العدد 6 - اقليمي
 

قالت مصادر فلسطينية مطلعة إن الاتصالات بين ثلاث عواصم عربية مؤثرة استمرت على مدار الأيام الماضية بهدف إطلاق حوار جدي بين حركتي «فتح» و«حماس» للخروج من الأزمة الداخلية، فيما نفت «فتح» الأنباء التي ترددت عن التوصل لتفاهمات مشتركة مع «حماس» لاستئناف الحوار. وتزامن ذلك مع نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة بانوراما، أظهر أن 74 % من الفلسطينيين يرون ان الوسيلة للخروج من الأزمة الداخلية الراهنة تكمن بحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات مبكرة.

وكشفت المصادر الفلسطينية أن ثلاث دول عربية، تقوم بجهود وساطة بين حركتي فتح وحماس وأن هذه الدول المعنية بالقضية الفلسطينية بشكل مباشر تمارس ضغوطاً على “حماس” لدفعها لإبداء مرونة تسمح ببدء الحوار، داعمة بذلك موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس القائل إنه “يتوجب على حماس القيام بالخطوة الأولى”.

المصادر أشارت أيضاً إلى أن الوسطاء العرب عرضوا عدداً من الصيغ التوافقية، ينص أحداها على أن تعلن حماس عن استعدادها لإخلاء مقار الأجهزة الأمنية والمؤسسات السيادية التي سيطرت عليها في قطاع غزة ، في أعقاب “الانقلاب” العسكري، في حين تنص صيغة أخرى على إعلان “حماس” استعدادها للتراجع عن الأوضاع المستجدة، من دون تحديد طبيعة الخطوات”.

وبحسب المعلومات الراشحة من لقاءات قيادات من حماس مع مسؤولين في الدول العربية التي تتصدى للوساطة، فإن حركة حماس أبلغت هذه الدول استعدادها للقيام بخطوات عملية تمهد لاستئناف الحوار مع حركة فتح، من بينها، الانسحاب من مقرات السلطة الفلسطينية المختلفة الأمنية والسياسية، وأن تسلم بشكل مبدئي الأمن للفصائل الفلسطينية وطواقم عربية يتفق عليها، تشرف في الوقت نفسه على تشكيل أجهزة أمنية وفق مواصفات تتم دراستها وتحظى برضى الحركتين.

وحسب مصادر أخرى، فإن العواصم العربية ترغب في أن يرتكز الحوار المرتقب بين الفرقاء الفلسطينيين على إعادة العمل باتفاق مكة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية وفق قواعد جديدة، والبدء بنقاش بشأن مستقبل منظمة التحرير الفلسطينية، على أن يتم قبل انطلاق الحوار تسليم مقر الرئاسة في غزة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقابل إطلاق سراح المعتقلين من عناصر حماس في الضفة الغربية وفتح المقار الاجتماعية القريبة من حماس.

في غضون ذلك، تضاربت الأنباء بشأن قرب استئناف الحوار بين الحركتين المتنافستين وكذلك نجاح قياديين من حركتي “حماس” و“فتح” في الضفة الغربية في التوصل إلى ورقة تفاهم تصلح لتكون أرضية لانطلاق حوار معمق بين الجانبين. فقد نفت قيادات في حركة “فتح” الأنباء التي ترددت عن التوصل لتفاهمات مشتركة بين الحركتين لاستئناف الحوار، مؤكدة على قرار الحركة عدم إجراء أي حوار مع “حماس” إلا بعد تراجعها عن الانقلاب والتقيد بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية. وشددت على أن اتصالات القيادات الفتحاوية بقيادات حماس “تتم بشكل غير رسمي حيث لم يكلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أي شخص من حركة فتح بإجراء أي حوار مع حماس”.

ومن جهته، الناطق باسم حماس فوزي برهوم المحسوب على فريق المتشددين، استبعد التوصل إلى اتفاق قريب مع «فتح»، مشدداً على أنه لا تغيير في موقف حماس، نافياً نية حركته تسليم أي وزارات أو مقرات للسلطة الفلسطينية، واعتبر برهوم أن كل ما يقال عن لقاءات تجمع الحركتين في بلاد عربية حتى الآن، هي تكهنات إعلامية، تستند إلى مبادرات قدمتها قوى فلسطينية، في إشارة إلى المبادرة التي سبق وأن تقدمت بها الجبهتان الشعبية والديمقراطية وحركة الجهاد الإسلامي للخروج من الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون منذ سيطرة حماس على قطاع غزة. وتضمنت مبادرة الفصائل الفلسطينية الثلاثة «تسليم الوزارات المدنية كخطوة أولى، على ان تسلم المقرات الأمنية على طاولة المفاوضات».

وكان القيادي في «حماس» حسين أبو كويك كشف أن قياديين من حركته وحركة «فتح» في الضفة الغربية من بينهم رفيق النتشة وجبريل الرجوب وقدورة فارس، توصلوا إلى ورقة تفاهم تصلح لتكون أرضية لانطلاق حوار حقيقي بين الجانبين «باطلاع من الرئيس محمود عباس وبموافقة تامة من قبله، وبتنسيق كامل مع قيادة حركة «حماس» في الداخل والخارج».

