العدد 36 - أردني
 

لم تشهد وزارة في الأردن ما شهدته وزارة الثقافة في الشهور الأخيرة من استحداثٍ وتفريخٍ لمديريات ووحدات وأقسام جديدة، بقرارات تبدو للناظر إليها بنتَ ساعتها، وفي ظل غياب لجنة التخطيط، تلك التي ظلّت مفعّلةً حتى مطلع هذا العام 2008، ثم جرى تعطيلها دونما مبرر.

وترتبط حركة «التفريخ» هذه بمناقلات وإحالات على الاستيداع والتقاعد ما زالت مثار نقاش في أوساط موظفي الوزارة، والمعنيين بالشأن الثقافي عموماً.

أُسندت مديرية الرقابة الداخلية لمدير وحدة الشؤون القانونية وليد حياصات، بالإضافة إلى وظيفته، وبما أن مدير الرقابة الداخلية مخلد بركات أصبح بلا مديرية، استُحدثت لأجله «وحدة المخيمات الإبداعية»، وهو مشروع كان يتكفل بالتنسيق له والإشراف عليه موظف في أحد الأقسام، إذ تقيم الوزارة عدداً من مخيمات الإبداع الثقافية لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة سنوياً، ولا تزيد مدة إقامة المخيم الواحد على خمسة أيام. ما ينفي الحاجة لـ«وحدة» خاصة بها.

كذلك الحال بالنسبة لوحدة الترجمة التي استُحدثت لتُسنَد إلى مديرة العلاقات العامة والترويج الثقافي حنان دغمش، بعد أن أُخلي موقعها لتتسلمه موظفة أخرى في الوزارة، هي رولا عواد. لكن دغمش لم تفرح كثيراً في موقعها المستحدَث، خصوصاً أنه لا مهام تقوم بها، لأنه ببساطة لا مشروع ترجمة لدى الوزارة. فتم نقلها إلى دائرة المكتبة الوطنية دون إسناد مسمّى وظيفي لها، رغم مخالفة ذلك للأنظمة، إذ لا يجوز النقل إلا على جدول التشكيلات في آخر السنة.

وبهدف تعيين موظف منتدَب إلى الوزارة، هو صالح الشوابكة، مديراً للشؤون المالية والإدارية، رغم الحديث حول تجاوزات إدارية شابت اتخاذ هذا القرار، جرى نقل المدير المالي والإداري السابق علي عودة إلى وظيفة مستشار في الوزارة، وهو العمل الذي لم يتسنَّ له أن يمارسه تحت هذا المسمّى الوظيفي، فالمستشار في بلادنا لا يُستشار. ثم جرى نقل عودة ليعمل مديراً لثقافة إربد بعد أن أحيل مدير هذه المديرية، زايد الطاهات، وهو في قمة نشاطه، إلى التقاعد، والسبب في هذه العملية برمتها فيما يتردد، تهيئة مكتب عودة وتخصيصه للمستشار الجديد يسار خصاونة.

كما عُيّن رئيس قسم النشر هزاع البراري مديراً للدراسات والنشر، ما استوجب البحث عن مكان للمدير «المخلوع» أحمد راشد، فكان الحلّ استحداث مديرية المشاريع الثقافية، التي أصبحت تضم مشاريع الذخيرة العربية: مكتبة الأسرة، التفرغ الإبداعي، معجم الأدباء الأردنيين، وسواها من مشاريع نوعية تبرر للوزارة وجودها وسط دعوات لا تنقطع لإلغائها. بمعنى وضع «بَيض» الوزارة كله في سلّة مديرية واحدة. المفارقة هنا أن الهدف من استحداث هذه المديرية هو إقصاء راشد بفعل ضغوط مراكز قوى داخلية، ولأسباب غير ثقافية، لا تفعيله!.

واصل مسلسل التخبطات الإدارية حلقاته، فأحيلت مديرة ثقافة الطفل رويدة العزة إلى التقاعد، وسط أنباء أو معلومات شبه مؤكدة عن صدور قرار بإلغاء مديرية ثقافة الطفل، أو أقلّه تحويلها إلى قسم، ليفاجأ موظفو الوزارة بتكليف مدير وحدة شؤون مديريات الثقافة في المحافظات زياد أبو لبن بالعمل مديراً لثقافة الطفل (الملغاة) بالوكالة.. ما سبق ليس سوى أمثلة على تيار جارف لم يتوقف بعدُ على هذا الصعيد.

المتتبع لمسيرة الوزارة منذ التشكيلة الحكومية الأخيرة يلحظ إنجازاً كبيراً –من حيث الكمّ- على صعيد المناقلات والإحالات على الاستيداع والتقاعد، مع ما يتطلبه ذلك من استحداث أقسام ووحدات ومديريات ومسميات وظيفية جديدة، وربما يكون هذا هو الإنجاز الوحيد الذي سيُذكَر لوزيرة لثقافة نانسي باكير، التي يؤخَذ عليها أنها انشغلت في الشؤون الإدارية الداخلية، ولم تلتفت إلى المشاريع الثقافية.

“الثقافة”.. تفريخ المديريات وإجراء المناقلات.. الإنجاز الأبرز في 2008
 
24-Jul-2008
 
العدد 36