العدد 36 - أردني
 

نور العمد

مثلما حدث من قبل العام 2004، تمت أخيرا مبادلة أسرى لبنانيين ورفات لشهداء لبنانيين وفلسطينيين مع جثث جنود إسرائيليين في عملية اختير لها اسم "عملية الرضوان"، ولم تشمل عملية التبادل أياً من الأسرى الأردنيين الثمانية والعشرين الذين يحتجز بعضهم في السجون الإسرائيلية، فيما يقبع أربعة أخرون في سجن قفقفا.

عملية التبادل التي نفذت أخيراً، أطلق بموجبها سراح عميد الأسرى العرب في السجون الإسرائيلية، سمير القنطار، شملت أيضاً رفات 200 من المقاتلين العرب، بينما أعاد حزب الله جثث جنود إسرائيليين قتلوا في حرب لبنان العام 2006، إضافة إلى جثتي جنديين إسرائيليين كان حزب الله قد اختطفهما ليبادل بهما أسرى لبنان في السجون الإسرائيلية العام 2006، حيث كان اختطافهما الشرارة التي أشعلت الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان في تموز من العام المذكور.

وقد تضمت رفات الشهداء الذين استبدلت جثامينهم، رفات الشهيد الأردني محمد مصلح الدردور الذي كان قد استشهد في عملية ترشيحا الفدائية العام 1974، والتي نفذتها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. سميح الدردور شقيق الشهيد محمد قال للسّجل إن الحكومة الأردنية تجري اتصالاتها لإحضار الجثمان للأردن لدفنه.

وقد أعاد نبأ وجود رفات الشهيد الدردور مع جثامين الشهداء فتح ملف قديم يتجدد كلما جرت عملية تبادل أسرى وشهداء عرب مع إسرائيليين، هو ملف الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية.

في عملية التبادل الأخيرة، لم تفرج إسرائيل عن أسرى عرب في سجونها، بل اكتفت بإطلاق سراح اللبنانيين، ورفات شهداء عرب. وفي حين كان أهالي الأسرى الأردنيين يعربون عن "خيبة أملهم" من عدم شمول عملية التبادل أي أسرى أردنيين، فقد كانت اللجنة الوطنية الأردنية للأسرى والمفقودين في السجون الإسرائيلية، وجهت رسالة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ناشدته فيها شمول الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية ضمن صفقة التبادل الأخيرة.

رئيس اللجنة صالح العجلوني، اعتبر في حديث لـ«ے» أن «حزب الله تخلى عن الأسرى الأردنيين على الرغم من مخاطبتنا له مراراً وتكراراً، لكن اتضح أن حزب الله تخلى عن أسرانا بعد أن تم الإعلان عن تفاصيل الصفقة التي نفذت من دون شمول الأسرى الأردنيين.»

غير أن حسن نصر الله أعلن في خطاب له ألقاه بعد عملية التبادل، وفي إطار الاحتفال بالإفراج عن عميد الأسرى اللبنانيين سمير قنطار، بالإضافة إلى أربعة أسرى لبنانين، ورفات 200 من المقاتلين العرب، أنه في بداية المفاوضات غير المباشرة التي أجراها حزب الله مع الجانب الإسرائيلي، طالب حزب الله بشمول الصفقة الأسرى السوريين، والفلسطينيين، والأردنيين، واللبنانيين كافة، غير أن الجانب الإسرائيلي، بحسبه، لم يوافق إلا على شمول الأسرى اللبنانيين بالصفقة.

ما جرى في عملية التبادل الأخيرة كان عكس ما جرى العام 2004، حين جرت عملية تبادل مماثلة بين حزب الله وإسرائيل. في تلك الصفقة، طالب حزب الله إسرائيل بالإفراج عن الأسرى الأردنيين، ووافقت إسرائيل، غير أن الحكومة الأردنية، رفضت شمول الأسرى الأردنيين في صفقة التبادل تلك، وكان مبرر تلك الخطوة أن العلاقات بين الأردن وإسرائيل شأن داخلي.

يقول العجلوني «في صفقة 2004 تلقينا وعوداً بشمول الأسرى الأردنيين في الصفقة، ولكن بعد تنفيذ عملية التبادل، فوجئنا بأن الأسرى الأردنيين غير مشمولين بالصفقة، حيث تدخلت الحكومة آنذاك ممثلة بوزير الخارجية مروان المعشر، الذي طلب من الجانب الإسرائيلي عدم شمول الأسرى الأردنيين في صفقة التبادل، لأن ذلك يشكل إحراجاً للحكومة الأردنية ويزيد من شعبية حزب الله في الشارع الأردني». على حد تعبير العجلوني.

