العدد 36 - أردني
 

تقرر إنشاء مديريات ثقافة في المحافظات إبان تولي خالد الكركي وزارة الثقافة مطلع التسعينيات، وافتُتحت هذه المديريات على مراحل في جميع محافظات المملكة، لتؤدي دورها في إيصال إصدارات وزارة الثقافة للأطراف، وتنشيط الحياة الثقافية في المحافظات، والكشف عن المبدعين القابعين في الظل ودعمهم.

في غمرة احتفالات الأردن باختيار عمّان عاصمة للثقافة العربية 2002، وكان حيدر محمود يتولى وزارة الثقافة، تقرر إغلاق هذه المديريات، بداعي عجزها عن تحقيق رسالة الثقافة الوطنية، وتكدس موظفين لا خبرة لهم في العمل الثقافي، والترهل الإداري، وميزانية الوزارة المتواضعة. جُوبه القرار بالرفض من كثير من المثقفين الذين عدّوا مبرراته واهية، وذهب بعضهم إلى اقتراح حلول توفيقية، كفتح مديريات ثقافة في الأقاليم فقط، وإنشاء مكاتب ارتباط ثقافية في المحافظات.

عاد المؤتمر الثقافي الوطني الأول الذي عُقد في مطلع حزيران 2004 برعاية ملكية وبدعم مباشر من رئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز –الذي غابت وزارة الثقافة عن تشكيلته الحكومية- ليوصي بإعادة فتح هذه المديريات، إضافة إلى إعادة الوزارة التي أُسندت في تعديل وزاري أُجري على حكومة الفايز، إلى أسمى خضر.

بدأت عملية إعادة مديريات الثقافة إلى الحياة شكلياً في مرحلة الوزير أمين محمود، تنفيذاً لما تضمنه البيان الوزاري لحكومة عدنان بدران، فافتُتحت ثلاث مديريات ثقافة كمرحلة أولى، في مدن ظلت تحتفظ بموظفين انتقلوا إلى مرافق تابعة للمركز الثقافي الملكي، هي بيت عرار (إربد)، مركز الملك عبد الله الثاني (الزرقاء)، ومركز معان الثقافي (معان)، دون أن تتمتع هذه المديريات بمخصصات فعلية في موازنة الوزارة. وفي مرحلة عادل الطويسي، أعيد افتتاح بقية المديريات، وفق خطة تهدف إلى تفعيلها وإعادة الاعتبار لها ولدورها، وهو الأمر الذي لم يطرأ عليه أي تطوير مع الوزيرة الحالية. إذ تفتقر هذه المديريات، كما يؤكد القائمون عليها، إلى التجهيزات والكوادر الضرورية، فضلاً عن إعاقة عملها بسبب البيروقراطية المتفشية في الوزارة، إلى جانب غياب الميزانية التي تتيح لها القيام بدورها المنوط بها.

من الطرائف التي تُروى حول إعادة فتح هذه المديريات، أن الوزير المكلف أمين محمود طلب من الأمين العام لوزارة الثقافة، أحمد الخوالدة، الذي كان جاء إلى "الثقافة" من دائرة الأراضي والمساحة، إعداد فقرة تضاف إلى البيان الوزاري، فاستعان الخوالدة بكبار موظفي الوزارة، وقد اقترح أحدهم بنداً بإعادة فتح مديريات الثقافة، وهي التي اتُّخذ قرار إلغائها قبل زمن قصير. وهذا ما كان فعلاً، دون توقف عند موجبات الإلغاء، ما يكشف عن ارتجالية في اتخاذ القرار المؤسسي، يتفق كثيرون أنها تكمن في قرار الإلغاء، لا في قرار إعادة فتح المديريات، رغم ما في الواقعة الأخيرة من دلالات! .

مديريات الثقافة في المحافظات..ضحية القرار المرتجل!
 
24-Jul-2008
 
العدد 36