن عصفور، وبرنامج الحوارات الذي يشرف عليه محمد رفيع، وبرنامج ثقافة المسرح الذي يقوم على شراء عروض من فرق فنية تقدَّم مجاناً للجمهور. وأعلن المركز عن إطلاق موقع إلكتروني خاص به. ما يعني أن هناك توجهاً ليلعب المركز دور المنشّط والمحرك ثقافياً، وما يستدعي بالتالي تأطير المشروع وتهيئة المناخ المناسب وتوفير الكوادر لاستمرار هذا الدور، خوفَ أن يتلاشى إذا ما تسلمت المركزَ إدارةٌ جديدة ترى فيه دوراً نافلاً.

المركز الثقافي الملكي.. البحث عن دور!
 
24-Jul-2008
 
العدد 36