هذا الموقف الأردني الذي بدا غير مفهوم، آنذاك، كان ينطلق من أن هنالك مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي تتمحور حول ملف الأسرى الأردنيين لدى إسرائيل. وفي وقت لاحق أضاف الناطق الرسمي باسم الحكومة، ناصر جودة، بعداً آخر لعملية رفض شمول صفقة حزب الله لأي أسرى أردنيين، هو أن «الحكومة الأردنية تتعامل مع جميع الأردنيين المعتقلين في شتى مناطق العالم في إطار ملف واحد». وأضاف جودة في مؤتمر صحفي عقده آنذاك أن الحكومة تعمل على إنجاز شيء في هذا الملف من دون الإعلان»، رافضاً الإجابة عن وجود اتصالات بين الحكومة وحزب الله في هذا الشأن.

ومع ذلك، فإن اللجنة الوطنية الأردنية للأسرى والمفقودين في السجون الإسرائيلية بقيت على اتصال مع حزب الله، وخاصة بعد صفقة العام 2004، بهدف شمول أي صفقة جديدة للأسرى الأردنيين في إسرائيل، غير أن الصفقة نفذت من دون أن يفرج عن أي أسير أردني في إسرائيل.

لكن الصفقة بين حزب الله وإسرائيل، كانت في جانب منها تفتح ملفاً فرعياً في إطار الملف الأكبر للأسرى الأردنيين في إسرائيل، هو ملف أربعة أسرى أردنيين كانت إسرائيل سلمتهم للأردن في وقت سابق من العام الماضي، ليقضوا محكوميتهم في السجون الأردنية، وكان من الواضح أن الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية بشأنهم جاءت حصيلة مفاوضات غير معلنة كانت جارية بين الجانبين، هي تلك التي تحدث عنها ضمناً الناطق الإعلامي الأردني حين وصفت العلاقات بين الأردن وإسرائيل بأنها شأن داخلي.

الأسرى الأردنيون الأربعة، وهم سلطان العجلوني، وسالم وخالد أبو غليون وأمين الصانع كانت أسرتهم إسرائيل في العام 1990 بعد أن نفذوا عمليتين فدائيتين، وحكمت عليهم بالسجن المؤبد، أحضروا إلى الأردن وأودعوا سجن قفقفا. وقد نصت المذكرة الموقعة بين الحكومتين الأردنية والإسرائيلية، التي سلم الأسرى الأردنيون بموجبها تضمنت بندا بأن يقضي الأسرى المحررون فترة احتجاز في الأردن لا تزيد على ثمانية عشر شهرا، وبندا آخر «يسمح للأردن بالإفراج عنهم قبل انتهاء هذه المدة في حال أفرجت إسرائيل عن أي أسير عربي يشابه وضعه أوضاعهم»، بحسب ما أعلنه في حينه رئيس الوزراء السابق معروف البخيت الذي رتب اتفاق الإفراج عن الأسرى الأربعة مع الجانب الإسرائيلي.

وكان هذان البندان أساس تحرك قامت به لجنة أهالي الأسرى والمفقودين في السجون الإسرائيلية طالبت الحكومة خلاله بالإفراج الفوري عن الأسرى الأربعة، وذلك تنفيذا للاتفاق المبرم بين الأردن وإسرائيل.

وبعثت اللجنة رسالة إلى رئيس الوزراء نادر الذهبي تطالب فيها الذهبي بضرورة «الإفراج عن الأسرى الأربعة المرحلين من إسرائيل إلى سجن قفقفا وإعادتهم إلى أهلهم أحرارا موفوري الكرامة».

العجلوني، ينتظر أن تقوم الحكومة بمبادرة إطلاق سراحهم، «لا أن تكون استحقاقا لصفقة ليس أكثر»، فيما يقول وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة: «سنسير ضمن الأطر القانونية، ونلتزم بالبنود الموقعة بين الطرفين».

رئيس لجنة الحريات النيابية في مجلس النواب النائب فخري اسكندر، اعتبر أن ذلك حقا للأسرى، مؤكدا أن ملفهم سوف يتابع من قبل المجلس والذي سيقوم بدوره بمتابعة الأمر مع وزارة الخارجية.

“عملية الرضوان” تفتح ملف الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية
 
24-Jul-2008
 
العدد 36