العدد 35 - استهلاكي
 

محمد العرسان

تحت جنح الظلام يتسلل صهريج مياه أخضر اللون، ما يعني أنه مخصص لنقل المياه الصالحة للشرب، ويقف دون أن يلحظه أحد، تحت لوحة كتب عليها "غير صالح للشرب"، ومن ذلك النبع يبدأ صاحب الصهريج في تعبئة صهريجه لبيعه بعد ذلك على أنه "مياه صالحة للشرب"، بأسعار تصاعدت حدتها في الصيف الحالي في صورة خاصة.

ينتشر كثير من هذه الينابيع التي تعرف باسم "ينابيع البحاث"، في مناطق وادي السير ومرج الحمام ومناطق أخرى من عمان أو المناطق المحيطة بها، ومنها يعبئ بعض أصحاب صهاريج المياه حمولتهم لبيعها للمواطنين على أنها صالحة للشرب، وهو أمر لا ينكره بعض أصحاب هذه الصهاريج.

صاحب الصهريج، عزيز، اشتكى من هذه الممارسات التي "أفقدت الناس ثقتهم بصهاريج المياه كافة"، على حد قوله، ويضيف: "يقوم عدد من ضعاف النفوس من أصحاب الصهاريج ببيع المياه الزراعية على أنها مياه صالحة للشرب وذلك بهدف الربح المادي السريع".

ولا تنكر وزارة المياه والري وجود هذه الممارسات من قبل بعض أصحاب الصهاريج. يقول مساعد أمين عام وزارة المياه والري، عدنان الزعبي،: "هنالك بعض الينابيع لها المسجلة لدى دائرة الأراضي والمساحة على أنها مخصصة للري، "لكن بعض أصحاب الصهاريج يستغلون هذه الآبار ويستغفلون الناس ويقومون في ساعات الليل بتعبئة المياه منها وبيعها".

وبضيف الزعبي إن الوزارة قامت بترخيص خمسين بئراً لغايات الشرب في أنحاء المملكة كافة، وبحسب قانون المياه الجوفية فإن أي بئر يستخدم لغير الغايات المخصص لأجله يغلق، وأي صهريج يبيعها على أنها صالحة للشرب يخالف ويحجز الصهريج، لذلك خصصنا نوعين من الصهاريج: صهاريج خضراء للمياه الصالحة للشرب، وأخرى زرقاء غير الصالحة للشرب.

وزارة الصحة، الجهة المختصة بمتابعة سلامة المياه تقول: إن رقابتها مشددة في هذا المجال. يقول مدير صحة البيئة المهندس صلاح الحياري، "نقوم بفرض رقابة مشدده على صهاريج المياه الخضراء المخصصة لمياه الشرب. لكن، رغم كل جهود الرقابة التي تبذل لا يخلو الوضع من وجود المخالفين. هؤلاء أناس سولت لهم أنفسهم الربح غير المشروع بدون تكلفة،" مشيراً إلى قيام المديرية خلال العام الماضي بنحو 2,400 كشف تفتيشي على صهاريج المياه، حيث ضبط عدد من المخالفين واتخذت الإجراءات القانونية بحقهم، وخلال النصف الأول من هذا العام قمنا بحوالي 1400 كشف على هذه الصهاريج وتم تحرير 160 مخالفة."

وناشد الحياري المواطنين "عدم شراء المياه من الصهاريج إلا بعد الاطلاع على إشعار من البئر يوضح مواصفات المياه ومصدرها، كون هذا الإشعار دليلاً على أن صاحب الصهريج حصل على المياه من مصدر مراقب صحياً".

الأسعار المرتفعة قضية لا تقل أهمية عن بيع المياه الملوثة للمواطنين، إذ يقوم بعض أصحاب الصهاريج ببيع المياه بأسعار تفوق السعر المخصص، والسبب "عدم مناسبة السعر الحالي، والبالغ نصف دينار للمتر المكعب داخل عمان، بسبب غلاء مادة الديزل لذا يقومون برفع السعر على المواطن، فعلى سبيل المثال يبيع مجدي، سائق صهريج، "صهريج الماء سعة 7 أمتار بنحو 14 ديناراً لتقليل الفارق من ارتفاع المحروقات.

وحول الرقابة على أسعار صهاريج المياه يقول مدير مديرية مراقبة الأسواق، المهندس وليد الخطيب، إنه، ضمن خطة وزارة الصناعة والتجارة في الرقابة على الأسواق، تم إلزام أصحاب الصهاريج وضع السعر على الصهريج والإلتزام بالسعر المعلن، وبعد أزمة المياه قام موظفو الوزارة بجولات تفتيشية مشددة على صهاريج المياه في جميع المحافظات، ووجدوا أن بعض الصهاريج لم يعلن السعر، وهذا يعني أنها مخالفة، خصوصاً وأن بعض الصهاريج كان يبيع بأسعار تزيد على السعر المعلن. وأضاف: "خاطبنا مديرية الأمن العام حتى تخاطب دائرة الترخيص مطالبين بعدم ترخيص أي صهريج إلا أن يكون معلناً لسعره."

وبيّن الخطيب أن قانون الصناعة والتجارة يلزم صهاريج بيع مياه الشرب، إعلان أسعار المياه والالتزام بالبيع بحسب السعر المعلن وتحديد مصدر المياه، مؤكداً أنه لن يتم التهاون في إحالة أي مخالف يتم ضبطه إلى القضاء.

مواطنون يتناولون مياهاً غير صالحة للشرب
 
17-Jul-2008
 
العدد 35