العدد 34 - أردني
 

خليل الخطيب

السيناريو مألوف ومكرر مع كل حكومة تقريبا، يبدأ الأمر بالإعلان عن نية الحكومة التقدم في واقع الحريات الإعلامية نحو مجال أرحب من احترام الحق في التعبير عن الرأي وحقوق الإنسان بعامة.

بعد ذلك تخطو الحكومة خطوتها التالية، التي تتمثل في تغيير بعض أو كل مجالس إدارات المؤسسات الإعلامية، وقد يشمل ذلك التغيير رئيس تحرير جريدة الرأي.

تغيرات في الشكل، لكن المضمون أن الحكومة تعين أزلامها في هذه المواقع كأعطيات ومكافآت والنتيجة: لا رفع لسقف الحريات، ولا مشاركة سياسية.

ليس المطلوب اختراع العجلة، فقد شكل الملك لجنة أجندة ملكية لوضع رؤية للبلاد للعشر سنوات المقبلة. وقد جاء في الأجندة حول الإعلام:

1- تأكيد حق الأردنيين في امتلاك وسائل الإعلام، كأفراد أو من خلال مؤسسات أو جمعيات أو أحزاب أو شركات خاصة أو عامة، دون أي معوقات وضمن أحكام قوانين الهيئات المنظمة المختصة.

2- تحديد مساهمات الحكومة، المباشرة أو غير المباشرة، في ملكية وسائل الإعلام بحيث لا تتجاوز نسبة معينة وينظر في وضع نظام خاص يفصل بين الملكية والتحرير.

3- منع موظفي الدولة وأجهزتها من فرض الرقابة المسبقة على وسائط الإعلام الجماهيري أو توجيهها أو التدخل في استقلاليتها.

4- عدم جواز توقيف أي صحفي، وإحالة القضايا كافة إلى القضاء، وعدم جواز تعطيل أو إغلاق أو سحب رخص وسيلة من وسائل الإعلام الجماهيري إداريا لأي سبب كان، إلى أن يفصل القضاء في أي قضية مرفوعة على هذه الوسيلة.

5- إلغاء المجلس الأعلى للإعلام. وتعمل الدولة على تشجيع ممثلي وسائل الإعلام الجماهيري على تشكيل مجلس مستقل خاص بهم.

6- إنشاء هيئة لتنظيم قطاع الإعلام، وتنضوي تحتها كل من هيئة الإعلام المرئي والمسموع ودائرة المطبوعات والنشر.

7- منع أي موظف أو مسؤول في الحكومة أو أجهزة الدولة، تحت طائلة القانون، من تقديم أي معونة أو هبة مالية أو عينية لمالك أو رئيس تحرير مسؤول أو مدير تحرير أو أي صحفي عامل أو كاتب في أي من وسائل الإعلام الأردنية.

8- إلغاء إلزامية العضوية للصحفيين في نقابة الصحفيين الأردنيين انسجاما مع المادة العشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

في مقابل هذه الأجندة المتطورة فإن الحكومات الأردنية المتعاقبة تجاهلت موضوع الحرية الإعلامية وحينما تطرقت إليه كان تطرقها خجلا وعموميا.

حكومة عبد الرؤوف الروابدة لامست جانب الحرية الإعلامية من زاوية محافظة، حيث جاء في ردها على كتاب التكليف "سنعمل على إشاعة جو الاعتدال والوسطية في إطار من التوازن الواعي من المسؤولية يضمن الانضباطية العامة."

حكومة أبو الراغب الثالثة أكدت استمراريتها في دعم الإعلام "ستستمر حكومتي في إيلاء الإعلام الأردني عناية خاصة ليستجيب إلى طموح جلالتكم بأن يكون إعلام وطن يؤدي دوره بشكل حضاري يعكس رسالة الثورة العربية الكبرى." والتزمت حكومتا عدنان بدران وفيصل الفايز بما التزمت به قبلهما حكومة أبو الراغب. حكومة البخيت أشارت في ردها على كتاب التكليف إلى أن تشكيلها تزامن مع "صدور توصيات لجنة الأجندة الوطنية"، مؤكدة أنها، أي الحكومة، ستتخذ من توصيات لجنة الأجندة "البوصلة" التي ستهتدي بها لـ"تطبيق الإصلاحات" التي وجه الملك الحكومة لتطبيقها في كتاب التكليف.

أما حكومة نادر الذهبي فقد التزمت بما التزمت به حكومة البخيت من تطبيق لتوصيات لجنة الأجندة الوطنية، ولكنها ما تزال تفعل ما فعلته حكومة البخيت من قبلها "الحكومة ستعمل على تجذير الإصلاح السياسي عبر الاستمرار في برنامج التصحيح السياسي وتعزيز المشاركة الشعبية وتنمية الحياة الحزبية، مسترشدين بالمبادئ التي تم التوافق عليها في وثيقتي الأجندة الوطنية وكلنا الأردن".

مرة أخرى، نؤكد كعاملين في حقل الإعلام، بأننا لا نريد من الحكومة أن "تخترع العجلة"، وإنما أن تطبق مبادئ الأجندة الوطنية المتعلقة بالحريات الإعلامية و"كفى الله المؤمنين شر القتال".

الإعلام في الأجندة الوطنية: نار هادية لا يراها أحد
 
10-Jul-2008
 
العدد 34