العدد 35 - كتاب
 

يتردد بين آونة وأخرى تعبير «القاعدة الاجتماعية للنظام». الأزمات الاقتصادية والتحديات الأمنية هي من المناسبات التي يتم فيها تداول هذا التعبير، وذلك للتدليل على أهمية حفظ القاعدة الاجتماعية والحرص على توسيعها.

التعبير لا يخلو من لبس.فقد جرت العادة أن تتحدث مؤسسات حزبية وأهلية عن قواعد أي عن جمهور لها، فيقال إن للحزب الفلاني قاعدة واسعة، أو أن مؤسسة اقتصادية ما تحظى بقاعدة عريضة من المستهلكين. أما قاعدة الدولة او النظام فهي الشعب كله : المواطنون جميعاً، حماة وبناة الوطن معاً. وفي بلدان أخرى يتم استخدام تعبير الناخبين أو دافعي الضرائب، للتدليل على مجموع الناس الذين يشكلون القاعدة الاجتماعية والمادة البشرية للدولة، وبالذات من الناشطين والمنتجين.

عندنا في الأردن يتم، في الغالب، استخدام التعبير للإشارة الى مجموعات بعينها و ربما مناطق بذاتها. ويتساءل المرء عن التسويغ «العلمي» لتشخيص الأمور على هذا النحو. وهناك من تأخذه الحماسة والغلو فيتحدث عن تقلص وحتى تآكل القاعدة الاجتماعية للدولة في بعض المحطات، وذلك في محاولة للتهويل وفرض أجندة معينة.فيما يتم استبعاد مكونات المجتمع الأخرى عن الاندراج في القاعدة الاجتماعية المفترضة والمزعومة، فلا يهم.. تقلصت تلك المكونات أم زادت.

لعل منبت التعبير المستخدم يعود الى قوى اجتماعية تشكلت منها أنوية جيش الإمارة في عشرينيات القرن الماضي، وقوى أخرى بايعت الأمير عبدالله المؤسس. غير أنه منذ ذلك التاريخ، فقد ضم جيش الإمارة (الجيش العربي) مكونات شتى،وبدأت تتسع باطراد القاعدة الجماهيرية للدولة وتضم سائر المواطنين بمن فيهم المعارضون السياسيون.

في زماننا الراهن، ومنذ بدء مرحلة التحول الديمقراطي فقد خلا المجتمع خلواً شبه تام من راديكاليين انقلابيين، وبات أشد المعارضين تطرفاً في مراحل سابقة جزءاً من نسيج اجتماعي قوي يؤمن ايماناً راسخاً بشرعية الدولة والنظام، ويمارس حركه تحت مظلة القانون، وتلك من مزايا الديمقراطية التي تشيع مناخاً يذوي فيه التطرف.هذه الحالة العامة التي يرتضي فيها الجمهور بشرعية الدولة والتداول السلمي على السلطة التنفيذية، هي التي تمثل القاعدة الاجتماعية للنظام، وتضم سائر العاملين في السلك المدني والعسكري والناخبين ومؤسساتهم التمثيلية ومن منتجين، وسواهم من طلبة وعاملين في قطاعات مختلفة ومن أجيال متعاقبة.

القاعدة الاجتماعية للدولة الأردنية أوسع بكثير مما تشي به بعض الكتابات، وهي ثابتة على العموم وغير متقلبة. درجة الرضى العام عن السياسات الحكومية، هي القابلة للتقلص أو الاتساع بين مرحلة وأخرى، وليس من سداد الرأي الخلط بين هذه وتلك.

محمود الريماوي: القاعدة الاجتماعية أوسع بكثير
 
17-Jul-2008
 
العدد 35