وأبرز ما تضمنته الورقة من بنود هو «رفض سياسة التعامل بالقوة مع الخلافات الفلسطينية الداخلية بين فتح وحماس، إلى جانب احترام الشرعيات الفلسطينية ككل لا يتجزأ، خصوصاً شرعية الرئيس عباس وشرعية المجلس التشريعي المنتخب». وتشدد الورقة على أهمية «التمسك بقطاع غزة والضفة كوحدة جغرافية وسياسية واحدة، ووجوب احترام التداول السلمي للسلطة، واحترام خيار الشعب الفلسطيني الذي جاء من خلال صناديق الاقتراع».

وتنص الورقة على «ضرورة إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية ومهنية بعيداً عن سيطرة أي أجندات خارجية»، فضلاً عن تضمنها تفاهمات «على آلية تشكيل حكومة مركزية تعنى بشؤون الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة على حد سواء». وتؤكد أهمية «وقف الممارسات غير القانونية كافة ضد المواطن الفلسطيني في الضفة وغزة، وعلى رأس ذلك إطلاق كل المعتقلين على خلفية الانتماء السياسي، ووقف تقييد الحريات العامة واستهداف الجمعيات والمؤسسات بالتزامن مع وقف الحملات الإعلامية المتبادلة ولغة التجريح والاتهامات».

على صعيد ذي صلة، قالت أوساط سياسية وإعلامية عربية ان كلا من الرياض والقاهرة ودمشق تدرس وبصورة منفصلة إمكانية وضع مبادرة شاملة تتجاوز الحال الفلسطيني الداخلي نحو بحث مسائل مهمة ووضع حلول لها تكون نقطة الانطلاق باتجاه حل المشاكل الداخلية الفلسطينية وإنهاء الأزمة الخطيرة الصعبة في الساحة الفلسطينية، ومن بين هذه المسائل وقف إطلاق القذائف من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، وفك الحصار عن القطاع واطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط وفق صفقة متفق عليها بين حماس وتل أبيب، وعندها سيكون بالإمكان الانطلاق باتجاه حل المشاكل الداخلية الفلسطينية.

وذكرت هذه الأوساط أن الإعداد لهذه المبادة قد بدأ فعلاً، وسوف تتضمن ترتيبات من عدة مراحل، المرحلة الأولى تركز على إنهاء القضايا العالقة التي كانت تشكل خطراً على التفاهم السابق بين حماس وفتح، وتمنح إسرائيل ذريعة للقيام بعمليات عسكرية تزعزع الاتفاقيات المبرمة، وهناك مرحلة الانتقال العربي لحل المشاكل الفلسطينية الداخلية. وأضافت أن العواصم العربية أبلغت الفلسطينيين ان الاتصالات السياسية الحالية والمفاوضات المرتقبة تحتاج إلى صف فلسطيني موحد ، وبالتالي، كانت الحاجة لمبادرة عربية تعرض بداية على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كذلك، الطلب من حماس عدم تنفيذ عمليات مسلحة ضد إسرائيل في هذه المرحلة، خاصة وأن حركة حماس «من مصلحتها استئناف الحوار ، في ضوء نجاح لقاء انابوليس».

على صعيد آخر، استند الناطق الرسمي باسم حركة فتح، أحمد عبد الرحمن إلى نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة بانوراما واظهر أن 74% من المواطنين يرون ان الوسيلة للخروج من الأزمة الداخلية الراهنة تكمن بحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات مبكرة، وطالب بإجراء انتخابات مبكرة على اعتبار أنها “الحل الأمثل للخروج من الأزمة الداخلية وذلك بعد تراجع حماس عن سيطرتها على قطاع غزة والتوافق على إجراء تلك الانتخابات”.

وقال عبد الرحمن ان ما لدينا من معطيات توضح أن الشعب الفلسطيني هو أكثر ميلاً لإجراء انتخابات عامة، ولكن الأولوية الأولى قبل قضية الانتخابات هي إنهاء الانقلاب والتوافق على أن الأساس هو إجراء انتخابات جديدة.

وشدد عبد الرحمن على أن سيطرة حماس على غزة بقوة السلاح ألحق خطراً كبيراً بمبدأ تداول السلطة عبر الانتخابات وعبر العملية الديمقراطية، وأضاف لا بد في حال البحث الجدي لإنهاء حالة الانفصال والانقلاب في قطاع غزة ان لا يتم البحث في إحياء القوى التي دمرت العملية الديمقراطية، بل لا بد من العودة الى الشعب الفلسطيني ليأخذ القرار الصائب في اختيار من يمثله ومن سيقوده في المرحلة القادمة، حسب رأيه.

تزايد المؤشرات على قرب استئناف الحوار الفلسطيني
 
13-Dec-2007
 
العدد 6